اثر جائحة كورونا على القطاع التعاوني الفلسطيني
تواجه الجمعيات التعاونية في القطاع التعاوني الفلسطيني العديد من التحديات المتعلقة بعمل الجمعيات واستدامتها على تقديم خدماتها للأعضاء خاصة في الظروف الحالية الصعبة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية في ظل الأزمة المالية الحالية وتبعات جائحة كورونا. فالقطاع التعاوني كغيره من القطاعات الاقتصادية التي تعتمد بالدرجة الأولى على مساهمات الأعضاء بعيدا على المساعدات الخارجية إذا ما التزمنا بمبدأ العمل التعاوني واستثنينا بعض الجمعيات التي حصلت على منح من بعض الداعمين، فقد تأثر القطاع التعاوني بدرجة كبيرة خاصة على صعيد تسويق المنتجات التعاونية مع تزايد حالة الركود الاقتصادي الحاصلة في الفترة الحالية.
وأشارت هيئة العمل التعاوني بان معظم التعاونيات العاملة قد تضررت سواءً من الجوانب المالية او من الجوانب الإدارية والتنظيمية او في جوانب تقديم الخدمات التعاونية للأعضاء، أو جوانب التوسع والتطوير.
وبشكل عام فقد تم رصد مجموعة من التأثيرات على التعاونيات في القطاعات المختلفة ( الزراعية والاسكانية والحرفية والخدماتية والاستهلاكية ) كما يلي:
- عدم قدرة الأعضاء على دفع مستحقات التعاونية المالية سواء كانت ثمن الخدمات المقدمة او سداد قروض او اشتراكات ومساهمات رأسمال التعاونية.
- عدم قدرة لجان الادارة على تسيير أمور التعاونيات الإدارية، وبما يشمل عقد اجتماعات لجان الإدارة، واجتماعات الهيئات العامة، ومتابعة أمور تنظيمية مع هيئة العمل التعاوني، وإقرار الميزانيات، ومتابعة المؤسسات الشريكة وخاصة التمويلية. وكذلك، تعطل تنفيذ بعض أنشطة بناء القدرات والتدريب والورش التوعوية، وتأخير بعض المعاملات مع بعض الوزارات والهيئات، والتي من ضمنها متابعة الجمارك والضرائب وتسجيل الأراضي والتراخيص لبعض المنشآت.
- ضعف قنوات التسويق لمنتجات بعض التعاونيات مثل تسويق العسل، ووقف أنشطة التصدير خاصة لمنتجات زيت الزيتون والاعشاب الطبية وبعض الخضروات ومنتجات التعاونيات النسوية مثل المفتول والمخللات ومنتجات الالبان.
- تراجع انتاج التعاونيات الحرفية وتعاونيات التصنيع الغذائي نتيجة القيود على الحركة ونقل المنتجات اثناء الاغلاق.
- تراجع مبيعات معظم التعاونيات وخاصة الزراعية والاستهلاكية نتيجة ضعف القدرة الشرائية للأسر.
- ثبات تكاليف التشغيل بالرغم من انخفاض الإيرادات، حيث تم دفع مخصصات رواتب العاملين والعاملات في التعاونيات بغض النظر عن عدد أيام وساعات العمل، وكذلك دفع كافة النفقات التي تتعلق بالإيجار والاتصالات والطاقة، علماً بان إيرادات معظم التعاونيات تراجعت سواء كانت استهلاكية أو زراعية أو حرفية أو خدماتية.
- توقف بعض المشاريع التطويرية في التعاونيات نتيجة عدم وصول الأجهزة والمعدات اللازمة للتشغيل وعدم عقد ورش التدريب والاشراف اللازمة لتشغيل بعض خطوط الإنتاج، وتوقف أنشطة تأهيل معاصر الزيتون، وتوقف اعمال تجهيز بعض المباني.
- توقف بعض المشاريع الإنتاجية بشكل كامل في بعض التعاونيات الحرفية، خاصة تلك العاملة في التصنيع الغذائي، حيث توقف بالكامل إنتاج رب البندورة، وتوقف العمل في كافتيريا أو صالة أفراح لبعض التعاونيات، كما توقف تصنيع الكمبوست في تعاونيات أخرى.
- تأخرت عملية توريد مدخلات الإنتاج للعديد من التعاونيات الزراعية والحرفية والخدماتية والاستهلاكية، كما تأخر وصول بعض المعدات واللوازم.
- التأخر في أعمال البناء في بعض التعاونيات الاسكانية الفاعلة.
- ضعف السيولة المالية عند التعاونيات.
- تضررت بعض الخدمات ذات العلاقة بتشغيل النساء مثل ضمان المقاصف المدرسية، الامر الذي أدى الى تلف البضاعة نتيجة الاغلاق، واغلاق خدمات بعض المطاعم التي تديرها تعاونيات.
- الحد من قدرة التعاونيات على توسيع العضوية او تقديم الخدمات للأعضاء الجدد، كما وتأخرت إجراءات تسجيل وتشغيل تعاونيات جديدة. إضافة الى ذلك، توجه بعض الأعضاء الى الانسحاب من التعاونيات بسبب الحاجة الى قيمة مساهماتهم المالية.
- عدم قدرة العديد من تعاونيات التوفير والتسليف على تقديم قروض للأعضاء نتيجة ضعف السيولة.
- تضرر تعاونيات النقل (بيت اكسا، وقطنة) نتيجة توقف حافلات النقل عن العمل، والتزامها بدفع تكاليف التشغيل.
وبالرغم من ضعف الإمكانيات المادية للتعاونيات في فلسطين بشكل عام، وتأثر خدماتها ومشاريعها من الإجراءات الحكومية المتخذة للحد من الجائحة، الا أن العديد من التعاونيات وفي اطار التزامها في قيم ومبادئ العمل التعاوني، وخاصة قيمة التضامن ومبدأ العمل التعاوني، قد ساهمت في الجهود الوطنية الرسمية والشعبية الرامية للحد من آثار الجائحة الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع الفلسطيني.
وتركزت مبادرات التعاونيات المجتمعية في التبرعات النقدية المباشرة للأسر المحتاجة، وللمؤسسات الوطنية ذات العلاقة، وتقديم الطرود الغذائية للأسر، وتوزيع منتجات التعاونيات الزراعية والحرفية، وتأجيل المستحقات المالية على الأعضاء وغير الأعضاء، بالإضافة الى دور بعض التعاونيات في تجنيد متطوعين لدعم لجان الطوارئ في القرى والأحياء.
وبين تقرير صادر عن هيئة العمل التعاوني في الثلث الأول من شهر أيار، وبناء على معلومات أولية من المحافظات الشمالية بان 71 تعاونية قد ساهمت في تنفيذ 106 مبادرات مجتمعية، تقدر قيمة هذه المبادرات بحوالي مليون شيكل، وقد استفاد منها مجموعة من الأسر المحتاجة بشكل مباشر، وصندوق وقفة عز، ولجان الطوارئ وغيرها من اللجان، والمحجور عليهم ومرضى الكورونا، بالإضافة الى أعضاء التعاونيات وأسرهم.
ومن مجمل ما سبق نرى بأن القطاع التعاوني من القطاعات الحيوية التي أثرت وتأثرت من جائحة كورونا وما نتج عنها من إغلاقات وسياسات للمساهمة في الحد من انتشار الوباء، ولكن وفي المحصلة ندعو الجميع للمساهمة في دعم القطاع التعاوني في فلسطين خاصة وأنه يساهم وبشكل مباشر في دعم اقتصاد المئات من الأسر الفلسطينية وعشرات الألاف من المستفيدين من عمل الجمعيات التعاونية المنتشرة في مختلف محافظات الوطن، خاصة وأن العمل التعاوني يعتمد وبالأساس على مساهمات الأعضاء التعاونيين وخبراتهم في هذا المجال الحيوي والهام في دعم الاقتصاد الفلسطيني.