سفانة البكري "حاضنة ريادة المرأة أسرتها ثم قوانين وتسهيلات داعمة"
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
قضت سفانة البكري سنوات طفولتها السبع الأولى في بنغازي الليبية حيث ولدت، ثم كعادة أي فلسطيني يشده الحنين لجذوره عاد والدها لوطنه والى الخليل مسقط رأسه وبرفقته سفانة وإخوتها.
التعليم .. اللبنة الأولى
كان والد سفانة محبا للتعليم، فكان همه الأول أن يحصل أبناءه على حقهم في الدراسة الجامعية قبل الزواج، بينما كان الأبناء ومن بينهم سفانة ساعده الأيمن في عمله في العناية بالأرض والزراعة.
وكحال أي أسرة عائدة من الغربة فإن البدايات تكون لها خصوصيتها، حيث أن الاستقرار يحتاج المال، فكان الوالد برفقة أبنائه ووالدتهم يعمل في زراعة العنب وأعمال أخرى شبيهة ليتسنى له تغطية نفقات تعليم أبنائه وتهيئة الظروف المناسبة لهم، فكان لسفانة أن حظيت بالسند الأول وهو الدها الذي لم يوفر جهدا في دعمها ومدها بالثقة التي تمنحها القوة لمجابهة الحياة والنهوض لتحمل اسمه بحب وفخر.
تلقت سفانة تعليمها الجامعي في جامعة الخليل، تخصص إدارة الأعمال، ومن هنا بدأت تخط طريقها في مجال ريادة الأعمال بالعمل في شركات خاصة.
خطواتها الأولى في عالم الأعمال
كانت نقطة التحول الرئيسية في حياتها حين تلقت مكالمة هاتفية من عميد كلية التمويل والإدارة في جامعة الخليل الدكتور سمير أبو زنيد ليخبرها عن مشروع الهاتف الخلوي الذي سيتم إطلاقه من خلال شركة الاتصالات الفلسطينية جوال، حيث تواصلت الشركة معه ليزودهم بأفضل الخريجين الذين يثق بهم وبقدراتهم، وكانت سفانة من بينهم، فتقدمت لامتحان القبول في الشركة وحصلت على أفضل تقييم، ومن هنا وضعت أولى خطواتها في عالم الأعمال، حيث تدرجت من موظفة الى مسؤولة ومديرة قسم خبرات المشتركين.
عشرون عاما قضتها سفانة في شركة جوال، لكنها لم تكن مجرد أرقام تمضي، إنما في كل عام كانت ترتقي بذاتها وتصقل خبرتها بدعم معنوي من مدرائها.
قرار ريادي جريء
بعد سنواتها العشرين في الشركة قررت سفانة أن تكتفي بما قضته من سنوات في حياتها الوظيفية، وقررت الخروج لعالم الريادة بإنشاء عملها الخاص، فبدأت تخطط لذلك وتعد العدة للانسلاخ عن الحياة الوظيفية.
انطلقت سفانة بتشجيع العائلة بخطواتها الأولى لإنشاء مطعم زورنا التركي، وكان التفكير بأن يكون مطعما متميزا مختلفا عن باقي المطاعم، ولماذا مطعم تركي؟ فكان الاختيار يتعلق بمدى حب الفلسطينيين لتركيا وشعبها وطعامها، فتم إنشاء المطعم عام 2017، وبعد عامين كان الانفصال التام عن الوظيفة في جوال للتفرغ للمشروع.
قدمت الدعم كما تلقته
لم يكن الزواج أو الأطفال معيقين لسفانة في مسيرتها المهنية في عالم الأعمال، بل كانوا الداعم لها بما مدوها به من مشاعر جميلة حين كانت تمضي في طريقها نحو الريادة.
سفانة كانت الإبنة الكبرى لوالدها، فكانت لا تنتظر الدعم بقدر انتظارها تقديمه لعائلتها واخوتها، شعور المسؤولية تجاههم لم يكن يفارقها، فعملت لأجلها ولأجلهم، لتكون قدوتهم وقائدتهم نحو التميز والعطاء، وقطاعات الأعمال التي عملت بها مدتها بالثقة بالنفس بقدرتها على النجاح في كل مرحلة وإثبات نفسها بين بقية الموظفين وفي كافة الظروف.
تقول سفانة أن كونها امرأة لم يكن معيقا يوما لها، فهي تؤمن بدورها كامرأة فلسطينية عليها اثبات جدارتها في كل مكان وعلى كافة الأصعدة محليا ودوليا واقليميا، فكانت في كل الدورات التدريبية التي تتلقاها وورش العمل التي تحضرها تترك بصمة المرأة الفلسطينية الشامخة العصية على الانكسار.
في النساء تكمن قوة التغيير
ترى سفانة أن قطاع ريادة الأعمال يحتاج لوجود قوي للمرأة، داعية الجهات المختصة كافة لدعمها في كافة الجوانب القانونية وغيره، وتقديم التسهيلات لها للنهوض بأعمالها.
كما دعت عائلات النساء لتكون الحاضنة الأولى لنجاحهن، مشددة على أهمية دعم الآباء والأمهات والأزواج من حيث تزويدهن بالتعليم اللائق والتربية الصحيحة التي تجعل منهن قائدات لا منتظرات الاستظلال برجل.
كما شددت على أهمية التعليم للنساء، وضرورة تمسكهن بهذا الحق الذي هو من أبسط حقوقهن، مع ضرورة الإيمان بالذات والعمل بجد وتواصل ومثابرة دون توقف لأي سبب او ظرف كان، فـ "لا مستحيل مع العمل والمثابرة".