"مؤسسة الأميرة بسمة" في القدس تستأنف العمل رغم تراجع إيراداتها بنسبة 50%
بوابة اقتصاد فلسطين
لم تقتصر تداعيات تفشي فيروس كورونا في القدس الشرقية على الوضع الاقتصادي والحد من العديد من الأنشطة الاجتماعية، بل ألقت بثقلها على قطاع تأهيل ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، مما يهدد بإعاقة المؤسسات الخدماتية المعنية عن الاستمرار في تقديم خدماتها لهذه الفئة المهمشة والتي تحتاج إلى تكثيف الدعم من أجل تمكينها من الاندماج في المجتمع.
وعلى الرغم من تداعيات وباء فيروس كورونا، إلا أن مؤسسة الأميرة بسمة في القدس، وهي عضو في شبكة مستشفيات القدس الشرقية، باشرت إجراءاتها وبدأت بالعودة تدريجياً لاستئناف خدماتها واستقبال الأطفال من ذوي الإعاقة من مختلف المحافظات، وذلك في غضون ما تواجهه المؤسسة من معضلة في محاولتها للخروج من الأزمة المالية التي تعمّقت مع تفشي الوباء وإغلاق المؤسسات خلال الأشهر الثلاث الماضية. ويؤكد إبراهيم فلتس مدير عام المؤسسة أن قيمة العجز المالي ستتخطى (2,000,000) شيكل مع نهاية الحالي، حيث تراجعت إيرادات المؤسسة إلى 50% بسبب توقف خدمات المؤسسة جراء منع التنقل ما بين المحافظات نتيجة تفشي الوباء. كما أن المؤسسة تواجه تحديات مرتبطة بالسيولة بسبب تراكم ديون مستحقة من السنوات السابقة على وزارة الصحة الفلسطينية بأكثر من 3,000,000 شيكل، حيث تتولى الوزارة تحويل بعض حالات الأطفال من ذوي الإعاقة وتغطية ما نسبته 70% من تكلفة علاجهم التأهيلي في المؤسسة.
وأردف فلتس أن مؤسسة الأميرة بسمة، والتي قدمت خدماتها لأكثر من 2600 طفل خلال عام 2019؛ تواجه عجزاً مالياً لسداد رواتب الموظفين والموظفات من معالجين ومعلمين وأخصائيين ومرشدين وإداريين في المؤسسة، إضافة إلى سداد فواتير الخدمات والموردين، لاسيما وأن موظفي المؤسسة واصلوا العمل والمتابعة عن بُعد مع أهالي الأطفال خلال فترة الطوارئ. موضحاً أن أسباب تراجع الإيرادات تعود إلى اضطرار المؤسسة للتوقف عن استقبال الأطفال خلال فترة الطوارئ، خاصة الأطفال المستفيدين من خدمات مركز التأهيل التابع للمؤسسة، والذي يُعد أحد أكبر مراكز التأهيل الوطنية في فلسطين.
وأوضح فلتس أن إيرادات مركز التأهيل، والذي قدم خدماته لأكثر من 1300 طفل من مختلف المحافظات خلال العام الماضي ويعمل فيه 63 موظفاً وموظفة، تراجعت بنسبة 67% مقارنة بإيرادات العام الماضي بسبب الإغلاق. هذا بالإضافة إلى تراجع إيرادات المدرسة الجامعة التابعة للمؤسسة بنسبة 27%، والتي تحتضن 454 طالباً وطالبةً منهم 173 طفلاً من ذوي الإعاقة والاضطرابات النمائية والعصبية وصعوبات التعلم.
وتعتبر المدرسة الجامعة والتي يعمل فيها 71 موظفاً وموظفة، نموذجاً فريداً في فلسطين لدمج الأطفال من ذوي الإعاقة والاضطرابات النمائية مع أقرانهم من الطلبة، من مرحلة رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة، وذلك في بيئة مدرسية مهيَّأة ومصممة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بوجود أخصائيين ومرشدين ومعلمين مؤهلين للتعامل مع احتياجات الطلبة.
وحول الديون المتراكمة على الحكومة الفلسطينية، بيّن فلتس أن إجمالي الديون تجاوز 3 مليون شيكل، حيث بلغت قيمة الديون على وزارة الصحة أكثر من 3 مليون و36 ألف شيكل، فيما بلغت الديون على الخدمات الطبية العسكرية أكثر من 455 ألف شيكل.
وناشد فلتس الحكومة الفلسطينية بضرورة سداد الديون لاسيما وأن مؤسسة الأميرة بسمة بحاجة ماسة لتغطية فورية لما قيمته 3 مليون شيكل حتى تتمكن من الاستمرار بتقديم خدماتها في الأشهر القادمة. مشيراً إلى أنه في حال تمكنت الحكومة من سداد إجمالي الديون فإن المؤسسة ستتمكن من مواصلة خدماتها لمدة عام كامل.
وأردف أن المؤسسة حافظت خلال السنوات الماضية على تغطية 30% من تكلفة العلاج من خلال المنح المقدمة من المؤسسات المانحة الدولية، والكنيسة الأسقفية العربية في فلسطين، والكنيسة الأنجليكانية في أمريكا، وعدد من المؤسسات الكنسية في العالم، ومؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني والمؤسسات المانحة المحليّة والدوليّة، إضافة إلى مساهمات فاعلي الخير من قطاع الأعمال وأبناء الوطن.
وعلى الرغم من ظروف الإغلاق والأزمة المالية، إلا أن مؤسسة الأميرة بسمة حرصت خلال الأشهر الماضية على مواصلة تقديم الخدمات عبر التواصل مع أهالي الأطفال ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة من خلال اللقاءات المرئية عبر الانترنت، ومتابعة حالات الأطفال في المنازل، وتزويد ذويهم بالإرشادات للتعامل الصحيح مع أطفالهم ضمن المنهجيات وخطط العمل الفردية التي صممها أخصائيو المؤسسة.
ولفت فلتس إلى أن المؤسسة أرجعت مؤخراً خدماتها النهارية للأطفال من منطقة القدس الشرقية، وبدأت باستقبال الأطفال من محافظات الضفة الغربية بما يشمل إعادة تفعيل خدمة المبيت للأطفال وأمهاتهم من الضفة الغربية وقطاع غزة بالتوازي مع اتباع كافة إجراءات العزل والوقاية والتعقيم لحماية الأطفال والأخصائيين والعاملين في المؤسسة.
وأكد أن المؤسسة تتبع أدق معايير الوقاية من فيروس كورونا، وقد تواجه نقصاً في معدات الوقاية والتعقيم من أجل الإستمرار بتقديم خدماتها بشكل كامل. مشيراً إلى أن المؤسسة تلتزم بإجراءات الوقاية وفق معايير اللجنة المشتركة للاعتماد الدولي (JCIA )، حيث نجحت مؤسسة الأميرة بسمة بالحصول على شهادة الاعتماد من اللجنة للمرة الثانية، والتي بموجبها تلتزم المؤسسة باتباع معايير الجودة في تقديم خدمات التأهيل.
وأضاف فلتس أن مؤسسة الأميرة بسمة بالقدس أعادت تفعيل العديد من خدماتها وأنشطتها التي اضطرت إلى إيقافها خلال فترة الطوارئ، لاسيما خدمات التشخيص وتقييم الحالات، سواء تلك التي يتم إجراؤها داخل المؤسسة أو خارجها عبر التعاون مع شبكة من المؤسسات ومراكز التأهيل الشريكة في محافظات الضفة، موضحاً أن إيقاف هذه الخدمات في الفترة الماضية أدى إلى عدم تمكن العشرات من العائلات من تشخيص حالة أطفالهم، ناهيك عن ما قد سببه الإغلاق والبقاء في المنزل من تراجع على حالة الطفل المصاب باضطرابات أو إعاقات مختلفة، خاصة إن لم يتم تشخيصه مبكراً والبدء في علاج تأهيلي وفق خطط مدروسة ومنهجية.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة استأنفت الزيارات الميدانية والتي كانت تواظب عليها أسبوعياً من خلال تخصيص فريق متعدد التخصصات، يتنقلون بين المدن والقرى في القدس ومحافظات الضفة، وذلك بهدف الاطلاع على حالات الأطفال في المراكز الشريكة وتشخيص الحالات. وأوضح فلتس أن المؤسسة نفذت العام الماضي 60 زيارة ميدانية، قامت من خلالها بتشخيص حالة حوالي 1300 طفل. كما اشتملت الزيارات الميدانية على تدريب المعالجين في المراكز الشريكة، ونشر الوعي والمساهمة في تطوير قدرات الأخصائيين والمعالجين.
وبسبب حالة الطوارئ، أفاد فلتس أن المؤسسة أوقفت برنامجها التدريبي لطلاب الجامعات بالشراكة مع 5 جامعات وطنية، والذي استفاد منه العام الماضي 42 طالباً وطالبةً ضمن تخصصات العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والعلاج النطقي والتعليم الخاص (صعوبات التعلم).
وكانت مؤسسة الأميرة بسمة قد نفذت خلال عام 2019 أكثر من 14 ألف جلسة علاجية للأطفال من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة المحولين من الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى أكثر من (2,300) جلسة علاجية للأطفال من منطقة القدس الشرقية. وشملت الجلسات العلاجية كلاً من العلاج الوظيفي والطبيعي والحسي والسلوكي والنطق والعلاج المائي وجلسات الدعم النفسي.
وتم افتتاح مؤسسة الأميرة بسمة عام 1965، ويقع مبناها على جبل الزيتون في القدس، وهي منظمة خيرية غير حكومية وغير ربحية يُعهد بها إلى الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية داخل أبرشية القدس. وتسعى المؤسسة إلى تمكين كافة الأطفال من ذوي الإعاقة في فلسطين من الوصول إلى الخدمات العلاجية والتأهيلية الشاملة والتعليم الجامع، ليكونوا قادرين على المشاركة والتأثير والتمسك بالأمل والحصول على فرص متكافئة. وتعمل مؤسسة الأميرة بسمة على تمكين ودمج الأطفال من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وعائلاتهم في المجتمع من خلال التأهيل والتعليم الشامل وتطوير ونشر أفضل الممارسات والتأثير على السياسات والتشريعات.
وتشمل الحالات التي تستقبلها مؤسسة الأميرة بسمة مختلف أنواع الإعاقات والاضطرابات من القدس ومحافظات الضفة وقطاع غزة، لاسيما الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، والأمراض العصبية والعضلية والهيكلية، وعجز الأطراف، والتشوهات الخلقية، ومتلازمة داون، والاضطرابات النمائية العصبية والتواصل (مثل اضطراب طيف التوحد ASD واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة ADHD).