خليل: إجراءاتنا بتقليص عجز الموازنة ناجحة... وهناك المزيد من خطط الإنعاش
حمزة خليفة_ بوابة اقتصاد فلسطين.
أدى التراجع المفاجئ للأنشطة الاقتصادية في فلسطين، بالإضافة للضغط الكبير على الموارد المالية للسلطة الفلسطينية، إلى تعريض موارد رزق الفلسطينيين لمخاطر عالية، حيث يستمر تأثير فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في الإضرار بالاقتصاد الفلسطيني بشدة.
هذا ما أورده تقرير المراقبة الاقتصادية الجديد للبنك الدولي الذي صدر الإثنين الماضي، والذي تحدث عن أبرز التحديات الحاسمة التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني خلال العام الجاري 2020.
وحول ما جاء في التقرير قال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء د. شاكر خليل في حديثه لـ "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن هذا التقرير جاء مقارباً لتقديرات الحكومة، ويتم أخذه بعين الاعتبار.
وأضاف: " نحن مدركون لوجود خسائر اقتصادية، حالنا حال باقي دول العالم التي تأثرت بفعل جائحة كورونا، ولكن بفعل سياسات الحكومة المتمثلة بالتوازن ما بين الصحة والاقتصاد استطعنا أن نتجنب خسائر فادحة فيما يتعلق بقطاع الصحة، وهذا لأننا كنا السباقين في الإجراءات الصحية".
وفي شهر مارس/ آذار الماضي، قامت الحكومة الفلسطينية بإجراء القراءة الثانية للموازنة العامة والتي تم إعدادها قبل أزمة كورونا، إلا أن الجائحة دفعتها نحو العمل بموازنة طوارئ.
وبحسب خليل، فإن التأثيرات اللاحقة لكورونا دفعت الحكومة إلى تقسيم خطط إنعاش الاقتصاد إلى شقين، الأول هو الإنعاش الاجتماعي الذي تم من خلال توسيع وزارة الشؤون الاجتماعية من قاعدة المستفيدين من خدماتها لتصل إلى الضعف تقريباً، وإنشاء صندوق وقفة عز الذي قدم المساعدات المالية لقرابة 70 ألف أسرة، بالإضافة إلى دفعة قادمة لنحو 20 ألف أسرة جديدة، الأمر الآخر قيام الحكومة بصرف رواتب الموظفين العموميين ورواتب الأسرى وذوي الشهداء من أجل تحريك الطلب الكلي في السوق.
أما الشق الثاني فيتمثل بإغاثة القطاع الاقتصادي، من خلال إنعاش الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضررا بفعل الجائحة، حيث أطلقت الحكومة بالتعاون مع سلطة النقد برنامجا بقيمة 300 مليون دولار هدفه دعم المنشآت المتضررة بقروض ميسرة، وبفوائد أقل بكثير من الفائدة السوقية، بالإضافة لرزمة من الحوافز الضريبية لعدد من القطاعات المتضررة وصلت في بعضها إلى إعفاء ضريبي كامل.
وتابع: " الاقتصاد الفلسطيني تضرر بالتأكيد، لكنه بحاجة لمزيد من الوقت كي يتحسن، ونحاول بذل أقصى جهد من أجل ذلك، وهناك العديد من خطط الإنعاش حتى نهاية العام الجاري 2020".
وبالعودة إلى تقرير البنك الدولي، فقد توقع انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة تتراوح بين 7.6% و11% هذا العام، بسبب جائحة "كورونا"، فيما أعرب البنك عن قلقه للاتساع الكبير في الفجوة التمويلية _العجز_ للموازنة العامة، والتي قد تصل إلى 1.5 مليار دولار.
وحول عجز الموازنة، قال خليل إن الحكومة اتخذت عددا من الإجراءات لتقليص هذا العجز من خلال الاقتراض المحلي، ومساعدة المانحين، وتخفيضات قوية في الإنفاق، ولو لم يتم اتخاذ هذه الخطوات لكان العجز في الموازنة سيصل إلى 2.6 مليار دولار.
من جهة أخرى يرى الخبير الاقتصادي طارق الحاج أن على الحكومة الفلسطينية أن تعيد صياغة أسس وآليات الإنفاق العام بتقليصه لأقل حد ممكن، وخاصة المتعلق بالمزايا والنثريات والذي يرهق الخزينة، كما يرى أهمية إعادة النظر فيما أسماه الشرائح الضريبية، من خلال السياسات المالية التي لا تمس رؤوس الأموال وأصحاب الثروات حسب وصفه، بل يقتصر تطبيق هذه السياسات على شرائح أصحاب الدخل.
وتابع: "لا بد من إعادة النظر بالقوانين المشرعة منذ تأسيس أول مجلس وطني فلسطيني والتي ما زالت سارية حتى اليوم، حيث منحت المسؤولين والوزراء والمحافظين وغيرهم مزايا عالية من رواتب شهرية وحوافز أو نثريات المكاتب أو الإعفاءات الجمركية أو السفر أو غيرها، وبرأيي أن هذه التشريعات وضعت في وقت كان الوضع المالي للسلطة الفلسطينية جيد، أما الآن فالوضع المالي متدهور، وإذا قامت الحكومة بهذه الخطوات مجتمعة فإنها ستتمكن من تخفيف حدة الفجوة".
ويبدو أن حجم الفجوة المالية في خزينة السلطة أكبر مما هو عليه الرقم بحالته المجردة، وهو ما أوضحه طارق الحاج حيث قال إن موازنة السلطة كاملة بلغت قرابة 5 مليار دولار والعجز بلغ 1.4 مليار دولار، وبهذه الحالة فإن نسبة العجز الحاصل في الموازنة كبير جداً، بالإضافة لوجود عجز تراكمي في الموازنة يصل لقرابة 6 مليار دولار، وهذا يعتبر بادرة نحو ركود اقتصادي وهو ما قد يتطور ليصبح كساداً إذا لم يتم معالجته.
وحول توقعات البنك الدولي لانكماش الاقتصاد الفلسطيني، قال الحاج أنه لا يوجد لدينا قوىً وقطاعات إنتاجية أو خدماتية تمكننا من استعادة عافيتنا الاقتصادية، وهو ما يعني أن الأداء السلبي سوف يلقي بظلاله على معظم القطاعات، وهو ما سيدفع الفلسطينيين بعيداً عنها سواءً للعمل أو الاستثمار، وربما يؤدي بهم للعمل داخل إسرائيل أو الهجرة للخارج.
وتجدر الإشارة، إلى أن السلطة الفلسطينية بحاجة ماسة لدعم عاجل لميزانيتها بما لا يقل عن 400 مليون دولار إضافية، للمساعدة في تنفيذ عدد من البرامج المتعلقة بحماية الفلسطينيين، وسبل عيشهم التي تأثرت بفعل جائحة كورونا.