الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية »
 
12 أيار 2020

باحث: تأثير كورونا على القطاع المصرفي "محدود جدا"

حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين

يشكل القطاع المصرفي الرافد الرئيسي للحكومة بالسيولة النقدية حين تتعثر ماليا، والسند الذي هي مضطرة للاتكاء عليه حين تشتد بها الأزمات، وذلك من خلال تزويدها الحكومة بالقروض اللازمة لتسيير أمورها لحين انتهاء الأزمة.

جائحة كورونا من بين تلك الأزمات المتعاقبة على الحكومة والتي حمَلتها عبئا لا يستهان به في ظل توالي الأزمات عليها، من قرصنة أموال المقاصة وتراجع الدعم الدولي وغيره من الأزمات.

الأثر على القطاع المصرفي محدود

وفي محاولة لقياس أثر كورونا على الاقتصاد الفلسطيني، وعلى القطاع المصرفي فيه تحديدا كان لنا لقاء بباحث في معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية - ماس، الباحث حبيب حن الذي قال أن القطاع المصرفي محصَن وكان على جهوزية جيدة لمواجهة جائحة كورونا، فالبيئة الفلسطينية محفوفة بالمخاطر والإغلاقات والمشاكل السياسية، والقطاع المصرفي اعتاد مواجهة هذه المخاطر بمحافظته على احتياطات عالية والتزامه بإجراءات استقرار مالي محافظة جدا مقارنة بالوضع الطبيعي، لذا بدا وكأن القطاع جاهز لاستقبال كورونا.

ومن ضمن هذه الاجراءات أننا لو نظرنا الى كفاية رأس المال لدى المصارف فإنها تفوق ما هو مطلوب منها حسب اتفاقية بازل 3، وإذا نظرنا لهذه الأمور نرى أنه يوجد مجال لدى القطاع المصرفي ليتحمل مخاطرة، ولكن هذا لا يعني أن القطاع لن يتأثر نهائيا، هناك تقديرات تقول أنه يمكن للقيمة المضافة للأنشطة المالية وأنشطة التأمين أن تتراجع ما بين 6-7 او 8%، وهذا سببه أولا تراجع انتاجية هذه المؤسسات، ففي الفترة التي لم ينتظم فيها دوام الموظفين انخفضت الانتاجية بشكل كبير في المصارف والمؤسسات المالية الثانية.

وأشاد الباحث باجراءات سلطة النقد منذ بداية الأزمة، حيث كانت أهم خطوة اتخذتها في ذلك الوقت تأجيل القروض لمساعدة الناس على تفادي مشاكل التعثر خلال الفترة الحالية ل4-6 شهور، لكن بعد ذلك هناك آثار سيئة يمكن ان تحدث في السوق، فنسبة التعثر يمكن أن تتصاعد، واذا ما نظرنا الى ما حدث في فلسطين خلال السنة الماضية والسنين التي قبلها من أزمة المقاصة عندما كانت السلطة تدفع 50% من الرواتب وقبلها عندما تراجعت المساعدات الخارجية وعندما توقف العديد من الناس عن عملهم ممن كانوا يعملوا لدى NGOZ المدعومة وغيرها فترتها زادت نسبة التعثر من 1-2% تقريبا.

وحسب الحن في هذه الفترة توقع او تكهن غير مبني على أسس علمية، يفيد أن نسبة التعثر في البنوك قد تصل الى 8% ما يعني أن هناك زيادة طفيفة بالتعثر، فبالأساس نعلم أن القطاع المصرفي لدينا لا يقرض الناس إلا بوجود ضمانات، وهذه الضمانات بالعادة تكون كفاءتها عالية، يعني كفاءة الائتمان لدينا في البلد عالية جدا، لأن المقترض اما ان يكون له راتب وإما مؤسسة تكون الرواتب فيها مستمرة، والقرض الذي يذهب للقطاعات التي تأثرت بشكل كبير في الأزمة كان قطاع السياحة والفندقة والمطاعم وخدمات الترفيه والمواصلات وغيرها، وحصتهم بالائتمان المحلي صغيرة، حيث نتحدث عن حصة صغيرة لا تتجاوز 6-7% من مجمل الائتمان المحلي وهو أكثر من سيتأثر خلال الفترة الحالية، كما أن نسبة من سيتأثر من الناس يشكلون نسبة ضئيلة من المحفظة الائتمانية، فنسب التعثر في فلسطين اجمالا لن تتصاعد بشكل كبير لكنها ستزيد حتما.

الاقتراض الحكومي والقطاعات الأكثر تضررا

وحول قدرة القطاع المصرفي على مواصلة دوره كمقرض للحكوم بالنسبة للقطاع المصرفي وقدرته على مواصلة كونه مقرضا للحكومة، فيما لو تطورت الأزمة وأخذت مدى أطول، قال الحن أن أكثر ما يمكن أن يمكن أن نخاف منه في هذا الوضع هو الاقراض العام من القطاع المصرفي الذي يمثل مزاحمة الحكومة للقروض، وبالتالي التأثير على السيولة البنكية التي تذهب للقطاع الخاص، لكن بالوضع الحالي وبالقوانين والاجراءات الموجودة لدينا فهناك حد للكم الذي يمكن ان تقترضه الحكومة من القطاع المصرفي، والحكومة لن تتجاوز هذا الحد، وهذه ليست أول مرة تقترض فيها الحكومة من القطاع المصرفي.

وتابع قائلا أن من يتأثر بشكل أكبر في هذا الجانب هي الشركات والمؤسسات الصغرى، وهذا التضرر يمكن أن ينعكس سلبا على القطاع المصرفي.

ودعا الحن لضرورة التمييز بين القطاعات المختلفة من حيث الأثر، فالأزمة الحالية سيكون الأثر لها هو الأقوى لها على قطاعات معينة مقارنة بقطاعات أخرى، وطبقا لذلك يجب النظر أيضا الى القطاعات وتأثرها ما بعد الأزمة، كقطاع الانشاءات على سبيل المثال، فمن كان قد باشر البناء فإنه سيعاود نشاطه فيه، واذا نظرنا للقطاع المصرفي من بين هذه القطاعات، فمن كان سيعمل استثمارا وبحاجة لقرض سيعاود نشاطه ويكمله ويستثمر مجددا عند الانتهاء من الأزمة، نفس الشيء لمن كان يريد التصنيع عند انتهاء الأزمة فنشاطه سيعود مجددا، واحتمال كبير ان يعود ويعوض الخسائر التي فاتته خلال الأزمة، لكن في قطاعات أخرى كالقطاع السياحي والخدمات والمطاعم وغيره فإن مثل نشاطاتها وعملها لا يمكن تعويضها، وهي خدمات ضائعة.

ودعا الحن لضرورة التمييز بين من يمكنه تعويض نشاطه بعد الأزمة ومن لا يمكنه ذلك،وهذا من منطلق اقتراض ومنطلق قطاع مصرفي. مشيرا الى أن نسب التعثر ما بين الناس الذين لا يمكنهم التعويض ستكون حتما اعلى، وهذا يتطلب من القطاع المصرفي معاودة النظر في المحافظ الائتمانية له، ومحاولة وضع تصور للمشاكل التي يمكن أن تحدث في المستقبل بهذا المجال.

 

 

 

كلمات مفتاحية::