الرئيسية » الاخبار الرئيسية » محلي »
 
01 تموز 2015

التخلّص من النفايات في غزة.. ظروف صعبة ونتائج كارثيّة

ينتج المواطن الواحد في قطاع غزة ما يزيد عن الكيلو غرام يوميّاً، أي أن غزة تنتج مليون وثمانمئة ألف كيلو غرام نفايات يوميا. هذه النفايات لا يتم فصلها أو تدويرها فكلّها تخلط مع بعضها وترمى في الطرق.

\

غزّة- بوابة اقتصاد فلسطين| يبعد مكبّ النفايات في قرية جحر الديك الزراعيّة الواقعة في شرق منطقة البريج - وسط قطاع غزّة عن منزل محمّد أبو عيسى، البالغ من العمر 40 عاماً، ويعمل سائق تاكسي، أقل من كيلو ونصف كيلو متر. وكثيراً ما يرى الفتية والمزارعين يذهبون إلى أحواض العصارة الناتجة من النفايات الصلبة والعضويّة الموجودة إلى جوار المكبّ لجلب بعض منها واستخدامها في رشّ المزروعات. وفي هذا السّياق، قال لـ"المونيتور": "أسمع أيضاً أحاديث من المزارعين عن أنّهم يأخذون هذه العصارة ويضعونها على مزروعاتهم، من خلال إرسال بعض الفتية لإحضارها حتّى لا تثار الشكوك حولهم. وفي أحيان أخرى، يذهبون بأنفسهم في كلّ فترة، ما بين أسبوع وعشرة أيّام، ويقولون إنّها تساعد في إنضاج المزروعات سريعاً".

وتشكّل تلك الممارسات إحدى نتائج التخلّص من النفايات الصلبة في قطاع غزّة، والّتي تزداد حصة الفرد اليومية منها عاما بعد عام.

وبيّن الأستاذ المشارك في العلوم البيئيّة بالجامعة الإسلاميّة الدّكتور عبد الفتّاح عبد ربّه أنّ إنتاج المواطن من النفايات الصلبة في قطاع غزة يزيد عن الكيلو غرام يوميّاً، وقال لـ"المونيتور": "لا يتمّ فصل النفايات أو عزلها، ومنها النفايات البلاستيكيّة والزجاج والعضويّة والرمال وغيرها، فكلّها تخلط مع بعضها وترمى في الطرق. وبالتّالي، فإنّ عمليّة الفصل غير موجودة لدينا ولا في ثقافتنا، وهذا الأمر في حدّ ذاته مشكلة، وتنتج منه عصارة سامة".

أضاف: "لتلك العصارة وجهان: الأوّل: إنّها تخترق التربة وتصل إلى الخزّان الجوفيّ وطبقات التربة وتلوّثهما.

الثاني: إنّها خلاصة النفايات، وتحتوي على مغذّيات تسدّ مكان الأسمدة الزراعيّة، ولكن تتخلّلها موادّ سامّة جدّاً. ويضعها المزارعون على المزروعات لتسميدها، لكنّها تؤذي التربة والزراعة والإنسان لاحتوائها على تلك الموادّ السامّة والخطرة".

وأشار عبد ربّه إلى أنّ النفايات الصلبة التي ينتجها قطاع غزّة تشمل النفايات العضويّة والإلكترونيّة والحديد والموادّ الكيمياويّة، وقال: "في بعض الأوقات، يتمّ حرقها وتتسبّب بانتشار الغبار والموادّ الطيّارة في الهواء، وهي خطرة تؤثّر على الصحّة العامّة".

من جهته، أشار مدير دائرة النفايات الصلبة في سلطة جودة البيئة بقطاع غزّة م. محمّد مصلح إلى أنّ المحارق الّتي تستخدم لحرق النفايات الطبيّة والخطرة، هي وسيلة غير فعّالة بالشكل المطلوب، عازياً السبب لغياب الفلاتر الخاصّة لتنقية الهواء أثناء خروجه. لذلك، تخرج الكثير من الموادّ الضارّة.

وأكّد لـ"المونيتور" أنّ واقع التخلّص من النفايات الصلبة صعب، وقال: "ينتج قطاع غزّة في اليوم الواحد 1700 طن، حوالى 67 في المئة منها موادّ عضويّة، 11 في المئة بلاستيك، و12 في المئة أوراق. أمّا البقيّة فهي كناية عن معادن وزجاج ونفايات أخرى. وتواجهنا مشاكل عدّة، من بينها زيادة حجم النفايات سنويّاً بسبب الكثافة السكانيّة العالية، وتغيّر الأنماط الاستهلاكيّة وتنوّع المأكولات والمنتجات، وقلّة الوعي البيئيّ لدى السكّان، من دون أن يقابل تلك الزيادة أيّ إجراءات فنيّة تحسينيّة مثل زيادة مساحات المكبّات أو الآليّات أو عدد العمال، إضافة إلى انتهاء العمر الافتراضيّ لكلّ المكبّات في قطاع غزّة".

ولفت إلى أنّ الطريقة الوحيدة المستخدمة في القطاع للتخلّص من النفايات هي الطمر الصحيّ للنفايات الصلبة المنزليّة، إذ توضع في المكبّات ويتمّ ضغطها وتغطّى بطبقة من الرّمال. أمّا النفايات الخطرة فإمّا أن تحرق في محارق المستشفيات أو ترحّل إلى مكبّ خاصّ بالنفايات الخطرة موجود في قرية جحر الديك - شرق البريج

ويُعتبر مجلس النفايات الصلبة العامل في قطاع غزّة، المسؤول عن إدارة النفايات الصلبة في محافظات الوسطى ورفح وخانيونس، بمعدّل 50 في المئة من نفايات القطاع، بدءاً من جمعها، وصولاً إلى التخلّص منها.

ولفت المدير التنفيذيّ لمجلس إدارة النفايات الصلبة الدّكتور علي برهوم إلى أنّ عمليّات التخلّص من النفايات في الوقت الرّاهن غير صحيّ، واصفاً الوضع بالصعب والخطر، ويشكّل ضغطاً على البيئة وتحدّياً كبيراً، خصوصاً في ظلّ عدم وجود نظام لفصل النفايات الخطرة عن المنزليّة، وقال لـ"المونيتور": "إنّ الأمور سيّئة بسبب امتلاء المكبّات الّتي صمّمت لفترة زمنيّة بسيطة، وانتهت مدّتها منذ عام 2008، ولكن ظروف الحصار الّتي يعيشها القطاع وعدم دخول أموال المانحين كلّ ذلك أثّر سلباً".

وأشار إلى أنّ المشاكل الكثيرة الّتي يواجهها المجلس في عمليّة التخلّص من النفايات الصلبة بالطريقة الصحيحة، دعته إلى التقدّم بطلب تمويل من مؤسّسات دوليّة مانحة، هي البنك الدوليّ والإتّحاد الأوروبيّ ووكالة التّنمية الفرنسيّة لإنشاء مكبّ حديث في قطاع غزة، وقال: "هذا المكبّ سيكون نموذجيّاً، إذ سيتضمّن نظاماً لفصل النفايات عن بعضها البعض، ولكن هناك معيقات تعرقل إتمامه خطواته النهائية، كالبطء في إجراءات تعويض أصحاب الأراضي الّتي تمّ تخصيصها للمكبّ".

وفي ظلّ ذلك الواقع السيّئ، تستمرّ النفايات الصلبة بتشكيل حال صحيّة وبيئيّة شاذّة تؤثّر سلباً على البيئة وصحّة المواطنين.


(محمد عثمان، المونيتور)

مواضيع ذات صلة