الرئيسية » الاخبار الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
22 كانون الأول 2019

العناقيد: خطوة نحو التنمية والانعتاق من الاحتلال

بقلم: أمين ابو عيشة
خبير السياسات النقدية والاقتصاد الرقمي

بوابة اقتصاد فلسطين

من حيث المبدأ لا يوجد خلاف بين الاقتصاديين على ضرورة النهوض بالاقتصاد الفلسطيني من براثيين التبعية والوهمية للاقتصاد الصهيوني، لكًن حقيقة الجدل والخلاف يكمن بين الاقتصاديين في الطريقة والكيفية والأسلوب والسياسات والاستراتيجيات.

حيث تمثل التنمية العنقودية من وجه نظري عمود التنمية وواجهتها، فهي تعتبر السبيل لتكوين المدخولات للقطاعات الاقتصادية، كما تعمل على تقليص معدلات الفقر والبطالة، وتحقق الكرامة الإنتاجية، وتدعم الاستثمار المخطط والهادف، وتعزز مبدأ العمل الجماعي (التعاوني)، وتقلل النفقات والتكاليف وترفع اقتصاديات وفرات الحجم الكبير، وتوجه التفريخ الجامعي ليتلاءم مع احتياجات سوق العمل، وتدعم صمود المواطنين بأرضهم، والانفلات من التبعية الاستهلاكية للاقتصاد الصهيوني، والانتاج حسب الحاجة، وتكٌسب المنتج الفلسطيني نقاط القوة لاختراق الأسواق الخارجية، وبالمجمل تُبني فكرتها على كيفية تحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة، لقد جاءت الحكومة الحالية برئاسة معالي الدكتور محمد إشتية بها كطريقة ونهج واضح المعالم لبناء جسد الاقتصاد الفلسطيني والنهوض به، فالتنمية أو التجمعات العنقودية عبارة عن مجموعة من الشركات والمؤسسات المترابطة من موردين ومصنعين ومقدمي الخدمات والمؤسسات الداعمة التي ترتبط مع بعضها في مجال عمل معين، وفي منطقة جغرافية واحدة.

وبناءً على التعريف السابق فإن خطة الحكومة ستشمل تقسيم المحافظات الفلسطينية إلى عناقيد تنموية بحسب ما يتوفر في كل محافظة من ميزات تنافسية، وموارد ومؤسسات فاعلة وإمكانيات واختصاصات - سيتم ربطها ببعض ودعمها وتشجيعها للاستثمار في الموارد المحلية للمحافظة. ووفقا لخطة التنمية العنقودية سيتم اعتبار محافظة بيت لحم عنقود سياحي، وقلقيلية عنقود زراعي، والخليل عنقود صناعي، وغزة عنقود زراعي وتجاري وهكذا لباقي المحافظات. ومن الممكن أن تشترك مجموعة من المحافظات في عنقود واحد إذا توفرت لديها ميزة تنافسية مشتركة.، وبهذا ستركز الحكومة دعمها وتوجيهها وتشجيعها وحشد الموارد المتاحة في كل عنقود (محافظة واحدة أو أكثر) للاستثمار في المجال التنموي الذي يتخصص به كل عنقود نحو إحداث شكل من أشكال التكامل الاقتصادي على المستوى الوطني. هذا الأمر جوبه بعدد من المحاذير والتي توجب المعالجة قبل التطبيق في نظري تتمثل في:-

  1. وجود اتفاقا سياسياً واقتصادياً مجحفا يتمثل في وجود العديد من المتغيرات الظالمة والآسرة وأبرزها عدم الاستقرار السياسي وما يضعه من قيود على النهوض والتنمية.
  2.  غياب السياسات النقدية والتجارية وصعوبة التحكم في السياسة المالية (كل ذلك جعل سياسات واستراتيجيات النمو والتنمية سياسات واستراتيجيات مغيبة، يصعب التحكم بها من قبل صانع القرار الاقتصادي الفلسطيني).
  3. عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على المعابر والحدود ما يفقدها عنصراً هاماً من إمكانية التصحيح والتعديل والتنمية للاقتصاد الفلسطيني.
  4. الاقتصاد في نظر العديد هو عامل صمود، فلا يجوز هنا أن نعتبره هو الحل لقضية سياسية.
  5. التنمية بدون زوال الاحتلال ممكنة لكنها لن تكون شاملة وكاملة، كما أن ممارسة الديموقراطية ممكنة لكنها لن تكون كاملة تحت الاحتلال.
  6. نحن بحاجة ملحة لإعادة تعريف لسياستنا المتبعة التي يجب أن تكون ولا يجوز الحياد عنها وذلك الآن وأثناء عملية التنمية بالتجمعات العنقودية، والتي يجب أن تتلاءم ودون شك مع مصالح شعبنا.
  7. من الخطأ أن نعمل قبل أن نخطط، يجب علينا التخطيط قبل العمل ،كما يجب أن لا يكون العمل نتيجة لردات فعل بل يجب  العمل من أجل التنمية ، لآن الخطأ مشكلة فما بالكم حين يتعلق الخطأ بالمال والتنمية.

هذه المحاذير يجب التعامل معها وتصحيح المسار للولوج وبدء العمل بشكل صحيح ضمن مجموعة من المتطلبات والتي تتمثل في النقاط التالية:

  1. ضرورة بناء قاعدة إنتاجية تشغيلية معتمدة على الاستثمار الحقيقي(المنتج) وليس الاستثمار التفاخري العقيم وذلك من خلال دعم وتنمية التجمعات العنقودية.
  2.  تعزيز جودة المنتج المحلي وبناء ثقافة استهلاكية له.
  3. محاربة الفساد والمحسوبية وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة.
  4. التركيز على برامج المعالجات الاقتصادية لمشاكل الفقر والبطالة، بحيث تتزامن وتترابط وتتكامل هذه البرامج مع برامج التنمية والتشغيل.
  5. تعزيز وتبيان دور المشاريع صغيرة الحجم في التنمية العنقودية والعمل على تقديم التمويل اللازم لها.
  6. تقديم مادة مفيدة من حقائق وأرقام من الممكن أن يستفيد منها من أراد أن يجري دراسات مشابهة في نفس المجال (التنمية بالعناقيد)،وملاحظة التقدم بها.
  7. تقديم وتعزيز العون المالي المحلي والدولي من المؤسسات المساندة لتمويل برامج التنمية وإنشاء ما يتطلب ذلك.
  8. إعادة تنظيم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية وترتيب الأولويات وتحديداً التنموية منها، والعمل على تخفيض فاتورة رواتب كبار العاملين بها والنفقات المرتبطة بالبدلات.
  9. التركيز على التعليم المهني وإزالة النظرة الدنيوية للتعليم المهني والتقني، من خلال إدخال التعليم المهني ضمن التعليم العام والتقني ضمن التعليم الجامعي وتشجيع التدريب المهني خارج أوقات المدرسة لضمان العمل على تخفيض جزء كبير من معدلات البطالة.
  10. العمل وبشكل جدى على ضرورة إنهاء الانقسام الداخلي بناءً على قاعدة الشراكة وليس الإقصاء لأن تكلفة استدامته عالية القيمة.
  11. العمل وبشكل جدي لفتح معبر رفح التجاري كبوابة غربية جنوبية تبيح وتساهم في التنمية العنقودية والتي يمكن من خلاله تدفق جملة من المنتجات والمواد الخام سواء بالصادر منها أو بالوارد.
  12. أن تكون عملية التنمية العنقودية وبشكل عام التنمية عملية متكاملة خلفياً وأمامياً ولكل القطاعات الإنتاجية.

إن التنمية بالعناقيد ما هي إلا سياسة واستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية ولبناء جسد اقتصادي صحيح وغير عاجز عن الانعتاق من التبعية الاقتصادية العضوية للاقتصاد الصهيوني، فالتنمية بالتجمعات لن تكون الحل السياسي للقضية الفلسطينية ولكنها ستشكل عامل صمود لمواجهة الاحتلال كما أنها لن تكون طحالب المشروع الوطني، فالقضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية كما أنها ليست قضية اقتصادية، رغم بعدها الإنساني العميق، لكن ممكن الممكن أن نحاول ذلك ونمارس النمو والتنمية وأن نوجد المايسترو (المنظم) وبقليل القليل فإن بناء النظام مقدمة لزوال الاحتلال.

 

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟