سوق البلدة القديمة في الخليل فقط لمن يرضى بالقليل!
لا يكف تجار البلدة القديمة في الخليل عن مقارنة اليوم بالأمس. فقبل أعوام لم يكن السوق مقفرا كما هو اليوم، عندما كان الزوار يؤمون الخليل من كل فلسطين للصلاة في الحرم الإبراهيمي والتسوق من هذا السوق الذي عرف بكبره وتنوع منتجاته و"شطارة" تجاره. الحال تغير بعد أن اغلق الاحتلال مئات المحلات وضيق على بقية التجار لإجبارهم على اغلاق محالهم.
الخليل- بوابة اقتصاد فلسطين| أنصار اطميزه – "الي بده يقنع بأقل القليل يسكن بالبلدة القديمة بالخليل" مقولة دارجة بين تجار البلدة القديمة، يختصر فيها أبو محمد (80 عاما) قصة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلدة القديمة؛ بسبب السياسة الممنهجة التي يتبعها الاحتلال الاسرائيلي منذ عشرات السنوات هناك.
محلات فارغة
عبادة (16 عاما) يبيع على بسطة حليّ تقليدية منذ 7 سنوات، يبذل مجهودا كبيرا في إقناع الزبائن بالشراء غير أن مجهوده قد لا يعود عليه إلا بعشرة شواقل أو أقل يوميا .
وعلى مقربة منه، يجلس الحاج راغب الجمل (60 عاما) أمام محله الفارغ تماما من البضائع ليؤنَس وحدة زملائه من التجار، شاكيا عدم وجود زبائن.
بينما يجلس الحاج عيسى جرادات (70 عاما ) مقابل محله المغلق متذكرا أيام ما قبل مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف قبل نحو 20 عاما حيث كانت الحركة التجارية ممتازة في حين اضطر إلى اغلاق محله بيده بعد المجزرة لانعدام الجدوى الاقتصادية من فتحه.
أما الحاج ناصر غلمة (50 عاما) فيرى أن كثيرا من التجار أغلقوا محلاتهم في البلدة القديمة واتجهوا نحو شراء محلات أخرى في باب الزاوية ورأس الجورة وغيرها من المناطق الحيوية بالخليل.
يأتوها زوارا
لدى المشي في البلدة القديمة في هذه الأيام المباركة، يلاحظ عدم الاقبال على الشراء. فالتحف الخشبية والزجاجية مليئة بالغبار و"مرطبانات" المخللات المكدسة ممتلئة إلى حوافها في المحلات فيما رائحة القطايف والغريّبة بالكاد تشتمها.
تلك المشاهد في شهر رمضان حيث تزداد الحركة جراء اقبال الآلاف إلى الصلاة في "الحرم الابراهيمي"، فكيف الحال في الايام العادية!
يقول التجار لـ بوابة اقتصاد فلسطين" يأتي الى البلدة القديمة العديد من الزائرين بينهم فلسطينيون وآخرون أجانب ورغم أنهم يبدون انطباعا ايجابيا على الأجواء هناك ورخص البضاعة إلا أن بعضهم يشتري، وبعضهم الآخر يعود من حيث أتى دون أن يحمل ولو ذكرى صغيرة تذكره بهذه المنطقة المنسية المحتلة".
معادلة العرض والطلب
يرى عماد حمدان مدير عام لجنة إعمار الخليل أن المعادلة الاقتصادية تعتمد على العرض والطلب، غير أن وجود طرف ثالث وهو الاحتلال في البلدة القديمة يؤدي إلى اخلال بالمعادلة من خلال إغلاق كافة مداخلها.
وأشار حمدان، إلى أن اللجنة قامت بكل ما بوسعها للحفاظ على طرفي المعادلة بتشجيع التجار على فتح محالهم إضافة إلى تشجيع المواطنين للشراء منهم من خلال التسهيلات وتخفيض الأسعار لبعض السلع.
كما فرضت لجنة الإعمار على المؤسسات الرسمية أن تفتح فروعا لمكاتبها بالبلدة القديمة وإقامة العديد من الفعاليات وورش العمل لزيادة عدد زوار البلدة. عدا عن محاولات تشجيع المصلين لارتياد الحرم الإبراهيمي الشريف من خلال الحلقات الدينية بالتعاون مع وزارة الأوقاف وتوزيع الهدايا على الأطفال ليطالبوا عائلاتهم بالعودة للحرم .
وقال حمدان "نعول على أهالي محافظة الخليل في إحياء بلدتها القديمة وإنعاش الحركة الاقتصادية".
مشروع "البلدة القديمة منطقة جاذبة للتسوق"
من جانبها، اقترحت الغرفة التجارية بالخليل مشروعا بهدف إحياء البلدة اقتصاديا، من خلال إيجاد منطقة جاذبة للتسوق عن طريق تخفيض أسعار السلع الأساسية من 15-20% بعد إعفاء التجار من الضريبة والجمارك.
جواد الحرباوي مدير عام الغرفة التجارية بالخليل قال إن "ردود غير رسمية قالت إن المشروع غير قابل للتنفيذ". مشيرا إلى أن الغرفة التجارية تابعت الموضوع منذ ولاية سلام فياض للحكومة وحتى عام 2014 دون جدوى .
الاقتصاد لا تعلم بالمشروع !
من جانب آخر، ردت وزارة الاقتصاد على لسان الناطق باسمها، عزمي عبد الرحمن، أن الوزارة لا علم لها بهذا المشروع، داعيا الغرفة التجارية لإعادة تقديمه للوزارة من أجل دراسته ومتابعته. وأضاف عبد الرحمن في حديث لبوابة اقتصاد فلسطين أن الوزارة تشجع وتدعم أي مشروع يسعى لإحياء البلدة القديمة بالخليل .
المستوطنون يتصدون لفتح المحلات
في ذات السياق ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن المستوطنين يعارضون بشدة فتح المحال التجارية في شارع الشهداء والأزقة بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وأضافت الصحيفة في تصريحات سابقة، أن قادة المستوطنين في الخليل أعلنوا عن حملة واسعة لمنع فتح المحال التجارية بادعاء ان ذلك سيشكل خطرا على أمنهم وحياتهم، وأن فتح شارع الشهداء سيعيد العنف إلى المنطقة التي تعتبر منطقة "نظيفة" من الفلسطينيين.
وقال أحد المستوطنين للصحيفة أن هناك بوادر جدية لفتح المحال التجارية بعد ضغوط دولية على حكومة إسرائيل 'لكننا لن نسمح بذلك' .
يذكر أن الاحتلال يغلق 500 محلا تجاريا بالبلدة القديمة بالخليل منذ حوالي 20 عاما كما يغلق كافة المداخل.
الصور بعدسة حسناء الرنتيسي