الأقساط الجامعية في ظل الأزمة المالية للحكومة .. دائرة العجز تتسع
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
حالة من القلق يمر بها كثير من أرباب الأسر العاملين في القطاع العام بسبب "أزمة المقاصة" التي تمر بها السلطة الفلسطينية منذ بداية العام الجاري، فأنصاف الرواتب التي يتحصل عليها هؤلاء لا تكفي لتوفير متطلبات العيش الأساسية.
ومع بدء فترة التسجيل في الجامعات، يزداد الضغط أكثر على من لديه طالب جامعي، فنصف الراتب لن يمكنه من تسديد الأقساط الجامعية، ومنهم من لن يتمكن من توفير المصروف الشخصي للطالب حتى.
ولهذا كان لا بد للحكومة الفلسطينية أن تتحرك لإنقاذ الموقف، فدعت قبل أيام إلى ضرورة أن تتقاضى الجامعات في الضفة الغربية وقطاع غزة ما نسبته 50% من الرسوم الجامعية لأبناء العاملين في الوظيفة العمومية، وترحيل النسبة الباقية كدين على الطلبة إلى حين انتهاء الأزمة المالية.
أما الجامعات الفلسطينية، فكان لعدد منها مواقف تحسب في إيجاد حلول للأزمة، فجامعة فلسطين التقنية-خضوري قدمت بادرة للتخفيف عن الطلبة في التسجيل للفصل الدراسي، والقبول بتسديد 50% من الأقساط الدراسية لتسجيل الطلبة، حيث سيطبق هذا الخصم لأبناء العاملين في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، وذلك بخصم 50% من القسط الأصلي للطالب، وكذلك بنفس الطريقة على الطلبة الذين يتمتعون بالتخفيض أصلا بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية.
من جهتها، أعلنت جامعة القدس المفتوحة عن سياسة التقسيط لتسديد الرسوم الدراسية، للتخفيف عن الطلبة وذويهم.
دائرة الأزمة تتسع لتشمل كافة الموظفين
وحول الأزمة المالية أوضح الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم لـ "بوابة اقتصاد فلسطين" أن بداية أن الأزمة الحالية للحكومة هي أزمة سياسية، فلا الحكومة ولا الجامعات مسؤولة عنها، ولكن يمكن للجامعات أن تكون مساهما في تحمل أعبائها، ومراعاة ظروف الطلبة والقبول بتقسيط الرسوم الجامعية
وأوضح أن الجامعات أن الأمر المركزي الآخر هو أن الجامعة إذا قسطت رسوم الطلاب وراعت ظروفهم، فستظهر مشكلة وهي رواتب موظفيها التي لن تكون كاملة، وبالتالي تنتقل الأزمة من الجامعة للأساتذة.
وأوضح أن النقابات والجامعات تقبل ذلك، لكن تصبح الأزمة تنتقل من طرف الى آخر وفي دوائر مختلفة، وهذا ما يحدث حاليا وما سيحدث قريبا جدا.
ودعا عبد الكريم الجامعات لسلوك منحى آخر، من خلال القيام بالتحرك لتوفير موارد أخرى، وتعويض النقص الحاصل في الأموال إما بالاقتراض أو تفعيل الشبكة الدولية لحصد المزيد من المساعدات، كما يمكنها حث القطاع الخاص على المبادرة بتقديم الدعم المؤقت لها.
وأضاف: " إذا نجحت هذه الخطوات ستكون الجامعات قد حققت إنجازاً، أما إذا لم تنجح فإن الأزمة ستنتقل تلقائيا للموظفين، وتصبح الإدارة في مواجهة النقابات، وتصبح مسؤولية النقابات تفهم الوضع، وتتسع الدائرة لتدخل كافة فئات المجتمع في دائرة النصف راتب، وهنا فالأزمة فعليا أصبحت عامة".
تنسيق وتعاون كبير
أبدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي محمود أبو مويس ارتياحه لما اعتبره تعاون عام في مواجهة أزمة المقاصة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، وذلك خلال لقاء له في برنامج "المجلة الاقتصادية" على تلفزيون فلسطين.
وقال أبو مويس إنه أجرى اجتماعا مع رؤساء الجامعات واتحاد العاملين في الجامعات ومجالس الطلبة، من أجل رفع حجم التنسيق بينهم في ظل الأزمة.
وأضاف: "الحوار سيد الموقف ونحن حريصون على ذلك، والوزارة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأي أزمة أو خلاف بين الجامعات والطلبة فيما يخص الشأن المالي والتسجيل، فسنتدخل لاحتوائها".
وأكد الوزير على استجابة جميع الجامعات الفلسطينية دون استثناء لقرار مجلس الوزراء بشأن الرسوم الجامعية لأبناء الموظفين العموميين، فمنهم من سيلتزم بالتقسيط ومنهم من سيقدم المنح والمساعدات.
منح وتسهيلات عدة
وأكد أبو مويس على أن العائق المادي يمكن تجاوزه في ظل تعدد المنح والتسهيلات التي تقدمها الحكومة وبعض الشركات، فهناك المنح الداخلية كمنحة الرئيس محمود عباس، ومنح مجلس الوزراء الذي يقدم 800-1000 منحة للطلاب في مرحلة السنة الأولى، بالإضافة لمنح وزارة التعليم العالي، وتقدم 10-15 منحة من كل جامعة فلسطينية، ومنح وزارة الخارجية.
وتابع: "هناك جامعات تقدم 30 منحة كجامعة القدس المفتوحة، هذه المنح تعطيها الجامعات لوزارة التعليم لتقوم بدورها بتوزيعها لأعلى طالب أو اثنين على كل كلية، كما أن هناك منح المؤسسات والأفراد، كمنح الاتصالات، التي قدمت 300 منحة للتعليم التقني كاملة لمدة سنتين، إضافة الى منحة المرحوم جميل الشامي، وقيمتها 100 ألف دولار تقدم سنويا".
ودعا الوزير الطلاب لمتابعة صفحة التعليم العالي بشكل مستمر، للوصول لكل ما هو جديد بشأن المنح.
من جهته، قال مساعد رئيس جامعة بيرزيت عبد العزيز شوابكة لـ "بوابة اقتصاد فلسطين" إن من لديه مشاكل مالية يمكنه التوجه لنائب رئيس الجامعة للشؤون المالية والإدارية وهو سيتعاون معه.
وأضاف: "لدينا الكثير من المنح للطلاب الجدد، فمثلا عندما يصل أي طالب شؤون اجتماعية ومعدله فوق 90، فإنه يستطيع الالتحاق بالجامعة ويحصل على منحة وقبول".
وأوضح شوابكة أن الجامعة تتعامل منذ فترة طويلة بنظام التسهيلات للطلاب، حيث تقدم سنويا 6 مليون دولار للطلاب سواء للمتفوقين أكاديميا، أو ممن هم بحاجة مادية للمساعدة.
وأشار بدوره إلى أن جامعة بيرزيت تتعامل مع احتياجات الطلاب بشكل دوري وسلس، وتوجههم للبنوك ومؤسسات يمكنها التعاون معهم وتقسيط ديونهم، فهناك خيارات كثيرة أمامهم.
كما أوضح دور جمعية الموظفين العمومين بإيجاد الحلول للطلبة في هذه الأزمة، فقد عقدت اتفاقية مع جامعة بيرزيت للتعامل مع أقساط أبناء الموظفين العموميين، والأعضاء الذين ينتمون للجمعية هم موظفون حكوميون، وتستطيع الجمعية التقسيط عنهم مقابل اشتراكهم فيها.
الجامعات مثقلة بالديون
وقال شوابكة أن جامعة بيرزيت لديها التزامات كثيرة، وبالتالي فإنها تتعامل مع كل حالة طالب محتاج على حدا، وتساعد الطلبة على حل مشاكلهم المالية بالتقسيط وإيجاد الحلول المناسبة.
وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن الجامعة لا يمكنها فتح المجال للجميع بهذا الجانب، فهي لديها 1000 موظف وتصل رواتبها الشهرية لحوالي 2 مليون دولار، كما أنها تعتمد اعتمادا كليا على الأقساط التي تشكل 80% من الميزانية التشغيلية، فأي تأخير في جمع الأقساط سيؤثر على أداء الجامعة والتزامها تجاه موظفيها.
وتصل ديون طلاب جامعة بيرزيت المستحقة للجامعة ما يزيد عن 3 مليون دولار، وهي ديون على الطلاب القدامى.
كما أشار شوابكة لدور مساهمة الحكومة كجزء أساسي في الميزانية، وتابع: "للأسف الحكومة لا تستطيع الإيفاء بهذا الالتزام، لذلك يشكل الأمر عجزا في ميزانيتها".
ومن المفترض أن تقدم الحكومة تمويلاً للجامعة في حدود 750 ألف إلى مليون دينار أردني، لكن هذا التمويل لم تحصل عليه الجامعة، حسب شوابكة.