إسرائيل تضيق على الأكاديميين الأجانب في الجامعات الفلسطينية
خالد أبو عامر_ بوابة اقتصاد فلسطين
في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة بوقف الإجراءات التعسفية التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في الضفة الغربية، خصوصا ما يتعلق بحرية الحركة والتنقل من وإلى الخارج، كشف تقرير حقوقي مشترك لمركز (عدالة) الحقوقي الإسرائيلي، ومؤسسة الحق الفلسطينية، عن ارتفاع مضطرد في معدلات رفض سلطات الاحتلال منح تأشيرة الدخول للأكاديميين الأجانب الذين يعملون داخل مناطق السلطة الفلسطينية.
يتحدث التقرير الحقوقي عن غاية تسعى إليها دولة الاحتلال وهو إجبار المحاضرين الأجانب على مغادرة المناطق الفلسطينية، وتركهم في أزمة عدم استقرار سواء في الوظيفة الأكاديمية أو حتى الاستقرار الأسري.
يستشهد التقرير بعدد من النماذج التي تضررت بفعل السياسية الإسرائيلية، من بينها معهد إدوارد سعيد (المعهد الوطني للموسيقى)، الذي ألغى العديد من الفعاليات الموسيقية داخل المناطق الفلسطينية، بسبب رفض سلطات الاحتلال منح تأشيرة الدخول للوفود الأجنبية، وهو ما أكده المعهد بارتفاع معدلات الرفض لأكثر من 200% منذ منتصف العام 2017.
أما جامعة بيرزيت فتأثرت بدورها بهذه السياسية الإسرائيلية حسب التقرير المذكور، حيث أجبر سبعة محاضرين أجانب، أربعة منهم يعملون بدوام كامل وثلاثة آخرون يعملون بدوام جزئي على مغادرة البلاد نتيجة رفض سلطات الاحتلال تمديد تأشيرة الدخول التي تسمح لها بالبقاء داخل المناطق الفلسطينية.
من جانبه اعتبر وزير الثقافة الفلسطيني، الدكتور عاطف أبو سيف، في حديث لبوابة اقتصاد فلسطين، أن "ما تمارسه سلطات الاحتلال بحق الأكاديميين والوفود الثقافية القادمة من الخارج، تعكس النهج الإسرائيلي بفرض حصار ثقافي، ومحاولة عزل الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي والدولي، وهي حالة استنساخ لما كانت تمارسه الحركة الصهيونية قبل تأسيس دولة إسرائيل، بفرض رواية من طرف واحد، لتحقيق غايتين الأولى منع توثيق الجريمة الفلسطينية أمام شهود العيان في الخارج، والثاني إبقاء القضية الفلسطينية منحصرة في صراع على الأرض دون إظهار الحقيقة أمام الجميع بأنه صراع على الهوية والتاريخ والمقدسات".
وأضاف أبو سيف، أن "سلطات الاحتلال لم تكتفٍ بالسيطرة على مقدرات الشعب الفلسطيني ونهب خيراته وقطع أوصاله الجغرافية والديموغرافية، بل سعت إسرائيل بهذه السياسة لتدمير الهوية الفلسطينية، عبر منع إقامة المهرجانات الثقافية، واستهداف المراكز في كل عدوان كما حدث مع مركز المسحال في غزة، وسحب جميع التراخيص في إقامة أي فعالية ثقافية في داخل مدينة القدس، لفرض نهج استعلائي يؤسس لإبقاء المدينة صهيونية الطراز خالية من أي تعدد إسلامي مسيحي".
تعود سياسة التضييق على الوفود الأجنبية، نهجا قائما لدى دولة الاحتلال منذ سنوات، ففي الوقت الذي تنص عليه المواثيق الدولية باحترام حق الإنسان في الحرية والتنقل داخل حدود وطنه، طبقت إسرائيل نهجا أشبه بسياسة بالفصل العنصري ( الأبارتايد) في جنوب أفريقيا، عبر منع الفلسطينيين من حملة الجوازات الأمريكية من دخول الضفة الغربية الذي بدأ سريانه في العام 2006، كما شمل المنع الإسرائيلي دخول الوفود التضامنية ومحققي الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب، وتوسع القرار ليشمل كل من يثبت تضامنه مع حركة المقاطعة ( BDS).
من جانبه يشير الحقوقي ومدير مركز مسارات للدراسات السياسية في غزة، صلاح عبد العاطي لبوابة اقتصاد فلسطين، أن "سلطات الاحتلال بهذه السياسية تنتهك القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان، حيث تنص المواثيق الدولية بأن وقوع دولة تحت احتلال يفرض على الأخيرة تسهيل حرية الحركة والتنقل، والسماح بنقل احتياجات المواطنين من سلع وخدمات ومقابلة متضامنين أجانب لنقل صورة ما يجري على الأرض ومعاقبة من يثبت تورطه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
يعمل في الأراضي الفلسطينية 64 أكاديميا أجنبيا، ارتبط عملهم بعقود تم إبرامها مع ثماني جامعات فلسطينية بإشراف وزارة التربية والتعليم العالي، يتركز غالبيتها في الضفة الغربية.
أستاذ التاريخ في جامعة فلسطين بغزة، حسن القطراوي، الحاصل على الجنسية المغربية، والذي رفضت سلطات الاحتلال منحه تأشيرة الدخول للضفة الغربية للالتحاق بجامعة الخليل، يقول لبوابة اقتصاد فلسطين، أن شموله بالقرار الإسرائيلي من دخول الضفة الغربية، "بدأ منذ العام 2016، حينما تقدمت بطلب تدريس تخصص التاريخ في جامعة الخليل، وأتت الموافقة من الجامعة، إلا أن رفض سلطات الاحتلال أعاق عملية الانتقال، دون تبرير ذلك والاكتفاء بالقول أن الطلب ما زال قيد الدراسة والتقييم الأمني منذ ثلاث سنوات، وهو ما دفعني إلى الاستقرار بغزة والقبول بالتدريس الأكاديمي بنظام الساعات والعقود المؤقتة، وهو عرض دون التطلعات التي كنت أعول عليها".
الحقوقي عبد العاطي يستدرك بالقول أن "هذا التقرير إدانة لدولة الاحتلال يمكن استثماره في توسيع حملة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل، ومحاكمة من ثبت تورطه في هذه السياسية أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وخرق قواعد القانون الدولي الإنساني".