خبراء اقتصاد يقيمون الموقف الرسمي من "ورشة البحرين"
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
ورشة البحرين بعنوان "السلام من أجل الازدهار" التي أقيمت على مدار يومين في البحرين كانت تحمل رسائل ودلالات بعيدة المدى رغم أنها فشلت قبل ان تنعقد لغياب اللاعب الرئيس فيها وهو الجانب الفلسطيني.
أهداف الورشة المعلنة كان التركيز على الشق الاقتصادي كما ذكر الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس، وكان هدفها جمع 50 مليار دولار كاستثمارات في الأراضي الفلسطينية ودول الجوار بهدف تسوية القضيّة الفلسطينيّة تحت ما يسمى اختصارًا باسم "صفقة القرن".
هل أصبنا بالرفض المطلق للورشة؟
سؤال تم توجيهه لخبراء اقتصاد، منهم من رأى أنننا أصبنا 100%، ومنهم من رأى أننا اخطأنا بنسبة في جوانب معينة.
أبو الروس يرى أن ما تم طرحه من مشاريع اقتصادية ما كان إلا طريقة أمريكية للالتفاف على الحق الفلسطيني وعلى ثوابت الشعب الوطنية بالاغراء بالمال والمشاريع، فبالإضافة إلى ال50 مليار التي تحدثوا عنها في الورشة كان هناك عدة بنود منها بناء ممرّ للنقل البريّ يربط بين الضفة الغربيّة وقطاع غزّة، والذي من المتوقع أن تبلغ تكلفته 5 مليارات دولار، وقد يشمل ممر النقل البري طريقًا سريعًا "وربّما يشمل قطار. وتشمل الخطة ايضا بناء 179 منشأة ومشروعًا تجاريًا، جميعها خارج القدس المحتلّة، بشقّيها المحتل عام 1948 والمحتلّ عام 1967.
"كان باعتقاد الجانب الأمريكي أنه يمكن حرف البوصلة عن القرار السياسي، وأن القضية الفلسطينية هي عبارة عن مأكل ومشرب وازدهار وتنمية، وأهملت الأهم ان فلسطين ليست بضاعة قابلة للبيع".. يقول المختص بالشأن الاقتصادي ثابت أبو الروس.
وتابع ابو الروس موضحا أنها ليست المرة الأولى التي يتم طرح صفقة في المنظور الاقتصادي، فقد سبقها صفقة يوسي بيلن واسحاق بيرس عندما تحدث عن شرق اوسط جديد عام 1993، والذي كان يركز على إحداث حالة تنمية للفلسطينيين، لكن منذ ذلك التاريخ لم يلمس المواطن الفلسطيني أي تغيير او تحسن إلا الى المنظر السلبي من ارتفاع حجم النفقات وانخفاض الدخل.
وقال ابو الروس أن صفقة القرن ركّزت على المنظور الاقتصادي لتعطي جمالية للمصطلح، والصورة أنه إذا أردنا ازدهارا حقيقيا فعلينا القبول بالحل السياسي المطروح.
اما الأثر المباشر للورشة حسب أبو الروس فهو زيادة الأعباء على المواطن بشكل مباشر، 28 مليار على مدار 10 سنوات.
ويرى ابو الروس ان المستفيد الاكبر من صفقة القرن هم من حضر الورشة لانهم هم من سيدفع القيمة للفلسطينيين، فعدم الحضور الفلسطيني انقذ تلك الدول العربية من تحمل اعباء مستقبلية،
وتابع موضحا أنه عندما نتحدث عن 28 مليار نتحدث بحصة سنوية تقريبا 2 مليار و800 مليون، وعندما نتحدث عما طلبه الفلسطينيين في القمم العربية وما تعهدت به جامعة الدول العربية في القمم الاخيرة من الحاضنة العربية بمبلغ 100 مليون دولار بالاضافة الى الحق الفلسطيني في المقاصة من الجانب الفلسطيني اي تقريبا 200 مليون بشكل شهري، وهذه القيمة تفوق الأرقام.
وما يؤكد نظرية الوهم التي تغلف الورشة أن هذه الاموال ليست منحا إنما قروض بفوائد مخففة، اذن سيتحمل المواطن أعباء جديدة بدفع ضرائب اعلى وقروض استهلاكية ومشروطة ستتحمل اعباءها وفوائدها الاجيال القادمة، وهنا تكمن الخطورة.
ويرى ابو الروس ان اسرائيل لن تسمح ان يكون هناك نهضة في فلسطين، فوصول فلسطين للنهضة يعني الوصول للاستقرار والانسان عندما يستقر تذهب مطالبة باتجاه مطالب اخرى، فاذا تحقق الازدهار المصطنع فسيكون هناك حاجة للبعد المصيري للشعب الفلسطيني المطلب الاخر، لذا هي عملية الهاء للشعوب.
وفي ذات السياق يرى أبو الروس ان هذه الأموال ليست ذات قيمة مقارنة بوصول الفلسطينيين للاستثمار في مناطق سي والاستثمار فيها، حيث سيتحقق الاكتفاء الذاتي في موضوع الزراعة، وسيكون هناك تشغيل بالايدي العاملة وتخفيض البطالة وسيكون هناك سماح بتصدير المنتج الفلسطيني، وكف الأيدي عن اموال المقاصة والسماح بتحكم الفلسطيني بموارده تلقائيا وهذه هي التنمية التي يمكن الحجيث عنها، فهذه ال28 نمليار لا تحقق تنمية مستدامة، أي يمكن تقليل البطالة لبضع سنوات ولن يكون هناك استمرارية في العمل، ستكون المشاريع خاضعة لشروط معينة، الإزدها سيكون صوري وسيكون هناك حراك اقتصادي وليس ازدهار اقتصادي.
المحلل الاقتصادي وائل كريم يرى أن هناك اشكالية أساسية تكمن في أن القيادة الفلسطينية أراحت الاسرائيليين من عبء الرد، فكان التوجه للسلطة الرفض القاطع دون الدخول في الحيثيات.
ويرى كريم أنه ورغم الكثير من الإجحاف في صفقة القرن إلا أنه كان من الممكن السماع للطرف الاخر والاعتراض عليه قبل الرفض جملة وتفصيلا.
ويشير كريم أن هناك مصالح متعددة في الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن، فاسرائيل مصلحتها الاساسية أن ترتاح من الصفقة لانها لا تستطيع ان تنفذها، بموضوع البنود المتعلقة بفتح الحدود والربط بين غزة والضفة، وحتى موضوع المستوطنات رغم حصولها على مكاسب كبيرة لكنها صاحبة أطماع اعلى بكثير من المطروح، يريدون المماطلة في الموضوع ليصبح لديهم الإمكانية لفرض أمر واقع، لذلك مصلحتهم وخاصة اليمين من الخارطة السياسية بعدم التعامل مع أي خطة وإعطاء حكومتهم نفس أطول لفرض أي واقع أفضل.
ويرى كريم ان الاشكالية الكبيرة كانت بالجانب العربي، فكان من الممكن عمل مبادرة عربية للنهوض بفلسطين واستثمار الأموال العربية فيها دون وساطة امريكية، ودعم المؤسسات الفلسطينينة لتكون جاهزة لاي حل مستقبلي وفرض واقع بما ان اسرائيل تفرض واقعا من جهتها بزيداة بناء المستوطنات فلماذا لا نقوم بفرض هذا الواقع بتوسيع نفوذ الفسطيني على الارض بما ان الاموال موجودة.؟!.
وتابع موضحا: الإشكالية الأكبر ان تتذرع دول الخليج بهذه المرحلة بالرفض الفلسطيني لصفقة القرن وتبدأ بعمليات التطبيع الاوسع نطاقا بالوقت الحالي بذريعة الرفض الفلسطيني، لذلك يتجهون نحو تهميش القضية الفلسطينية بشكل كامل.
ويعتقد كريم أنه علينا رفع القضية الفلسطينية الى طاولة المجتمع الدولي من جديد وبقوة وان نبدي استعدادنا للتفاوض في البنود التي فيها ميزات نسعى للحصول عليها.
من جهته أشار الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة أن الورشة كان هدفها تسويق تطبيع اقتصادي سياسي ما بين عدد من دول الخليج التي كانت خجولة من الاعلان عن التطبيع، وعبر الورشة اخبروا العالم بتوجههم نحو السلام الاقتصادي، والهدف من الورشة كان تصفية القضية الفلسطينية، والهدف الثاني هو التطبيع العربي الاسرائيلي بشكل مجاني، والعرب بالأساس عندهم هذه العلاقات "بالخفاء" لكنها الآن باتت معلنة.
وأوضح دراغمة أن الفلسطينين يريدون مقومات بناء دولة، لا اموالا نأكل ونشرب بها، فالمساعدات لا تبني دول ولا تفي بالغرض.
ويعتقد أن الورشة سجلت نجاحات جديدة تحسب للمستوى السياسي الفسلطيني، وشكلت صفعة للاحتلال وحكومته، القائمون على الورشة أرادوا انجاحها، وبوابة النجاح لها كان الفلسطينيون فقط، وطالما أنهم لم يحضروا أراد ترامب الإلتفاف على الموقف بدعوة رجال أعمال اسرائيليين وتغييب الجانب الرسمي الاسرائيلي لاقناع الفلسطينيين بتغيير موقفهم حول الورشة لكن الرفض بقي موجودا.
ويأخذ دراغمة على الجانب الفلسطيني العمل بشكل جدي في مجال التنمية المستدامة، اهمال الجانب الرسمي الفلسطيني للأغوار وعدم اعداد الخطط لاستغلالها بينما الجانب الاسرئايلي بالمقابل يعتبر ان منطقة الأغوار اهم من القدس.
مقترحات للخروج من الازمة المالية الراهنة
ويرى كريم أن الوضع الفلسطيني حرج جدا، والإمكانات متواضعة جدا، والتضييق الاسرائيلي ادى للتضييق على الموارد، ودعا للتحرك تجاه الجانب العربي لحثهم على القيام بواجبهم تجاه الحق الفلسطيني، فالعالم العربي وعلى رأسهم السعوديين يريدون أن يكونوا مفتاح الحل المستقبلي نتيجة مصالح كثيرة، لكن يجب أن يكون هناك ضغط كبير لتفعيل الدعم العربي وتفعيل التواصل مع العالم، ودون المساعدات الخارجية هناك مشكلة كبيرة.
من جهته يرى دراغمة أنه لا بد من الأخذ بعين الإعتبار بعض القضايا المهمة لخلق تنمية بالحد الأدنى، للتخفيف من الإعتماد على المساعدات والمقاصة، وهذه القضايا تشمل التهرب الضريبي العالي، والنظام الضريبي المعمول به مثلا، وعلاج هذه الأمور يقلل حدوث الأزمات ويجعلنا أقدر على مواجهتها.
كما دعا دراغمة للتركيز على التنمية المستدامة، وإقامة الاستثمارات وتعزيزها، وعدم مطالبة المواطن بالصمود دون ترجمة الدعم لهم على أرض الواقع.
وأكد دراغمة ان الشعب لا يرد المليارات التي تحدثوا عنها في الورشة، حيث يمكن الحصول على هذه الاموال بسهودلة إذا اصبح لدينا معبر، وسيطرة في مناطق سي، فنحن بحاجة للحل السياسي أولا، وحرية الحركة في فلسطين ومع دول الجوار، وهذا سيجعل من التنمية المستدامة ممكنة، وهذا ما ترفض اسرائيل الحديث به والتفاوض بشأنه.
ووجه أبو الروس رسالة للمستثمرين في الخارج لاستثمار أموالهم في فلسطين، قائلا: "حجم الملكية الفلسطينية في الخارج عشرات المليارات وهناك فرصة لجذبها والاستثمار بها".
كما دعا لحراك اقتصادي داخلي باستغلال ال10 مليار دولار التي هي على شكل ودائع في البنوك.