بطالة مرتفعة بالضفة الغربية... ونقص بالأيدي العاملة في آن واحد!
رام الله- حمزة خليفة- بوابة اقتصاد فلسطين
تعاني الأراضي الفلسطينية من ارتفاع قياسي بمعدلات البطالة، وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد بلغت نسبة البطالة 18% في الضفة الغربية، مقابل 52% في قطاع غزة، وفي المقابل يعاني سوق العمل الفلسطيني من نقص في الأيدي العاملة!
وحول هذه المفارقة الغريبة، يرى رامي مهداوي- مدير عام التشغيل في وزارة العمل- أن أسباب ذلك تعود إلى أن بعض المناطق الجغرافية ترتفع فيها نسب البطالة دونا عن غيرها أو بنسب أكبر وذلك لعدة أسباب، ربما بسبب تركز حملة الشهادات الأكاديمية في هذه المناطق، بالإضافة لإمكانية عدم وجود مصانع ومنشآت في تلك المناطق.
وبناءً على ذلك فإن هناك تفكيراً لدى بعض أصحاب المصانع والشركات باستجلاب أيدي عاملة من المحافظات الأخرى، لكن استجلاب الأيدي العاملة سيشكل تكاليف ونفقات أكبر على المشغل الفلسطيني.
هجرة الأيدي العاملة
شهد سوق العمل داخل الخط الأخضر ارتفاعاً في عدد العاملين الفلسطينيين، ليصل إلى قرابة 131 ألف عامل مع نهاية عام 2018، أي بنسبة وصلت لـ 8.2%، زيادة يرى فيها بعض أصحاب المصانع وأرباب العمل في الضفة الغربية سببا في قلة الأيدي العاملة في سوق العمل في الضفة الغربية، وهو ما يهدد بتوقف خطوط الإنتاج في منشآتهم، بينما يرى محللون في ذلك أمراً إيجابيا كونه يعد رافداً أساسياً للمال في السوق الفلسطيني.
مدير عام التشغيل في وزارة العمل رامي مهداوي يشير الى أن هذا الارتفاع أدى لنقص الأيدي العاملة الماهرة في سوق العمل الفلسطيني بالضفة، تحديدا في قطاع الإنشاءات وقطاع الإنتاج الصناعي الفلسطيني. ويرى أن من أسباب ذلك رواتب المياومة التي هي في اسرائيل أعلى منها بالضفة، ما يشجع هجرة الأيدي العاملة لإسرائيل.
وحول تأثير هجرة الأيدي العاملة قال مهداوي إن هذا الأمر يؤدي إلى عدم قدرة المشغلين على ملئ الشواغر، وخلق فجوة بسبب عدم توفر المهارات المطلوبة لدى العمال المتواجدين في مواقع العمل حالياً، وبالتالي نقص في المهارات في جميع القطاعات الصناعية.
من جانبها أشارت دراسة نشرها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) إلى أن أبرز أسباب صعوبة ملئ الشواغر -حسب رأي المشغلين لدى المنشآت في الضفة الغربية - ندرة المتقدمين الذين يملكون المهارات والخبرات اللازمة، وتسرب العمال إلى سوق العمل الإسرائيلي، يليها وبفارق كبير عدم توفر التخصصات في المؤسسات الأكاديمية.
على الضفة الأخرى يرى المحلل والخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة في حديثه لـ "بوابة اقتصاد فلسطين" أن ارتفاع عدد العاملين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أمر إيجابي، كونه يقوم برفد السوق الفلسطيني في الضفة الغربية بأموال جديدة، عدا تلك التي تأتي من العاملين في القطاع الحكومي.
وأضاف: " إذا ما احتسبنا حجم الأموال التي يدخلها هؤلاء العمال للسوق الفلسطيني فإن قيمتها تصل ما بين 80 الى 100 مليون شيقل شهرياً، والمبلغ يوازي ما يأتي من القطاع الحكومي، وهذا من شأنه أن يحرك السوق الفلسطيني، خصوصا في ظل ارتفاع البطالة في فلسطين".
تخمة أيدي عاملة في الضفة
ويشير دراغمة لسوء توزيع الأيدي العاملة في الأراضي الفلسطينية بين القطاعات، فهناك تخمة بشكل كلي في الأيدي العاملة وفي المقابل هناك نقص أيدي عاملة في العديد من القطاعات، ناهيك عن البطالة المرتفعة بين حملة الشهادات فوق المتوسط والتي تعدت حاجز 70%.
ويصل عدد الخريجين الجامعيين من الجامعات الفلسطينية والخارج سنوياً لقرابة 35 ألف خريج، وتستوعب الحكومة في أفضل أحوالها ما لا يزيد عن 2000 خريج سنوياً، ونفس العدد تقريباً بالنسبة للقطاع الخاص، وهذا يعني أن أكثر من 25 ألف خريج سنوياً ينضمون لجيش البطالة.
حلول مقترحة
يرى مهداوي ضرورة تفعيل التدريب المهني من قبل الجامعات والكليات في فلسطين، وتعزيز التنسيق والتواصل ما بين القطاع الصناعي والمؤسسات التعليمية، وتعزيز ودمج التعليم الأكاديمي مع التعليم المهني والعملي، والتركيز على صقل المهارات في مجالات الصيانة والهندسة الميكانيكية، بالإضافة لتعزيز التوعية المجتمعية بأهمية التعليم المهني والصناعي وتحسين المهارات المعرفية في هذا المجال.
وقال مهداوي أن الإدارة العامة للتشغيل في الوزارة تعمل من خلال مبادرة "سوق العمل... شو بدو"، وتقوم بحملة تثقيفية بالشراكة مع منتدى شارك الشبابي من خلال استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بالإضافة للقاءات مع القطاع الخاص مع عدد من الخطوات مخطط للقيام بها داخل القطاع الخاص، من خلال رفد الشركات بهذه الاحتياجات كلٌ حسب منطقته، أي أن كل محافظة لديها احتياج مختلف عن المحافظات الأخرى.
وأكد مهداوي إن وزارة العمل بدأت بمناقشة رفع الحد الأدنى للأجور مع القطاع الخاص وأرباب العمل والقطاع الحكومي، لمحاربة هجرة الأيدي العاملة الفلسطينية باتجاه الخط الأخضر.