دراسة: مشروع التسوية بوتيرته الحالية بحاجة ل 35 سنة كي ينتهي بالكامل
رام الله- حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
في دراسة حول الآثار المالية والاقتصادية المتوقعة والتحديات المصاحبة لتسوية وتسجيل الأراضي في الضفة الغربية للباحث حبيب حن قال الباحث أن مشروع التسوية غطى منذ عام 2016 ما نسبته 67.8% من مساحة اراضي الضفة الغربية التي تحتاج الى تسوية.
وقد تم انجاز 101.3 كم2 أو 3% تقريبا من المساحة التي تحتاج إلى تسوية ضمن مشروع التسوية لعام 2016، وبلغ معدل الإنجاز السنوي للتسوية حتى الان تقريبا 70 كم2 سنويا.
وأشار الباحث في عرضه للدراسة - خلال ورشة عمل عقدت في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية ماس- انه اذا استمر العمل على هذه الوتيرة فإن مشروع التسوية بحاجة إلى 35 سنة تقريبا لكي ينتهي بالكامل. "لكي تنتهي عملية التسوية في العام 2022 كما هو مخطط يجب ان يرتفع معدل الإنجاز إلى 800 كم2 سنويا، وهذا هدف قد يبدو طموحاً في ظل الإمكانيات والمصادر المتوفرة حاليا."
وترتبط أهمية تسوية الأراضي بتزايد الكثافة السكانية والطلب العالمي على فرص الاستثمار في الأسواق الجديدة والناشئة، والضغوط التصاعدية على طلب الخدمات العامة وعلى القيمة السوقية للأراضي، والتي بدورها زادت من الحاجة لتأمين ملكية الأراضي بهدف الإسكان، و/أو الاستثمار الخاص، و/أو للتخفيف من حدة النزاعات، وكذلك ازدياد طلب الحكومات المركزية والقطاع العام على تسوية وتسجيل الأراضي بهدف مواكبة وتيرة التوسع في الأحياء السكنية، وتأكل الأراضي الزراعية والأحواض الطبيعية، اضافة الى الحاجة إلى توفير الخدمات العامة مثل الطرق والمياه والصرف الصحي، وغيرها. مع توفر التكنولوجيات الجديدة تنفيذ مشاريع تسوية الأراضي بطريقة فعالة وبتكاليف قليلة مقارنة بالطرق التقليدية، مما زاد من جدواها الاقتصادية واستعداد الحكومات لتبنيها.
تفاوت كبير في رسوم التسوية
تشير الدراسة الى تفاوت كبير في رسوم التسوية التي تجبيها الهيئات المحلية المختلفة، حيث تراوحت هذه الرسوم في عينة الدراسة ما بين 100 شيقل لكل دونم إلى 400 شيقل لكل دونم، وكان المتوسط للعينة 210 شيقل لكل دونم.
الاثار الاقتصادية للمشروع
لمشاريع أمن الحيازة وبالأخص تسوية الأراضي آثار متعددة، من بينها أنه من حيث الاستثمارات الانتاجية فان الحيازة المضمونة للأراضي تشجع على الاستثمارات طويلة الأجل في الأراضي والتربة لأنها تقلل من خطر المصادرة التعسفية، والخلاف على الأراضي والحدود، وتحسن من توقعات المالكين حول المنافع المستقبلية من هذه الأراضي.
ومن هذا المنطلق، من المتوقع أن يؤدي ضمان الحيازة من خلال التسوية والتسجيل إلى تحسين النمو الاقتصادي والإنتاج والدخل.
وتشير الأدلة المتوفرة للدارس إلى أن تسوية الأراضي مرتبطة بزيادة لا تقل عن 20 % من قيمة الأرض، وهذه الزيادة في قيمة الأرض من المفترض ان تعوض المبالغ التي يمكن ان تدفع كرسوم تسوية.
كما ساعد مشروع التسوية في تقليل النزاعات على الاراضي بين المالكين، وحفظ الملكيات.
وهناك تأثير إيجابي لمشروع تسوية الأراضي على مبادرات شق الطرق في معظم الهيئات المحلية وذلك لأن مشروع التسوية وفر المخططات الهيكلية التي تبين موقع الطرق ومساحة الأراضي، ومخطط الطريق الذي يصل إلى كل قطعة أرض في الهيئة المحلية.
وهناك ايجابيات اخرى للمشروع تتمثل في خفض تكاليف اصدار سند ملكية رسمي (تسجيل نهائي) بشكل كبير بالمقارنة مع رسوم اصدار التسجيل المجدد العالية جدا (الذي يمكن الطعن به). وتوحيد الإجراءات في مشروع التسوية أدى إلى زيادة ثقة الناس بحكم قضايا الحدود والملكيات على عكس السابق حيث كانت المشاكل موجودة حتى بعد إصدار حكم بالملكية.
اضافة الى تمكين الهيئات المحلية من تنظيم الطرق والتخطيط العمراني الجيد وزيادة الفرص لدى الهيئات المحلية لاستملاك قطع أراضي للمرافق العامة وبالتالي زيادة المشاريع وازدهار المدن والبلدات. وزيادة قدرة السكان على الاقتراض نتيجة التعامل بالرهن العقاري. مع تثبيت حق المرأة في الميراث والحفاظ على أملاك الغائبين وفي تثبيت وجود المواطنين على الأرض.
الدولة كيف تستفيد من التسوية؟
اضافة الى حماية ملكيات المواطنين فإن للدولة فائدة اخرى تتمثل في الإيرادات العامة، والتي تساعد في توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات العامة ومساعدة الحكومات المحلية على تحسين كفاءة التحصيل، حيث بالتسوية يتم توفير مصادر مالية إضافية للحكومة المركزية وللحكومات المحلية من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتوفير قاعدة المعلومات اللازمة لجباية الضرائب.
وفي حال أدت التسوية إلى رفع قيمة الأراضي وبالتالي زيادة قيمة التخمين الرسمي للأراضي، فان ذلك يساعد أيضا في رفع قيمة الإيرادات الضريبية من الأراضي بشكل كبير.
ويوفر مشروع التسوية سجلاً كاملاً بجميع مالكي الأراضي في فلسطين ومواصفات الأراضي المملوكة وبالتالي يسهل عملية جباية ضريبة الأملاك على الأراضي الخاضعة للضريبة.
معيقات وتحديات العمل
أما أهم التحديات والمشاكل التي تواجه مشروع التسوية فتشير الدراسة الى أن المشروع ضخم وذو عبء مالي على الأهالي بسبب رسوم المسح، وهناك تخوف من قبل الأهالي من دفع ضريبة الأملاك أو أي مستحقات مالية للمجلس البلدي أو للدولة. كما أن بعض السكان يرفضون المشاركة في مشروع التسوية.
ومن ناحية العمل بالمشروع فالعمل يسير ببطء شديد لأسباب اجتماعية وسياسية أو إلى تأخر عملية التسوية بسبب انتظار أذون شراء خاصة اذا كان المشتري يحمل هوية أو جنسية إسرائيلية.
أضف الى ذلك مشاكل في بعض الهيئات المحلية مع المساحين الذين حصلوا على العطاء من حيث بطء العمل وعدم التعاون.
وما يعيق العمل ايضا غياب قانون أو نظام فلسطيني واضح يلائم الوضع الراهن في فلسطين دون خلق تعقيدات جديدة بالأخص من الناحية السياسية. وغياب عدد كبير من أصحاب قطع الأراضي وعدم حضورهم للإدعاء بأراضيهم وعدم تعاونهم أثناء عملية المسح، ووجود نسبة جيدة من أصحاب الأراضي المغتربين خارج فلسطين، كذلك وجود قطع أراضي بمساحات كبيرة غير مقسمة على الورثة.
مع وجود مشاكل على حدود الأراضي، ورفض الأهالي إعطاء مساحات من أجل شق الطرق كما هو في المخطط. وضعف إمكانية تطبيق المشروع في مناطق "ج" أو تلك القريبة من جدار الفصل العنصري والتعقيدات السياسية المصاحبة لذلك.
كما أن هناك بعض المشاكل الإجرائية مثل الخلل في أسماء المالكين ومساحات الاراضي، وفقدان السكان أوراق الملكية بسبب عدم إدراكهم لأهمية حفظها مما احتاج لوقت وجهد ومال لإعادة استصدارها.
ويتخوف السكان من تحويل الكثير من الأراضي إلى خزينة الدولة بسبب تعقيدات البت فيها، والذي بدوره يضعف موقف التسوية أمام السكان.
توصيات الدراسة
وخرجت الدراسة بتوصيات عدة كان منها ضرورة تسريع وتيرة انجاز التسوية ومضاعفة الجهود لتحقيق الهدف المرجو وهو تسوية كامل أراضي فلسطين بحلول عام 2022. وتخصيص موازنة لشق طرق رئيسية جديدة وعمل تمديدات بنية تحتية في المناطق التي تنجز فيها التسوية، مع ضرورة تحديد إجراءات ووضع معايير واضحة ومفصلة يتم من خلالها تحديد رسوم التسوية على المواطنين لجميع الهيئات المحلية، وتصميم برامج موازية من قبل القطاع المصرفي لتقديم تسهيلات ميسرة لأصحاب الأراضي المسجلة حديثا ًلإطلاق استثمارات إنتاجية، والتعاون مع اللجنة الوطنية للشمول المالي بهدف تعزيز وصول المالكين الى المؤسسات المالية من خلال الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي.
كذلك هناك ضرورة كبيرة لتصميم برامج اقراض جديدة تستهدف انشاء مشاريع انتاجية من خلال قروض الرهن العقاري. وكذلك تسهيل وصول الأفراد إلى المؤسسات المالية لكي يكون للتسوية أثر على الأقتراض.
وتظهر الحاجة هنا أيضا لإعطاء موظفي البلديات تدريبات ودورات أكثر فيما يخص التسوية وأثرها، وكيفية التعامل مع الناس، وزيادة معرفتهم في بعض التفاصيل التي يجهلونها بخصوص مشروع التسوية ليتمكنوا من الإجابة على استفسارات المواطنين وإقناعهم بأهمية المشروع وتقديم المشورة الصحيحة واللازمة.
ومن ناحية تعاون المواطنين فهناك حاجة لتكثيف الجهود للتوعية بأهمية التسوية والفائدة التي تقدمها للمواطن لما يحمل ذلك من أهمية لتحفيز المواطنين للمشاركة والتعاون في مشروع التسوية.
ويبقى موضوع التسوية في مناطق ج بحاجة لإجراء بحث مفصل عن تداعيات التسوية، وإذا كان بإمكان الاحتلال الإسرائيلي الطعن بسندات الملكية الرسمية الصادرة عن هيئة التسوية في تلك المنطقة.
ومن ناحية قانونية يجب تعزيز الجانب القانوني للتسوية وزيادة عدد القضاة المختصين بالتسوية وتسريع وثيرة البث في القضايا الخاصة بالتسوية، ووضع اجراءات واضحة ومدروسة بخصوص النزاعات على الأراضي، وأن لا يتم ربط اعطاء شهادة الطابو بدفع تكاليف التسوية في الهيئات المحلية، حتى لا تعيق الائتمان أو التصرف في الحيازة، وان تكون الجباية بموجب نظام جديد واجراءات موحدة مرتبطة بالدفع المؤجل أو بتعهدات معينة أو البحث عن أفضل السبل دون المساس بالغرض من التسوية.
كما يجب تجميع معلومات ديموغرافية واقتصادية حول المالكين ومعلومات حول الأراضي التي يتم تسويتها خلال عملية التسوية لتوفير قاعدة بيانات ممكن استخدامها لاحقا لتحديد الآثار المالية والاقتصادية الكمية للتسوية.
وتوصي الدراسة أيضا بمراجعة الجزء الميداني من الدراسة بعد إنجاز حوالي نصف الأراضي التي تحتاج الى تسوية وتطوير أدوات قياس خاصة بفلسطين للوقوع على الآثار المالية والاقتصادية الكمية الفعلية للتسوية والخروج بتوصيات محددة حول الرسوم والضرائب التي يمكن جبايتها من المالكين وتأثيرها على الاقتصاد والايرادات العامة.