السيدة مرّار..من موظفة صغيرة لمدير شركة ممتدة إقليميا
رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين- حسناء الرنتيسي
فلسطينيا قلّما تجد امراة قائدة في عملها .. هي استثناء كابدت الكثير لتجنيه وذلك رغم انها نصف المجتمع، السيدة شعاع مرّار، امرأة تميّزت في دراستها وحصلت على مرتبة الشرف في جامعتها لا لتكون امرأة عادية، انما لتصنع لنفسها ما تستحق.
حصلت على تعليمها الجامعي في قبرص، تخصص بكالوريوس إدارة أعمال وأكملت دراستها الماجستير في جامعة بيرزيت تخصص دراسات تنمية. تقول أن دراستها للتخصص جاءت عن حب وقناعة، ما قادها للتفوق.
"موظفة" في بداياتها
منذ تخرجها كان لديها الرغبة في بناء عملها الخاص بنفسها، لكن للإنخراط في سوق العمل والإطلاع على وضع السوق أهمية كبيرة، وذلك بهدف بناء الخبرة لديها، فهي من رغبت بالعمل لدى شركات أو مؤسسات أخرى لتؤهل نفسها وتستعد لتكون رمزا في السوق.
مرّار من مواليد الكويت، من الفلسطينيين المغتربين الذين عادوا لفلسطين ليبنوا حياتهم ومجدهم فيها، فقد تزوجت في الخارج وحضرت وعائلتها لتباشر البحث عن وظيفة مناسبة، مشيرة الى أن الحصول على وظيفة كان أمر سهل في تلك الفترة.
حظيت مرّار بفرصة العمل في منظمة غير حكومية، ما أثار فضولها لتدخل في كافة التفاصيل، وكافة النواحي لمجالات عمل هذه المؤسسات التي تعمل بقطاعات عدة تتناول شرائح مختلفة من المجتمع، فقد بدأت كمنسقة مشروع ثم أصبحت تدير مشاريع بعد عدة سنوات.
لم تكتفي بوظيفتها إنما اخذت تطور مهاراتها الفنية في مجال الدراسات والأبحاث والمؤشرات والأرقام، ومع إدارتها للمنح بملايين الدولارات بدأ يتوسع الأفق لديها في كيفية العمل بهذه القطاعات.
تأسيس رغم المخاطرة
بعد عمل مكثف في هذا المجال، بدأت تجد نفسها في مجال الأبحاث والدراسات والتخطيط للبرامج والمشاريع وقياس الإحتياجات المجتمعية وتصميم التدخلات التنموية الملائمة لها، التي أصبحت تجذب اهتمامها اكثر من العمل كموظفة بمؤسسة، وبما ان طبيعة عملها في هذه المؤسسات كانت عبارة عن عقود عمل مؤقتة، انتهى آخر عقد عمل كانت تعمل عليه، لتجد نفسها مرة أخرى أمام تحدي إقامة مشروعها الخاص بعد خبرة جيدة حددت خلالها ما تهتم به وتعلمت ما رغبت بتعلمه.
هاجس واحد أثار قلقها وكان من الممكن أن يقطع الطريق أمامها وهو الوضع السياسي الفلسطيني، حيث كان الانقسام في ذروته عام 2006، وتوالت الأحداث السياسية التي أفقدت أصحاب المشاريع والأموال شهية المغامرة، وسلطت الضوء على مخاطرة كبيرة قد تعصف بمشاريعهم في ظل تقلب الأوضاع واتجاهها نحو الضباب.
هنا بدأت تفكر بالعمل الحر، وأخذت تركز على الأشياء التي تحب العمل بها، وذلك لمدة سنتين.
وعادت الحيرة ما بين الوظائف والعمل الحر لتؤرق بالها، خاصة في ظل صعوبة العمل الحر كما تقول، والتي تجعلها مضطرة للتعريف بنفسها وبعملها في كل مرة، وهنا قررت أنه آن الأوان لتؤسس شركتها الخاصة.
وقتها كانت قد استاجرت مكتبا للشركة التي تنوي تأسيسها، ففكرت انه يمكنها التراجع وخاصة عندما حصلت على عروض عمل بمنصب عالي وراتب جيد، لكن في صراعها الداخلي رجحت كفة الرغبة بتأسيس مشروعها الخاص والتخلي عن عقود العمل التي كانت مغرية لها في تلك الفترة.
شركتها ممتدة اقليميا
تملك مرّار وتدير حاليا شركة ريادة للاستشارات، وهي شركة استشارات تنموية أسستها في فلسطين منذ 10 سنوات، وخلال هذه الفترة انجزت أكثر من 150 مشروع تقريبا، كما ان شركتها امتدت اقليميا في السنوات الأخيرة، فلديها حاليا مشاريع في الأردن والمغرب ولبنان، وذلك ضمن الخطة التوسعية للشركة.
عملت مرار منذ عشرون عاما بشكل مكثف في القطاع التنموي في فلسطين، وقبل تأسيس الشركة كان كل عملها مع مؤسسات دولية، كان آخرها إدارة المنح في مؤسسة CARE WBG - مؤسسة كير الدولية .
تصف مرّار التحديات التي تواجهها في العمل، أن العمل في فلسطين يتسم بالمخاطرة العالية، وعن عملها في القطاع الإستشاري التنموي، تقول أن التوتر مرتفع جدا بسبب طبيعته، فرفض تقرير مثلا لأي سبب ومنها السياسي قد يكلف الشركة آلاف الدولارات، أي يمكن خسارة جزء كبير من الدخل المتوقع بسبب هذه التقلبات.
حاليا هي عضو مجلس إدارة في منتدى سيدات الاعمال، وهو عمل طوعي وأيضا عضو مؤسس في اتحاد الشركات الاستشارية في فلسطين.
تمضي مرّار في عملها ولديها من الأحلام ما يقودها للقمة، وهي التي تفخر بأن شركتها هي شركة فلسطينية باتت تحظى بسمعة جيدة وبشهرة ستساعدها على الانتشار والتوسع، ما يعني فرص عمل جديدة في فلسطين وفي دول الإمتداد، والتي ستستمر في توفير فرص العمل والتدريبات المستمرة، خاصة للخبراء في المجالات المختلفة، وأيضا لطلبة الجامعات والخريجين في هذا المجال.