تسريب الأراضي والعقارات: سياسة ممنهجة لتصفية القدس، كيف ولماذا تتم؟
رام الله- هداية مفارجة- بوابة اقتصاد فلسطين
مع ازدياد عمليات تسريب العقارات والأراضي للمستوطنين في مدينة القدس، أصبحت الخطوة إلى إنهاء ملف القدس قريبة حسب ما يرى خبراء. يأتي ذلك، وسط خطوات لتصفية قضية العاصمة المحتلة ومن أهمها نقل السَفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل.
حشد واضح للاستيلاء.. ثم التصفية
قال مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية ببيت الشرق في القدس المحتلة خليل تفكجي:" إن عملية بيع العقارات المقدسية للمستوطنين كانت تتم عن طريق بيع جزء من العقار ليتم الاستيلاء عليه لاحقاً بشكل كلي، وذلك بعدة ذرائع من أهمها أنها تابعة لأملاك الغائبين، ولأسباب أمنية، وأخرى تتعلق في الجيل الثالث التي تعطي لليهود الحق في تملك العقار في حال موت الجد والأب والابن "الورثة"، بالإضافة إلى بيع "المنفعة" التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية كذريعة للانتفاع من العقار للمصلحة العامة".
وأضاف تفكجي في حديث مع"بوابة اقتصاد فلسطين"، أن الجانب الإسرائيلي خصص مؤسسات مدعومة من قبل الدولة بهدف الاستيلاء على هذه العقارات من أجل إنهاء قضية القدس باعتبارها وصلت إلى مراحلها الأخيرة.
كما أن الجمعيات المنتشرة داخل مدينة القدس ومنطقة سلوان باتت تتبع أسلوب التحقيقات لكل عائلة مقدسية بهدف إيجاد نقطة الضعف لدى كل منهم من أجل الاستيلاء على منازلهم بسهولة.
وعن حجم العقارات في مدينة القدس قال تفكجي، إن حجم الملكية الخاصة داخل البلدة القديمة بلغت 40 بالمئة، والكنائس حوالي 22 بالمئة، والملكية الوقفية الذرية بلغت حوالي 22 بالمئة، وفي حالة الوقف تباع هذه الأملاك ولكن بذريعة المنفعة.
وأكد أن عملية البيع صارت تتم بطريقة سهلة جداً نظرا لعدم وجود مرجعيات سياسية، وذلك من خلال شخص معين يتم نقل ملكية البيت من خلاله للمستوطنين بواسطة شركات.
وعن الخطوات الأولى لحماية العقارات من أيدي المستوطنين أشار تفكجي إلى ضرورة وجود إستراتيجية واضحة بشأن مدينة القدس، ووجود مرجعية سياسية واحدة وليست مجموعة مرجعيات.
لماذا، وكيف يتم التسريب؟
وعن أسباب التسريب، أكد مسؤول هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية، أن ازدياد قضية تسريب العقارات يعود إلى عدة أسباب، منها: الضيق والقلق الذي يواجه سكان القدس، والفتن التي ينشرها المستوطنون إضافة إلى سوء الوضع الاقتصادي والسياسي.
وتابع: "أن استهداف المستوطنين للمنازل المراد السيطرة عليها تتم من خلال مراقبتها في البداية إذا كانت خالية من السكان، ثم يبحثون عن المالك ليمارسوا معه أسلوب الترغيب والترهيب، وأحياناً أخرى يبحثون عن أحد الورثة المقيم خارج البلد مستغلين عدم استخدامهم لملكيتهم ليتمكنوا من تملكها، مسببين الخلاف بين أفراد العائلة".
وأضاف في حديثه مع بوابة اقتصاد فلسطين "أنه لا يسمح للمستوطنين أنفسهم من تملك هذا العقار وإنما يكونوا عبارة عن سماسرة لنقل ملكية العقار إلى شركات استيطانية بشرط أن يحصل على توقيع كل الورثة لنقل الملكية بطريقة مشروعة وأحياناً يتم نقلها عن طريق التزوير".
وتابع، انه غالباً يلجأون إلى استحضار قوانين تثبت شرعيتهم بهذه الأراضي "مثل قانون إذا بقي المستوطن في أرض أكثر من شهر فإنه يصبح ليس لك الحق بإخراجه منها حتى إذا كنت مالكها إلا بقرار محكمة والذي عادة يأخذ وقت، وتعمل سياسة المماطلة التي تتبعها المحكمة إلى فتح المجال أمام المستوطن لايجاد ذريعة يرتكز عليها للاستيلاء على الأرض".
مرسوم رئاسي لمواجهة التسريب
وعن دور الحكومة الفلسطينية في مواجهة عملية التَسريب أكد بريجية "انه يتم العمل على إصدار مرسوم من قبل الرئيس محمود عباس، ينص على معاقبة كل شخص يبيع للمستوطنين" وأضاف القانون سيعتبر رادعا لمنع أي شخص من نقل ملكيته لمستوطن آخر.
وتابع " أن قله استصدار القوانين تبقى المعيق الأول أمام مواجهة عملية التسريب".
الشرع يحرم البيع
جدد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين خلال عقده الجلسة الثامنة والستين بعد المئة، تأكيده في فتوى حرمة تسريب العقارات والأراضي في مدينة القدس أو أي أرض فلسطينية أخرى للاحتلال.
وقال المجلس في بيانه "إن فلسطين أرض خراجية وقفية، يحرم شرعاً بيع أراضيها وأملاكها، أو تسهيل تمليكها للأعداء، فهي تعد من الناحية الشرعية من المنافع الإسلامية العامة، لا من الأملاك الشخصية الخاصة" وذلك وفقاً للفتاوى الصادرة عن علماء فلسطين والعالم الإسلامي.
وشدّد المجلس على أن البيع للاحتلال أو التسريب أو تسهيل التمليك من خلال السماسرة المرتزقة، يعد "خيانة عظمى للدين وللوطن والأخلاق، وأن كل من يتواطأ في هذه الجريمة هو متآمر على الأرض والقضية والشعب الفلسطيني، وباع نفسه للشيطان"
وأكد على أن كل عملية بيع للاحتلال تعتبر لاغية بحكم القانون الدولي، حيث إنه لا يجوز قانونياً شراء المحتل لأراض أو عقارات تحت الاحتلال وفقاً للاتفاقات الدولية.