الرئيسية » محلي » الاخبار الرئيسية »
 
22 تشرين الأول 2018

ارتفاع لافت في عمليات ضبط مشاتل المخدارت..أخطار اجتماعية واقتصادية وبيئية تلوح في الأفق

بوابة اقتصاد فلسطين.

تناول تقرير لمركز العمل التنموي/ معا، قضية تزايد حالات ضبط المواد المخدّرة من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية العام الحالي، في مؤشر على تنامي هذه الظاهرة ووجود أرضية لوصولها إلى جريمة منظمة خصوصاً في المناطق التي لا تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية. ويدل على ذلك الأرقام التي حصل عليها مركز معا من قبل شرطة مكافحة المخدرات.

ووفق التقرير، حتى نهاية شهر أيلول من عام 2018، وصل عدد المستنبتات التي تم ضبطها في أنحاء الضفة إلى 40 مستنبتاً، بواقع 22 ألف شتلة تقدر قيمتها بعشرات ملايين الدولارات. وهو ما يدعو للقلق من زيادة أعداد المدمنين والمتعاطين وبالتالي ارتفاع عدد التجار ومزارعي هذا النوع من النبات الضار.

وأضاف: "هذا الواقع؛ ينذر بمشكلات تتعلق بالنسيج الاجتماعي والأمن الغذائي والاقتصادي والتنمية المستدامة، لبلد يتحكم فيه الاحتلال الإسرائيلي بكل شيء؛ بهوائه وأرضه ومياهه وكل مصادره الطبيعية، والأخطر هو إنزلاق أعداد متزايدة من الشباب إلى أتون هذه الآفة الخطيرة، خصوصا أن الفئة العمرية الشابة من ( 21-30 عاما) سجلت أعلى نسبة من بين عدد المضبوطين في قضايا المواد المخدرة".

أسباب تنامي زراعة المواد المخدرة في الضفة الغربية

قال مدير إدارة مكافحة المخدرات في الشرطة الفلسطينية العقيد عبد الله عليوي إلى الأسباب التي أدت إلى تنامي زراعة المواد المخدرة خصوصا في المناطق المصنفة "جـ "وهي مناطق غير خاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية، فهذه المناطق حافلة بالمشاكل الأمنية التي دفعت  تجار وعصابات المخدرات ليس لترويج المواد المخدرة فحسب، وإنما إلى زراعتها بكميات تجارية كبيرة، الأمر الذي ولّد مؤشرات على وجود شبه جريمة منظّمة تمتاز بعنصر الاستمرارية، حيث باتت هناك عمليات ضبط مستمرة وصلت إلى 973 قضية منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر حزيران، في حين وصل عدد المشاتل المضبوطة حتى نهاية أيلول إلى 40 مشتلا  احتوت على أكثر من 22 ألف شتلة من "الماريجوانا".

ويقول عليوي إن تجار المخدرات لديهم قدرة هائلة على التشبيك والتواصل مع أشخاص فلسطينيين، يشكلون حاضنة لنجاح هذه الزراعة من خلال توفير الرعاية والاهتمام لمشاتل المخدرات، مقابل مبالغ من المال، ويشير إلى أن تجار المخدرات في الغالب هم من أراضي عام 48، ينسجون علاقات مع فلسطينيين في الأغوار أو جنين أو الخليل وغيرها من المناطق، خصوصا البعيدة عن الأنظار، فيزودونهم بالبذور لزراعتها ورعايتها من خلال توفير مختبرات متطورة وأنظمة الكترونية متقدمة للتهوية والتحكم بالرطوبة والإضاءة والري والتغذية، بالإضافة إلى الدفيئات والمشاتل، وفي هذه الحالة لا يتحمل الممول القادم من الداخل أي مسؤولية أمنية، وإنما تقع على عاتق الحاضن الفلسطيني.

نقطة أخرى في هذا الجانب، وهي قيام الحكومة الإسرائيلية برصد أراضٍ في بردلا وكردلا وعين البيضا بالأغوار الفلسطينية لصالح مستوطنين كانت لهم خلفيات جنائية لزراعتها واستغلالها. ويؤكد عليوي أن هذه الأراضي تتحول لزراعة مخدرات تحت مسميات مشاريع زراعية وتربية ثروة حيوانية، وللأسف يستغل الفلسطينيون للعمل في هذه المشاريع بعد نسج علاقات معهم وإغرائهم بالأموال.

مخاوف من جرائم أكبر..

ولا يمكن النظر إلى هذه الظاهرة بمعزل عن الاحتلال الذي يعمل وفق سياسة ممنهجة في هذه الإطار يقول عليوي: "إذا ما عدنا للوراء إلى بدايات انتفاضة الأقصى نجد أن إسرائيل سهلت من ظاهرة دخول السيارات المسروقة من إسرائيل إلى الأراضي الفلسطينية، حيث أن كل الذين اعتقلوا على خلفية هذه القضايا آنذاك، عادوا لممارسة جرائم من نوع آخر وهي المخدرات، فالمافيا في إسرائيل وجدت قابلية لدى هؤلاء الأشخاص لتنفيذ مشاريعها بالاستنبات في أراضي الضفة، وهذا مؤشر خطير ينذر بما هو أشد خطرا في المستقبل، من الممكن أن نرى بدايات لجرائم الاتجار بالبشر مثلاً، إذا ما تمت السيطرة على ظاهرة المخدرات".

 

لا دراسات عن الأثر البيئي والاقتصادي لزراعة المخدرات، ولكن!

لا توجد لدى أي جهة فلسطينية أو حتى عربية، دراسات تتطرق إلى الأثر الاقتصادي والبيئي المترتب على تنامي زراعة المخدرات، لكن هناك مؤشرات يمكن ملاحظتها ببساطة تدلنا على مخاطرها في هذه الجوانب. فمثلا لا تخلو أي عملية ضبط  للمشاتل، من وجود كميات كبيرة من المبيدات محظورة الاستخدام في الأراضي الفلسطينية، وهذا ببساطة يترك أثراً على البيئة والصحة العامة على المدى القريب والبعيد، سواء على صعيد قتل التربة واستهلاكها على مدار سنوات، أو النتائج المترتبة على رش كميات هائلة من المبيدات.

اقتصاديا، يطالب مدير إدارة مكافحة المخدرات بإجراء دراسات معمقة في هذا الإطار، لكنه يعتقد بأن تحول مساحات من الأراضي من الزراعة التقليدية إلى المخدرات يؤدي إلى تراجع في السلة الغذائية لصالح نشاط غير مشروع وجنوح مزارعين للخضار إلى هذا النشاط.

تنامي زراعة المخدرات تعني زيادة أعداد المدمنين والمتعاطين

حوالي 26500 شخص يتعاطون المخدرات بشكل خطرٍ في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، بينهم 16453 في الضفة يتعاطون بشكل رئيسي الحشيش والماريجوانا الصناعية، و10047 في غزة يتعاطون بشكل رئيسي الترامادول والليريكا. وهناك 1118 شخصاً من أصل 26500 يتعاطون المخدرات بالحقن. وأيضاً 61% منهم من شمال الضفة و20% منهم من وسطها بدأوا بالتعاطي تحت سن الثامنة عشرة.

هذا ما خلصت إليه الدراسة الخاصة بمدى انتشار وتعاطي المخدرات في الضفة والقطاع، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والوكالة الكورية للتعاون الدولي.

ووفقا للدراسة الأخيرة الصادرة عن المعهد الوطني الفلسطيني للصحة العامة تشرين الثاني 2017، فقد أظهرت بياناتها حسب عفاف ربيع مسؤولة برنامج التوعية في جمعية الصديق الطيب أن "مؤشرات الظاهرة ارتفعت في الشمال والجنوب في السنوات الأخيرة، في المقابل منطقة الوسط، لم يكن الارتفاع فيها لافتا للانتباه، ويعزو المهنيون ذلك بأن تلك المنطقة،  وخاصة محافظات القدس وأريحا ورام الله تم فيها تكثيف وصب كل برامج التوعية والوقاية لكافة الشرائح، في حين كان التهميش واضحا للشمال والجنوب لاعتقاد المؤسسات الرسمية والأهلية بأن تلك المناطق أكثر أمنا من حيث الاستهداف".

في المحصلة، تحاول الأجهزة المختصة تجفيف منابع المخدرات وإبعاد المسافة بين مراكز العرض وبؤر الطلب على المواد المخدرة، لكن دون سياسات من قبل كل الجهات وتوحيد كل الجهود ابتداء من الأسرة والمدرسة وصولا للجامعة وكل الحلقات، لأنه دون ذلك، ستزداد أعداد المتعاطين والمدمنين وستظهر نتائج هذه الآفة في وقت قريب لا يتعدى سنوات قادمة.