الاستيطان يلتهم مناطق " ج".. ومحاولات فلسطينية بإمكانات محدودة لإنقاذها
رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين – كايد ميعاري
على وقع انتهاكات الاحتلال واعتداءاته في المناطق المصنفة "ج" وآخرها المخطط الإسرائيلي بتهجير أهالي الخان الأحمر، تؤكد الحكومة الفلسطينية إنها تتخذ إجراءات متزايدة لدعم تلك المناطق لكن في الوقت ذاته لا يرى مراقبون أن الإجراءات كافية لحماية المناطق "ج".
وتشكل مناطق " ج" للفلسطينيين الفرصة الوحيدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، فيما تعتبرها الحكومة الإسرائيلية خزان التوسع الاستيطاني حيث وصل عدد المستوطنين إلى 711 ألف مستوطن، وارتفعت معدلات هدم المساكن الفلسطينية، وتهجير التجمعات البدوية، ومصادرة الأراضي.
وتبلغ مساحة أراضي "ج " ما نسبته 61% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، وتعتبر من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، وتعتبرها المنظمات الدولية مفتاح التنمية والازدهار في فلسطين.
وتقسم أراضي الضفة الغربية من الناحية الإدارية وفقا لاتفاقية أوسلو إلى ثلاثة مناطق هي: مناطق (أ) وتتبع مدنيا وأمنيا للسلطة الوطنية الفلسطينية، والمنطقة (ب) وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، فيما تتبع المنطقة (ج) مدنيا وامنيا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
الاحتلال يوجه الدعم لسرقة الأراضي
لا تقتصر جهود دعم المشروع الاستيطاني بالضفة الغربية على الصعيد الإسرائيلي الحكومي بل تمتد لتشمل القطاع الخاص ولاسيما البنوك.
وتقدم أكبر البنوك الإسرائيلية خدمات مصرفية، وتمول أعمال بناء، وتمنح قروضا، وموافقات مسبقة على الرهن في المستوطنات التي يتم بناءها في الضفة الغربيةـ وفقا لمنظمة " هيومن رايتس ووتش".
بالإضافة إلى مشاريع الإنشاءات، تمنح البنوك القروض لمجالس الاستيطان (السلطات المحلية) وقروض الرهن العقاري لمشتري المساكن في المستوطنات، كما تشغل أجهزة الصراف الآلي والفروع فيها.
وتقدر قيمة القروض الممنوحة للمجالس الإقليمية للمستوطنات بمئات ملايين الدولارات في الفترة الواقعة بين 2012-2016 وفقا لمنظمة " هيومن رايتس ووتش".
يأتي ذلك خلافا لتسهيلات أخرى يتلقاها المستوطنين، حيث إن القوانين المحلية الإسرائيلية الحاكمة للأنشطة المصرفية، بما يشمل التعديلات الأخيرة على قانون مكافحة التمييز وقانون المستهلك، وقانون يتصدى لدعوات مقاطعة إسرائيل ومستوطناتها، لا تميز بين المستوطنين في الضفة الغربية، والمقيمين داخل حدود دولة إسرائيل.
وتكشف منظمة " هيومن رايتس ووتش" عبر موقعها الإلكتروني أن معظم البنوك الإسرائيلية تمول أو "ترافق" مشاريع الإنشاءات في المستوطنات من خلال لعب دور الشريك في التوسع الاستيطاني، والإشراف على كل مرحلة من مراحل الإنشاء، وضمان أموال المشترين، وتملك المشاريع في حالة تعثر شركة الإنشاءات.
وأوضحت المنظمة في بيان صدر عنها أن البنوك الإسرائيلية تقوم بمنح تسهيلات للمستوطنات بالضفة الغربية دون أن يكون هناك أي قوانين محلية تلزمها بذلك.
ووفقا لتقرير صادر عن هيئة الجدار ومقاومة الاستيطان قدمت الحكومة الإسرائيلية خلال عام 2017 حوالي 837 مليون دولار لصالح المستوطنات، وهي لا تشمل المساعدات المقرة عبر الموازنة العامة للحكومة الإسرائيلية.
الحكومة الفلسطينية تقاوم بإمكانياتها
تحاول الحكومة أمام التعنت الإسرائيلي، الذي يعمل على تفريغ تلك المناطق بالقوة العسكرية والدعم الحكومي الكبير، إلى مواجهة تلك العقوبات وحماية المناطق "ج" بما تمتلك من أدوات متاحة.
وفي هذا السياق، قال مدير المكتب الوطني التنسيقي للمناطق المسماة" ج" التابع لرئاسة الوزاء مروان درزي إن جهود الحكومة شهدت زيادة مضطردة في برامج عملها، وتدخلاتها في أراضي " ج" من خلال عدة برامج بعضها يمول وينفذ بشكل مباشر من الحكومة، والبعض الآخر بالشراكة مع جهات مانحة والبنوك.
وأضاف: "ان التركيز بشكل كبير على قطاعي الحكم المحلي والزراعة".
خبراء: بحاجة إلى سياسات تنموية
قال الخبير الاقتصادي بكر اشتية إن الأهمية الإستراتيجية لأراضي " ج" تتطلب سياسات اقتصادية وتنموية خاصة، تراعي الوقع القانوني، والجغرافي والسياسي الاستثنائي.
وأوضح اشتية ان المطلوب هو سياسات اقتصادية (مالية ونقدية) تركز على القطاعات الإنتاجية وخاصة الزراعة ويجب توافر ثلاث عناصر أساسية تحقق التمكين الاقتصادي للمواطنين في أراضي " ج" وتوقف النزيف الحاصل، وتتمثل ب شركات تسويق زراعي، وجهة او صندوق تأمين زراعي، وتسهيلات بنكية.
وأكد اشتية أن سلطة النقد تمتلك جهازا وأنظمة وتعليمات إدارية ممتازة لكنها تفتقر للسياسات التنموية التي من شأنها معالجة قضايا تنموية ووطنية ملحة كواقع أراضي " ج".
وأشار اشتية إلى ضرورة تشجيع الاستثمار الزراعي في تلك المناطق من خلال تسهيلات مصرفية.
بدوره، عقب الخبير المصرفي محمد قرش حول الموضوع قائلا: القضية ليست اقتصادية مهنية فحسب، بل سياسية بامتياز، والمصارف تتجنب الخوض في مخاطرة الاستثمار بأراضي " ج".
سلطة النقد: نحاول قدر المستطاع
أكدت "سلطة النقد الفلسطينية" في معرض تعقيبها على أهمية المناطق "ج" على الصعيدين الوطني والتنموي، مستعرضة جهودها في تشجيع المصارف ومحال وشركات الصرافة ومؤسسات الإقراض المتخصصة على الانتشار الجغرافي لكافة المناطق والبلدات الفلسطينية لخدمة أكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع الفلسطيني، وإيصال الخدمات المصرفية للمناطق المهمشة.
وذكرت سلطة النقد أنها قامت بإصدار تعليمات خاصة للمصارف تحفزهم على منح الائتمان داخل منطقة القدس من خلال تخفيض قيمة التسهيلات الممنوحة للقطاعات المنتجة داخل المدينة من وعاء الاحتياطي الإلزامي داخل البنك وهو وعاء تبلغ نسبته 10% من موجودات وأصول البنوك يمنع التصرف به وتجري مراقبته بشكل دوري من قبل سلطة النقد. لكن لا يوجد مثل هذه التعليمات خاصة بأراضي " ج".
وأوضحت سلطة النقد انه لا يوجد أي بيانات حول التسهيلات الائتمانية على مستوى مناطق " ج" بشكل منفصل.