ديناميكية الشابة مسالمة تذهب بها إلى صناعة الشمع
الخليل- ساري جرادات- بوابة اقتصاد فلسطين
اليأس أو قلة النجاح في أمر ما تعطي قوة لتكون ركيزة دافعة نحو القمة، لتدلل بذلك على ديناميكية مبدعة يحملها الشخص بالقدرة السريعة على تأقلم فورا مع كافة الظروف. هذا ما حصل مع الشابة منال المسالمة حين قررت تغيير مركزها في بلدة دورا جنوب الخليل الخاص بالتصوير والتصميم إلى مشروع ناجحٍ يختص في صناعة الشمع.
نشأت الفكرة
قالت المسالمة في حديث مع بوابة اقتصاد فلسطين: "أثناء انشغالي في تزيين مدخل القاعة وممرها وحول مكان جلوس العروسين، تولدت في ذهني فكرة إنشاء مشروع تصميم وصناعة الشمع، وخلق فرصة عمل خاصة بي، وكبرت الرغبة لدي بعد توالي الطلبات عليها، ورغبة الناس في تزيين بيوتهم وتبادل الهدايا مع الآخرين.
وأضافت "زواج إحدى زميلاتي من منتسبات المركز كان نقطة التحول في مسيرة تصميم الشموع، حيث طلبت مني تزيين قاعة العرس التي تنوي إقامة حفل زفافها فيها بالشمع، فبدأ الصراع بيني وبين أفكاري في فحص مدى إمكانية الانتصار في التحدي الجديد".
التفكير الإبداعي.. والنظرة للخارج
تقول المسالمة إنها بدأت في إذابة الشموع وإعادة تصنيعها وتدويرها بأشكال جذابة ليتم استخدامها في زينة البيوت لكنها وسعت دائرة أفكارها في استنباط أشكال وأحجام مختلفة تغري أعين الزبائن وتدفعهم لاقتنائها رغم قلة الإمكانيات المتوفرة.
وتعمل المسالمة من خلال إعادة تصنيع الشمع على كتابة أسماء وعبارات تعكس رغبة المشتري، كذلك عبارات أخرى يتبادلونها في مناسباتهم الاجتماعية.
وأيضا، تعمل تجهيز الشمع الخاص بمناسبات الخطوبة وحفلات الزفاف والتخرج من خلال وضع الشمع في قوالب متعددة الأحجام والألوان وتستخدم فيها صبغات خاصة تضفي على القطع نكهات إضافية.
ومن يزور المركز الذي تعمل فيه مسالمة، فإنه سيلحظ الديكور المستخدم، وطرق التزيين الموجودة على مداخله بالتحف المعاد تصنيعها وتشكيلها من بقايا الشمع، وهو ما وجد إطراء من قبل الزائرين.
ولا تنفك المسالمة (28 عاماً) من البحث من خلال وسائل الانترنت المتعددة في خلق أشكال جديدة، تلائم أذواق ومتطلبات السوق، وتواكب المناسبات الاجتماعية التي يرى العديد من الباحثين والمراقبين زيادة الاهتمام في الكماليات والثانويات، ولو كان ذلك على حساب الأساسيات.
وتطمح المسالمة إلى توسيع رقعة عملها، ورفد الأسواق الأجنبية من شمعها، وفتح المجال أمامه لمنافسة السلع الأجنبية في أسواقه، والحصول من الجهات الفلسطينية المختصة على الأوراق التي تمكنها من هذا، وتسهيل عمليات استيراد الشمع الخام إلى الأسواق المحلية.
وأشارت المسالمة إلى قيامها بمنح تدريبات خاصة لعدد من خريجات الجامعات، لتمكينهن من المباشرة في أعمال قد تنوب عن العمل الوظيفي، خاصة وأن معدلات فرص الحصول على وظيفة في فلسطين قليلة مقارنة بالدول الأخرى، وهو ما تؤكده العديد من الأبحاث والدراسات التي تنازلت سوق العمل الفلسطيني مؤخراً.
وتطمح المسالمة في الحصول على أفران خاصة بصهر الشمع وإذابته، وتوفير قوالب جاهزة بدلاً من عناء استخدام قوالب مصنوعة من الجبس والتي غالباً ما تتعرض للكسر والتلف نتيجة ارتفاع درجات حرارة الشمع المسكوب داخله، فيما تقدر قيمة إنشاء معمل قادر على إنتاج طن من الشمع يومياً ب 20 ألف دولار.
ويشعر الزائر لمعمل المسالمة لتصنيع الشموع أنه في مطبخ منزلي، لكونها تستخدم ذات الأواني التي تستخدمها السيدات في البيوت، من أوانٍ وطناجر طهي وغازات، وهو ما يعرض عملها إلى الخطر، خاصة وأن عملية صهر الشمع تتطلب درجات حرارة عالية تصل إلى (40 درجة مئوية)، وساعة من الوقت لتتمكن من صناعة الأشكال والأحجام المطلوبة.
إقبال على الشمع
تبدي المسالمة راحة عالية في عملها بتصنيع الشموع، نتيجة الإقبال الواسع عليه في المناسبات المتعددة، وقالت لـ "بوابة اقتصاد فلسطين": "أتعاون مع المدارس في مناطق متعددة من محافظة الخليل لتوفير الكميات المطلوبة من الشمع، خاصة في مناسبات تكريم الطلبة والمعلمين".
وأشارت إلى أنه يحقق دخلا جيدا كما وتساعدها في عملها سيدتين، يعملن وفق الحاجة والطلب على منتجاتها. وأضافت مؤخراً إلى معملها المتواضع الكتابة على الأواني والكاسات، وطباعة الصور على مجسمات الشمع، لمواكبة متطلبات الحياة وتغطية أجرة المعمل، حيث يكلفها 1800 دولار سنوياً.
وختمت المسالمة حديثها لـ "بوابة اقتصاد فلسطين" بالقول: "كي الشمع وحرارته لأصابعي زادني تمسكاً به، وأشعر أنني أضع روحي في كل قطعة أنتجها، خاصة وأنه بات سبيلي الوحيد وفرصتي الوحيدة في إيجاد مصدر رزق يقيني برد الشتاء وحر الصيف، ويؤكد على قدرة المرأة على خلق الفرص والعمل والريادة".