محاولات للنهوض بالعلاقة الهشة مع كوريا الجنوبية
رغم التطور الذي شهدته العلاقة بين كوريا الجنوبية وفلسطين في السنوات الأخيرة، إلا أن التبادل التجاري بينهما ما زال أقل من الطموحات، في حين أن التبادل الكوري الإسرائيلي في أوجه.
رام الله- خاص بوابة اقتصاد فلسطين| أكد نائب رئيس المعهد الكوري للسياسات، كيم هيونغ شونغ، التزام المعهد بوضع تجربته والخبرات التي تحصلت لديه في خدمة الاقتصاد الفلسطيني، مشيرا إلى العديد من الإنجازات التي حققها المعهد، المتخصص بالسياسات الاقتصادية الدولية والتنمية الإقليمية، ودوره في دعم جهود الحكومة الكورية لتعزيز علاقاتها مع العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط.
وقال: "نتطلع إلى حوار معمق مع السلطة والمؤسسات الفلسطينية، خصوصا أن البلدين تمكنا من بناء علاقات قوية، عبر عنها بالعديد من الاجتماعات التي عقدت بمستويات رفيعة بين حكومتي البلدين". معربا عن أمله بأن يخرج المؤتمر بمؤشرات وبيانات تساهم في تعزيز العلاقة بين البلدين، وكذلك تعزيز الدعم الكوري المقدم لفلسطين".
ورغم التطور الذي شهدته العلاقة بين البلدين في السنوات الأخيرة، إلا أن التبادل التجاري بينهما ما زال اقل من طموحاتهما.
كما أكد الجانب الكوري ضرورة إبراز جوانب الاقتصاد الفلسطيني التي يمكن الاستثمار فيها ومن أهمها القطاع السياحي.
جاء ذلك خلال مؤتمر عقده اليوم الاثنين، برام الله، معهد الدراسات والأبحاث الاقتصادية (ماس) بعنوان "التحديات الاقتصادية والسياسية في المنطقة وآفاق توسيع التعاون الفلسطيني الكوري".
ودعا الخبراء الكوريون المشاركون، إلى تطوير مرافق السياحة ودعمها حتى تتغير الصورة عن فلسطين ويقبل عليها المستثمرون سيما أن الكثير من الكوريين يعتقدون أن فلسطين منطقة خطيرة، بحسب ما يروج لهم "يجب على الجانب الفلسطيني أن يبدد الصورة".
وحضر المؤتمر، حشد من المؤسسات الرسمية ورجال الأعمال وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديميين والمهتمين.
من جانبه، استعرض محمد مصطفى، مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الاقتصادية، واقع الاقتصاد الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وما تبعه من انخفاض معدل النمو وارتفاع معدل البطالة واستمرار التراجع في مساهمة الأنشطة التجارية الرئيسية، إضافة الى تضخم العجز التجاري الذي وصل إلى 5.5 مليون دولار، وانخفاض الدعم الخارجي ليبلغ مليار دولار فقط.
كما اشار إلى أثر الاحتلال الإسرائيلي على تراجع إيرادات المقاصة وانخفاض صافي الإيرادات وغيرها من القضايا الاقتصادية ذات الصلة.
وأوضح مصطفى، أن تبعية الاقتصاد الفلسطيني للمنظومة الاقتصادية الإسرائيلية جعله مكبلا بشكل كامل، وهو ما أدركته القيادة الفلسطينية التي تنبهت لأهمية التحرر من التبعية للمنظومة الإسرائيلية متخذة قرار إعادة النظر في هذه المنظومة التي تبقي الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية.
وقال: "إن هذه المبادرة تهدف لتعزيز القدرة الذاتية للاقتصاد الفلسطيني وذلك بالاستثمار في قطاعات محددة ذات اهمية استراتيجية، ومن أهمها قطاع الطاقة والصناعات الغذائية، وهما قطاعان استراتيجيان ويوفران عددا كبيرا من فرص العمل، وحجم الانفاق فيهما مرتفع، اضافة الى قدرتهما على إنتاج سلع منافسة عالميا وليس فقط محلية".
وفي قطاع الطاقة، أوضح مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الاقتصادية، أن اعتماد فلسطين على استيراد الكهرباء يكلف الاقتصاد الفلسطيني 2 مليار دولار سنويا، وهذا يضعف الآمن القومي ويشكل عبئا على الموازنة الفلسطينية، مشيرا الى جهود الحكومة الفلسطينية في هذا المجال المتمثلة في تشكيل محافظ استثمارية تشمل مشاريع ذات طابع استراتيجي، كمشروع توريد غاز طبيعي، وإقامة محطة كهرباء في جنين واستخراج البترول من رنتيس وغيرها من المشاريع ذات الصلة.
وفي مجال الصناعات الغذائية، بلغ عدد المنشآت الغذائية الفلسطينية 14% من اجمالي المنشآت الفلسطينية، وهذا القطاع وفر لـ 15 ألف مواطن فرصة عمل، كما ان حصته من الصادرات الفلسطينية بلغت 22%، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد صناعة الحجر والرخام، يقول مصطفى.
ووجه مصطفى، الأنظار لأهمية الاستثمار في هذين القطاعين، والذي يمكن ان يشكل مدخلا مهما في التحرر من إسرائيل. كما وجه الأنظار لقطاعات اخرى واعدة، كقطاع الدواء والقطاعات الإنشائية والتكنولوجية وغيرها.
وأشار إلى تراجع الاستثمار الرأسمالي في فلسطين من 40% سابقا لـ20% عام 2014 في ظل الاحتلال الاسرائيلي. كما تراجع حجم الاستثمار في الآلات والمعدات من 10% إلى 5% من مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي، منوها لأهمية الاستثمار من قبل الشركات الكبرى والبنوك والشركات العالمية في هذه المجالات، مبديا آماله في الاستثمار في الرأسمال البشري ايضا، فدون الاستثمار فيه لن يكون هناك تقدم وتنمية، كما أبدى أسفه لواقع القطاع التعليمي في فلسطين وما يعانيه سوق العمل من نقص المهارات، مستشهدا بتجربة الجانب الكوري بالاستثمار في الرأسمال البشري وتنمية الطاقات والبشرية فيها.
من جانبه، استعرض سمير عبد االله، مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، تاريخ الاقتصاد الفلسطيني وما تخلله من عقد اتفاقيات سياسية واقتصادية مع الجانب الاسرائيلي، ومنها ما انتهت صلاحيته الا انها استمرت حتى اليوم بفعل السيطرة الإسرائيلية.
وقال، ان الموارد الفلسطينية المتاحة للجانب الفلسطيني، هي شحيحة جدا، وتسيطر اسرائيل على معظمها، كالمياه والسيطرة على الأراضي، وحتى الذي يخضع للجانب الفلسطيني هو مقيد بقوانين واتفاقيات اسرائيلية، مشيرا إلى أن المناطق الخاضعة لإسرائيل تمثل سلة الغذاء الفلسطينية.
كما تطرق لملف مكب النفايات الصلبة لمدينة رام الله، الذي يتم البحث فيه منذ 12 سنة، بسبب عدم تعاون اسرائيل مع الجانب الفلسطيني بهذا المجال.
وأكد عبد الله حاجة السلطة الفلسطينية للمساعدة الإقليمية والدولية لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وجذب المستثمرين.
بينما قال الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، إن هناك أمورا مشتركة ما بين التجربة الفلسطينية والكورية، فكلاهما عانا من ظروف سياسية سيئة، لكن كوريا تحررت وأصبحت دولة مستقلة، داعيا كوريا لدعم الجانب الفلسطيني كونها عاشت الظروف الشبيهة به.
ووصف عبد الكريم التعاون الإسرائيلي الكوري، بالصاروخي، في مجال التجارة والأبحاث والتكنولوجية وغيره حيث بلغ حجم التعاون الاقتصادي بينهما 2 بليون دولار في الآونة الأخيرة.
وأعرب عن أمله في قيام كوريا بدعم القطاعات الفلسطينية كقطاع السياحة. وأشار إلى ممارسات الاحتلال في هذا الشأن إذ تسمح إسرائيل للسياح بالحضور إلى فلسطين لكن بعد أن يتسوقوا ويستخدموا المرافق الإسرائيلية.
وأشار إلى أن دافع ذلك، دعم بقاء المواطن الفلسطيني على أرضه، وذلك بالتحرر من الروابط التجارية والاقتصادية مع اسرائيل.