طفلة تبيع الزهور لتغطية تكاليف علاجها في الأردن
عمان_هديل البس_ بوابة اقتصاد فلسطين
عشق زينة، الطفة الأردنية، للزهور، دفعها لإطلاق مبادرة لبيع باقاته، لا للترف، وإنما للمساهمة، ولو بسعرها الرمزي، بتغطية تكاليف علاج قدميها اللتين أرهقت أوتارهما، حالة من الشلل الدماغي
خمس وثمانون ألف دولار أمريكي "60 ألف دينار أردني"، تقف حائلا أمام زينة ابنة الثمانية أعوام، لإجراء عملية تسمى طبيا بـ "SDR"، نتيجة إصابتها بإعاقة حركية في قدميها، ستمكنها من العودة إلى السير عليهما بشكل طبيعي، وفق تشخيص طبيبها المطلع على حالتها الصحية.
تمكنت زينة، حتى كتابة التقرير، من جمع ما يقارب 28 ألف دولار أمريكي من المبلغ المرصود لإجراء العملية، فيما تطمح عائلتها بزرع 12 ألف شتلة للزهور التي تبيعها بأسعار رمزية تذهب أرباحها لصالح إخضاع ابنتهم لتلك العملية.
وتروي إيمان أسعد، والدة زينة، قصة اكتشافها لعدم قدرة طفلتها على تحريك قدميها والجلوس بشكل طبيعي منذ الشهر السادس من عمرها.
"ولدى عرضها على الأطباء المختصين في الأردن، تبين بأنها تعاني من شلل دماغي نتيجة نقص الأوكسجين أثناء ولادتها التي جاءت مبكرة في الشهر السابع من الحمل، وبعملية جراحية، الأمر الذي تسبب لها بإعاقة حركية".
رحلة بين أروقة الأطباء
تعاني زينة، بحسب تشخيص مستشفى الجامعة الأردنية، من شدّ في الأوتار وصعوبة في المشي، وتحتاج لتلقي العلاج المناسب، والعناية الخاصة، إضافة إلى العلاج الطبيعي المكثف.
هذه الحالة المرضية، استدعت عائلة زينة لمراسلة أحد الأطباء المختصين في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أشار عليهم بإجراء العملية الجراحية "SDR"، لتستطيع السير على قدميها بشكل طبيعي.
وتقوم عملية الـ" SDR " على تقليل التوتر العضلي المرتفع في الأطراف السفلى للأطفال المصابين بالشلل الدماغي، من خلال فحص أعصاب النخاع الشوكي أسفل الظهر والتي تغذي تلك الأطراف، ومن ثم فصل الأعصاب التي تتسبب بحالة الشدّ العضلي.
ورغم وجود العديد من الإجراءات الجراحية التي قد تساعد أطفال الشلل الدماغي على التطور مثل البوتوكس، وتحرير الوتر، ومضخة الباكلوفين، إلا أن العديد من الأطباء المختصين يعتبرون أن هذه الإجراءات مؤقته وتحتاج الى التكرار للحفاظ على نتائجها.
تحديات أمام الطفولة
لا تقتصر معاناة زينة، وغيرها من الأطفال المصابين بذات الحالة، على الآلام الجسدية، فهي تحد من قدرتهم على التنقل بمفردها أو دون مرافق، إضافة إلى صعوبة استمتاعها بأماكن الترفيه والألعاب، لغياب البيئة المناسبة لها، تقول الوالدة.
الناشطة في مجال ذوي الإعاقة هديل أبو صوفة، تشير إلى وجود العديد من المفاهيم الخاطئة والصور النمطية التي لا تزال راسخة في أذهان المجتمع الأردني، باعتبار أصحاب الإعاقات غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم، وهو ما ينتج تقصيرا واضحا من ناحية الاهتمام بالبنية التحتية المناسبة لهم.
وتعتقد أبو صوفة أن التكلفة المادية المرتفعة لتصميم تلك الأماكن تقف عائقا أمام اتخاذ تلك الخطوة، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى لأشخاص ذوي الإعاقة، يسعى إلى تحقيق ذلك من خلال وضع استراتيجيات وطنية لتوفير حياة أفضل لهذه الفئة من المجتمع الأردني.
وتشير إلى انطلاق مبادرات فردية تساهم بالعمل على دمج تلك الفئة من خلال تخصيص ألعاب لهم لممارسة حقهم باللعب والترفيه، الأمر الذي ينعكس على شخصيتهم إيجابا ويمنحهم الشعور بالثقة.
مبادرات فردية وتعديلات تشريعية لإعادة الدمج
لمى جمجوم، ناشطة نقلت فكرة مبادرة "أرجوحة وضحكة" المطبقة في إحدى الدول العربية إلى الأردن، وذلك بتصميم أرجوحة للأطفال الذين يستعملون الكراسي المتحركة في إحدى حدائق العاصمة عمان.
وتلفت جمجوم إلى أن الهدف من المبادرة تمثل بإتاحة مكان لهذه الفئة للعب والاستمتاع بأوقاتهم أسوة بأقرانهم غير المصابين.
وكجهة رسمية معنية بهذه الفئة، يقوم المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، على تطوير قانون ذوي الإعاقة، ومعالجته تشريعاته، بهدف دمجهم في البرامج التأهيلية، ومنحهم حق البيئة النظيفة وأماكن اللعب والترفيه.
كما أنهت الحكومة الأردنية إعداد مسودة خطتها العشرية الخاصة للدمج المجتمعي للأشخاص ذوي الإعاقة، على أن يتم إطلاق الخطة خلال أيلول المقبل، وفقا لما أعلنته وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف.
فيما لا توجد مخصصات مالية لدى مديرية شؤون الاشخاص ذوي الاعاقة في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، لدعم مثل هذه الحالات التي تحتاج لإجراء عمليات طبية خارج المملكة، بحسب مدير المديرية الدكتور بشار الضلاعين.
ويوضح الضلاعين، بأن بإمكان تلك الفئة الحصول على التأمين الصحي لتلقي العلاج في كافة المستشفيات الحكومة مجانا، وفقا للانظمة والقوانين.
"وتقدم الوزارة العديد من الخدمات الإنسانية، والتعليمية لذوي الإعاقة عن طريق إنشاء مراكز متخصصة منتشرة في كافة محافظات الأردن"، يقول الضلاعين.
هذا ويشكل الأشخاص من ذوي الإعاقة في الأردن ما نسبته 2،11 % من إجمالي عدد سكان المملكة باستثناء الأطفال دون الخامسة من العمر، بحسب التعداد العام للسكان والمساكن الأخير لعام 2015، الذي نفذته دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.