إسهام علمي في الخليل.. ابتكار جهاز يقاوم جفاف النباتات
الخليل- بوابة اقتصاد فلسطين
"الحاجة أم الإختراع" بهذا المثل عبر د.عبد المحسن العلامي عن ابتكاره "جهاز مقاوم الجفاف" الذي يقوم بجمع المياه من الأمطار والرطوبة الجوية و تخزين المياه ومن ثم تزويد النباتات بحاجتها من المياه، للتغلب على شح المياه وإبقائها على قيد الحياة.
العلامي الذي يسكن في بلدة بيت أمر شمال الخليل حاصل على الدكتوراة في تخصص الإنتاج الحيواني، لكن شغفه بالزراعة والزيوت العطرية، قاده للبحث عن حلول لمشكلة تلف النباتات نتيجة قلة المياه، والبحث عن تقنيات مياه مستدامة بالإمكان الاعتماد عليها كحل جذري للحفاظ على النباتات في ظروف نقص المياه أو انعدامها، وكمصدر مائي يوفر في تكلفة الري.
وقال العلامي:"خلال زراعتي للنباتات لاستخلاص الزيوت منها، كانت بحاجة إلى كميات كبيرة من المياه، ومنطقتنا بطبيعتها تعاني نقصا في المياه، ما شكل خطورة على النباتات، وكانت في كثير من الأحيان تموت النباتات من العطش، فبدأتُ بالبحث عن تقنيات بإمكانها تقليل المياه المستخدمة في الري، وتوفير مصدر أخر للمياه في نفس الوقت".
كان العلامي خلال دراسته في اسبانيا قد اطلع على نموذج لجمع المياه من الرطوبة، وهو عبارة عن شبكة معلقة في الهواء، شبيهة بشبكة العنكبوت، يرتطم بها الهواء المشبع بالرطوبة "الندى" فيتبلل وتتجمع المياه على الشبكة ومن ثم تنزل إلى أنابيب توصل المياه إلى خزان أو صهريج، ويتم استخدامها في اسبانيا للشرب.
عمل العلامي على تصميم نموذج مشابه معتمدا على المواد الموجودة في السوق المحلي، لكنه لم يستكمل العمل بهذه التجربة رغم نجاحها النسبي في بعض المناطق، بسبب قلة الإمكانيات وعدم توفر المواد اللازمة.
حسب الدراسات تأخذ النباتات في فصل الشتاء احتياجها من مياه الأمطار، ويذهب الفائض إلى الأرض أو يتبخر.
وقال:"بناء على هذه النتيجة اطلعت على تقنيات مختلفة منها هولندية وإسرائيلية تعمل للحد من هذه المشكلة، ودرست أوجه القصور في هذه النماذج، فكانت تكلفتها عالية، تقدر بحوالي 100 شيكل للوحدة، وهذه الوحدة تستخدم لمرة واحدة، والتي تعمل على تخزين مياه المطر الزائدة عن احتياج النبتة، وري النبات في الوقت الذي تحتاج إليه للمياه في الصيف، وكذلك اطلعت على ملخصات ابحاث علمية عالمية في مجال تقنيات توفير المياه في الزراعة والري في المناطق الجافة، وقمت باستشارات لمختصين في الميكانيك وهندسة المواد، لمعرفة المواد التي بإمكانها جمع قطرات الندى".
وتابع:"بدأت بالعمل على تصميم الجهاز من خلال التجربة، وتبين أن لون الجهاز له علاقة بتقليل نسبة نمو الطحالب داخله، والمحافظة على درجة حرارة مناسبة في فصل الصيف، فكان الجزء المسؤول عن جمع الندى لونه ابيض، وباقي الجهاز لونه أخضر أو سكني، وفي الغطاء تم عمل شعيرات من الصوف الصخري، لجذب الندى، فتبين ان بعض المواد لها خاصية جيدة لجمع الندى وامكانية توسيع مساحة رقعة التقاط الندى "رقعة الجمع".
بعد عدة تجارب استطاع العلامي عمل نموذج خاص، يستطيع من خلاله توسيع رقعة الجمع، وإضافة بعض الأسمدة، وتقييم كمية المياه المجموعة من خلال مؤشر، وامكانية أن يركب على الشتلة مهما كان حجمها، و نقله وفكه وتركيبة.
الاختلاف عن النماذج الموجودة.
تمت الاستفادة من الاطلاع على نماذج مختلفة بابتكار إضافات ومميزات واستخدامات إضافية للجهاز، حيث يتم تركيبه على الشتلة بشكل دائم ومؤقت حسب الرغبة والاحتياج، بينما النماذج الموجودة، هي ثابتة ولا يمكن نقلها.
وأضاف انه يتميز في طريقة تزويد المياه للشتلة، فبالإمكان التحكم بكمية المياه المزودة للشتلة، بينما النماذج الأخرى لا يمكن التحكم بها، ويتميز أيضا بقلة ثمنه مقارنة مع المتوفر من الشركات العالمية، ويصل سعره من (10-50) شيكل وهذا مرتبط بحجم الجهاز ونوعية النباتات والإضافات.
نماذج مختلفة للجهاز
نظرا لاختلاف احتياجات المزارعين، واختلاف حجم النباتات وطبيعة الأرض او بيئة الزراعة تم تصميم اربعة نماذج للجهاز.
وقال العلامي:"تم مراعاة احتياجات المزارعين وأوجه استخدام الجهاز، فتم تصميم نموذج لري الأشتال الجديدة والأشجار الكبيرة، وآخر مخصص للأشتال المزروعة بالآص "القواوير" وخاصة نباتات الزينة في المنازل، وتم تصميم نموذج خاص بزراعة العقل، أما النموذج الأخير مخصص للزراعة في المناطق التي توجد بها مياه مالحة، حيث يعمل على تبخير المياه المالحة، وإعادة تكثيفها مرة أخرى وري النبات بها. وبالنسبة لهذا النموذج ليس جاهزا ولككنا نعمل على تطويره ليكون مكتمل العمل، أما الثلاثة نماذج الأولى ثبت نجاحها وفاعليتها خلال ثلاث سنوات ونصف من العمل والتجربة.
تطوير النماذج
يستعد العلامي الآن لتطوير النماذج، التي كان تصميمها بتمويل شخصي، ويأمل أن يساهم دعم المجلس الأعلى للإبداع والتميز الذي استعد بتمويل التطوير، أن يصبح هذا المنتج في الأسواق.
وقال:"تبني المجلس الأعلى للإبداع والتميز لتمويل تطوير النماذج، وفر حافزا للمضي قدما في المشروع، وقمت بتصميم ماكينة لصناعة هذه النماذج، ليكون المنتج في الأسواق، وهذا يعتبر إسهاما علميا فلسطينيا في تقنيات الري المستدام".