التعديلات الضريبية الجديدة.. بين الايجابية والسلبية
رام الله- حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
لا تزال التعديلات الضريبية الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة في مشروع موازنة 2018 تثير مخاوف العديد من المواطنين والقطاع الخاص فيما رأى خبراء أن التعديلات ليست سيئة تماما لكنها بحاجة إلى مزيدٍ من تحقيق العدالة.
وتأتي تصاعد المخاوف لعدة أسباب، منها: عدم وضوح كافة البنود كرفع رسوم الخدمات وآليات صرف النفقات والجباية إضافة إلى مدى تأثير التعديلات المرتقبة على القطاعات الاقتصادية في وقت تشهد فيه البطالة مستويات مرتفعة بلغت 27 بالمئة وتراجع في النمو وتأزم الأوضاع السياسية داخليا وخارجيا.
وأٌقرت الحكومة موازنة 2018 بقيمة 5.8 مليار دولار وأحالتها إلى الرئيس محمود عباس للمصادقة عليها وفق الأصول.
ويتضمن مشروع القرار موازنتين، الأولى يطلق عليها الأساس بقيمة حوالي 5 مليارات دولار فيما الثانية تسمى الموحدة بقيمة 5.8 مليار دولار ويتم العمل بها حال تم تحقيق المصالحة.
وأوضحت الحكومة أن تطبيق الموازنة الموحدة سيزيد من الفجوة التمويلية إلى حوالي مليار دولار بسبب زيادة النمو في النفقات مقارنة في الإيرادات بمقدار 11 بالمئة.
وأضافت أنه لمواجهة ذلك التحدي يجب الارتقاء بسياسات الايرادات من خلال زيادة فاعلية الاداء الضريبية بحيث يشمل توسيع قاعدة المكلفين واستقطاب جدد والحد من التهرب الضريبي.
لكنها أكدت في الوقت ذلك أنها ستعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية في تطبيق السياسات الضريبية من خلال الأخذ بالاعتبار التباين في الدخل الفردي والوضع الاقتصادي بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وتعديل السياسة الضريبية الخاصة بالأفراد وتخفيف العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود والمتدني وزيادته على المكلفين الأكثر دخلاً.
وأيضا عبر الاستمرار في البسط الأفقي للأفراد والشركات التي تعمل بشكل فردي أو عائلي، والتحول إلى ضريبة تصاعدية، مع اعتماد شريحة ضريبية رابعة بدلاً من الشرائح الضريبية الثلاث المعتمدة منذ العام 2015 كما سيتم اعتماد سياسة ضريبية للشركات لتحقيق لنمو.
تحتاج إلى عدالة أكبر
قال الخبير الاقتصادي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "باديكو" القابضة، سمير حليلة، إن التعديلات الضريبية فيها نوع من الإيجابية رغم وجود بعض التحفظات.
وأوضح أن التعديلات الجديدة لم يتم مناقشتها مع القطاع الخاص لإيجاد تضامن مع كافة الأطراف لمواجهة الأزمة القادمة خاصة مع انخفاض الدعم الخارجي وتأزم الوضع السياسي.
وأضاف أنه من الإشكاليات الأخرى أن التعديل على ضريبة الدخل وازاه فرض رسوم على المواطنين "كان من المهم إيجاد رؤية أشمل تضم الضرائب والرسوم معا لتحقيق العدالة الاجتماعية بشكل أكبر".
وقالت الحكومة إنها ستعمل على استكمال رسوم الخدمات الحكومية، وتعديل قانون المالكين والمستأجرين.
وتساءل حليلة: في وقت ترتفع فيه البطالة إلى 27 بالمئة وما تشهده الأسواق من تباطؤ في النمو وتراجع في حجم الدخل للفرد، كيف سيدفع المواطنون الرسوم الجديدة؟
كما تساءل عن خطة الحكومة للاستثمارات في البنية التحتية تزامنا مع تجميد قانون تشجيع الاستثمار وفقا للتعديلات الجديدة في موازنة 2018 " حال جمدت قانون الاستثمار وتزامن ذلك مع تباطؤ في النمو وأردت رفع الضرائب، فما الخطة المطروحة؟".
ورأى حليلة أن إجراءات الحكومة للتغلب على الأزمات ومحاربة المشاكل الاقتصادية تعد آنية.
القطاع الخاص يحتج
بدوره، قال خليل رزق رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن اعتراض القطاع الخاص يأتي بسبب رفع شرائح ضريبية على شركات تحقق أرباحا أكثر من 7 ملايين شيقل خاصة أنه قد يعيق جذب الاستثمارات الخارجية. كما أبدى احتجاجا على فرض أرباح على توزيع الأسهم.
ومن التعديلات الجديدة، استحداث شريحة جديدة تخص البنوك والمؤسسات المالية التي يفوق دخلها 7 ملايين شيقل، وذلك من 15-20%، وتشمل الشركات التي تتمتع بالاحتكار والشهرة وعددها (52) شركة.
لكن في الوقت ذاته، تم إدخال شريحة جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي لا يتجاوز دخلها السنوي الصافي 3.5 مليون شيقل بنسبة (10%) بدل من (15%)، ومن المتوقع أن تستفيد من هذا التخفيض حوالي (8150) شركة تمثل أكثر من (90%) من عدد الشركات في فلسطين.
وقال رزق إنه تم إعداد ورقة عمل وإرسالها لمجلس الوزراء ووزير المالية، تعكس مقترحات وتصورات القطاع الخاص.
التعديلات ايجابية
رأى الخبير الاقتصادي، د. هيثم دراغمة، أن التعديلات الضريبية للشركات سيساعد في النمو ما يؤدي إلى تخفيف الركود وتنشيط الاقتصاد بتالي سيساهم في خلق فرص عمل.
وأضاف، أن التعديلات لا تمس المواطنين بشكل كبير نظرا إلى أن الضرائب فرضت على الشركات الكبرى ذات رأس مال كبير "الحكومة أرادت تعزيز سياساتها الضريبية من خلال الشركات الكبرى التي لن تتأثر كثيرا في ارتفاع الضرائب.. كما ستساهم الضرائب في تخفيض العجز في الموازنة".
وتابع، أن تعزيز الجباية وتقليل التهرب الضريبي الذي بلغ 45 بالمئة سيؤدي إلى الحد من العجز في الموازنة.
وحسب التعديلات الجديدة، فقد تم رفع قيمة الإعفاء الضريبي من (36,000) شيقل إلى (40,000) شيقل لكل شخص طبيعي سنويا ومن خلال إدخال شريحة جديدة لتخفيف العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود لتحقيق العدالة الاجتماعية ليصبح (61%) من المكلفين معفيين من الضريبية و(32)% من المكلفين يكون المتوسط المرجح لضريبة الدخل لهم (2,3%).
كما تبنت موازنة العام 2018 إجراءات ضريبية تهدف إلى توظيف واستيعاب الخريجين وتحفيز البنوك والمؤسسات المالية لتوظيف حصة أكبر من نشاطاتها لتوجيه التمويل لصالح المؤسسات الصغرى والناشئة، بحيث تصبح المنظومة الضرائبية الفلسطينية من الأكثر نجاحا وتحفيزا مقارنة مع دول الجوار.
كما تضمنت الموازنة إنشاء صندوق خاص تديره وزارة المالية والتخطيط، لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، بحيث تساهم الحكومة بمبلغ 10 مليون دولار في هذا الصندوق وتساهم سلطة النقد بمبلغ مماثل ليصل فيما بعد إلى 40 مليون دولار، وذلك لغايات مساعدة الشركات الصغيرة في التمويل اللازم لمشاريع الطاقة المتجددة من خلال البنوك التجارية.