الدليفري ... مهنة مبتكرة للتأقلم مع حاجة الشارع
رغم عدم قانونية مهنة "الديلفري" إلا أنها حظيت بقبول لدى الشارع الفلسطيني، من جهة شباب يبحثون عن عمل في ظل تفشي البطالة ومن قبل مواطنين يحاولون الحصول على طلباتهم بوقت وجهد أقل.
خاص - بوابة إقتصاد فلسطين
"الدليفري".. مبادرات فردية يطلق المختصون عليها الاقتصاد "الخدماتي" وبدأت تؤسس للانضمام الى سلم المهن في ظل تفشي البطالة وسوء الأوضاع المعيشية للمواطن.
تحايل على البطالة
من حي المخفية في نابلس انطلق أحمد الريشة في ترجمة مشروعه ميدانياً، محاولا الخروج من دائرة البطالة التي يعاني منها منذ سنوات ليؤسس خدمة "التوصيل المنزلي" أو ما يعرف بـ"الدليفري" كما هي معروفة عالميا وتوسيع نطاقها، مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي ووسيلة نقل صغيرة تتمثل في "الدراجة" بعد دراسة معمقّة قام بها لأشهر طويلة.
يشرح الريشة لـ "بوابة اقتصاد فلسطين" ماهية الخدمة التي أحدثها تحت عنوان "الو ريشة" بعد أن لمس حاجة الشارع النابلسي لذلك ليبدأ بتوفير "دراجات" مع فريق عمل يضم 6 شبان على أهبة الاستعداد لتلبية الطلبات على مدار 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع.
بمجرد تلقي الاتصال لن يحتاج المستهلك الانتظار أكثر من (15) دقيقة وربما أقل من ذلك حتى يقوم فريق "ألو ريشة" بتلبية الخدمة المطلوبة مهما كان نوعها بأسعار معلنة تصل الى (7) شواقل بواقع (200) طلبية في اليوم الواحد.
يلفت الريشة الى أن الخدمة التي يشغلها تطال كل أنواع السلع التي يحتاجها الزبون في منزله بما فيها طلبات المطاعم، ولديه تطلع لتشمل الخدمة كل القطاعات الموجودة في المدينة.
ويقول الريشة إن فريق "الو ريشة" بات مدرّبا ويتوجه الى الزبون وفقا لمواعيد محددة متفق عليها.
محمد كيلاني (20) عاما وطالب بجامعة القدس المفتوحة التحق بالعمل مع فريق "الو ريشة" منذ سنوات، واستطاع من خلاله أن يثبت نفسه ويلبي طلبات الزبون بسرعة فائقة رغم المصاعب والمخاطر التي تواجهه على الشوارع.
يقول: "أتقاضى نحو 100 شيقل يوميا، وهو مبلغ يساهم بشكل كبير في توفير مصروفي الشهري".
ويتابع الكيلاني متفائلا:" تحول هذا الخدمة الى "مهنة" من شأنها أن تسهل على المواطنين وتخفف عنهم مصاعب التنقل وتجنبهم أزمة السير الخانقة على شوارع المدينة التي تعاني من ازدحام مروري وقت الذروة".
ما مدى شرعيتها؟
مسؤول مسجل الشركات في مديرية الاقتصاد الوطني في محافظة نابلس ناصر التميمي أكد بدوره أن هذه الشركات ما زالت تفتقد للمشروعية القانونية.
وكشف في تصريح لـ"بوابة اقتصاد فلسطين" إن شركة واحدة فقط فقط فتحت ملفا في المديرية وسجلت رسميا.
لافتا أن جميع "الشركات" تعمل حتى اللحظة بشكل فردي، وهي بالتالي ليست قانونية، وبالتالي عليها تحمل تبعات أي خلل قد يقع.
ورأى أن الاصل في أصحاب هذه الشركات الإسراع خلال الفترة القادمة لتسجيل شركاتهم والحصول على صبغة قانونية تحميهم مستقبلا في حال تعرضوا لمشاكل معينة.
ورأى التميمي أن من شأن التسجيل في مديرية الاقتصاد ضبط جودة الخدمة وحماية المستهلكين.
حل مشكلة
ويؤكد الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم أن ازدهار خدمة "الدليفري" مرتبط بوجود طلب على السلع التي يتم توصيلها ومرتبط كذلك بالتجارة غير المباشرة من خلال أوامر الشراء عبر الهاتف أو التسوق الإلكتروني.
ويرى عبد الكريم أن مثل هذه الخدمات أخذت حيزا كبيرا في العديد من المدن رغم محدودية مساهمتها في حالة الاقتصاد الوطني والناتج المحلي.
ويضبف عبد الكريم:" لكنها (خدمة الدليفري) قد تساهم في المقابل بحل مشكلة عشرات او مئات الشباب العاطلين".
متوقعا أن يتم ادراج هذه الخدمة ضمن قائمة المهن الخدماتية المقدمة على الساحة المحلية في المستقبل القريب، فاستحداث أي خدمة إضافية الى قائمة الخدمات التي يوفرها الاقتصاد الوطني نابع من التأقلم مع حاجات الشارع.
ولفت عبد الكريم الى أن توجه الشباب للاستثمار في مثل هذه الخدمات لا يتطلب كثيرا من المال، بل يكفي لامتلاك عدد من الدراجات النارية أو المركبات الصغيرة وتسجيلها رسميا، بالإضافة الى المصاريف التشغيلية كالرواتب ونفقات المحروقات، ومن ثم يتلقى القائمون على الخدمة الطلبات بمختلف الطرق وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
رفاهية أم كسل
وفي هذا الصدد يؤكد أنس سلمان أن ظاهرة خدمة التوصيل المنزلي أو الـ (دليفري) وفرت عناء الوصول إلى مطعم ما وسط أزمة سير خانقة.
وقال سلمان ان "المبادرة جيدة خصوصاً مع توسع المدينة الأفقي بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وما نتج عنه من ازدحام مروري شديد خاصة خلال ساعات الظهيرة".
"علاوة على عدم توافر مواقف للسيارات، الأمر الذي يدعو المواطن للاستعانة بخدمات النقل السريع" أضاف سلمان.
ويقول أحد طلبة جامعة النجاح الوطنية إنه يلجأ يوميا لخدمة التوصيل لسكنه الجامعي في منطقة الجنيد كونها توفّر عليه عناء تحضير الطعام بعد يوم دراسي شاق.