الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
20 شباط 2018

المخدرات.. التعاطي بارتفاع وتكاليف العلاج باهظة

تتداول وسائل الاعلام بشكل متزايد أنباء ضبط مشاتل الحشيش وتجار المخدرات، المتعاطون في ازدياد، وحالات الضبط في تصاعد، ومن جهة أخرى هناك جهود تبذل للتصدي لهذه الآفة، فهل أخفقت هذه الجهود والاجراءات في حماية الشباب الفلسطيني من الانزلاق في مستنقع التعاطي؟

\

رام الله- حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين

ارتفاع مستمر في أعداد الأفراد المتعاطين والمدمنين على المخدرات بلغ 26500 حالة، هذا ما تشير إليه آخر الدراسات فيما ترى جهات رسمية أنها احصائية مبالغ فيها. لكن الأكيد، أن أعدادهم في ارتفاع ملحوظ منذ ست سنوات، وفقا للسجلات الأمنية وزيادة الجهود المبذولة لمكافحة هذه الآفة.

رسميا، تقول وزارة الصحة، في بياناتها، إن مركز العلاج بالبدائل الافيونية (الميثادون ) يتعامل حاليا مع (300) حالة خطيرة من الرجال والنساء، وفي المراكز الاخرى هناك ما بين 15-30 حالة تتلقى العلاج. ولا يشمل ذلك الاشخاص الذين يتلقون خدمات وتدخلات علاجية داخل العيادات النفسية في مديريات الصحة المنتشرة بالمحافظات.

على الصعيد الأمني، يقول المقدم ظافر صلاح، مسؤول قسم التوعية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات إن احصائيات ادارة مكافحة المخدرات تدل على ازدياد في اعداد الاشخاص الذين يتعاطون المخدرات.

وأوضح، أنه قبل 2012 لم تسجل الاحصائيات السنوية لادارة مكافحة المخدرات اكثر من 600 قضية كل سنة لكن بعد ذلك بدأت الأرقام بالارتفاع لتتوالي بدءا من 2013 إلى 800 قضية ثم 1008 ثم 1254 وفي العام 2016 سجل 1434 قضية.

وأضاف، أن هذه الاحصاءات لا تشمل عدد الاشخاص الذين تم احضارهم للاشتباه بتعاطيهم او تعاملهم بالمخدرات.

المتعاطون والمدمنون في تنامي

وفق دراسة أعدها المعهد الوطني للصحة العامة فان هناك حوالي 26500 شخص يتعاطون المخدرات بشكل خطير في فلسطين، تتحدث ثورة انجاص، الاخصائية النفسية والخبيرة الوطنية في برامج العلاج والوقاية من تعاطي المخدرات، وصاحبة "مبادرة خبراؤنا لارشاد ابنائنا" للوقاية من المخدرات.

وتوضح أن من بين المتعاطين والمدمنين "(16453) في الضفة يتعاطون الحشيش والماريجوانا الصناعية بشكل رئيسي و(10047) في غزة يتعاطون الترامادول والليريكا بشكل رئيسي. فيما هناك (1118) شخصاً من أصل (26500) يتعاطون المخدرات بالحقن، منهم: (61%) من شمال الضفة الغربية و(20%) وسط الضفة الغربية، وهؤلا بدأوا بالتعاطي تحت سن الـ (18) سنة".

ومن النتائج الخطيرة للدراسة، أن حوالي (50%) من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بشكل خطير لديهم علاقات جنسية مع أكثر من شريك واحد، وأن نسبة استخدام الواقي الذكري خلال ممارسة علاقاتهم منخفضة جدا، ما يعني زيادة احتمالية اصابتهم بالأمراض ونقلها للآخرين.

كما بينت الدراسة أن (94%) من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بشكل خطر يدخنون السجائر او النرجيلة وشربوا الكحول مرة واحدة على الأقل موضحة أن (52%) من الأشخاص  في الضفة و(3%) منهم في غزة.

ومن بين الفئات تعتبر الأعمار بين 18-25 سنه هي الفئة الاكثر تعاطيا للمخدرات أما من بين الفئات الاجتماعية فتعتبر فئة العمال هي الفئة الاكثر تعاطيا للمخدرات.

في المقابل، قال الدكتور ناصر الطريفي مدير وحدة الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الصحة أن الرقم المنشور في دراسة (المعهد الوطني للصحة العامة) ضخم جدا، ففي قطاع غزة لا مخدرات لديهم، وهم يأخذون ادوية مثل الترامال وما شابه.

وقال أنه يصعب اجراء دراسة كهذه، لاننا نتعامل مع ناس في أوكار وفي مناطق مشبوهة.

وأكد الطريفي أن مزارع المخدرات التي تم ضبطها في عدة مناطق هي مزارع اسرائيلية يتم اقامتها بمساعدة فلسطينيين على الاراضي القريبة للجدار، موضحا أن المزروعات تذهب معظمها لاسرائيل لكن متبقيات تأتي لفلسطين.

لماذا يتعاطون؟

تشير الخبيرة انجاص الى أن هناك مجموعة أسباب متداخلة تؤدي في النهاية إلى تعاطي المخدرات والادمان عليها ومن اهمها: أسباب شخصية وقد تكون أخرى خارجية نتيجة البيئة والظروف المحيطة.

ومن اكثر الأسباب شيوعاً بين فئات المتعاطين حسب انجاص الجهل بأخطار استعمال المخدرات، والتنشئة الاجتماعية غير السليمة، التفكك الأسري وغياب لغة الحوار، الوضع الاقتصادي للفرد والاسرة سواء كان بسبب الفقر او العكس تماما إذ أحيانا يكون الثراء والتبذير ووقت الفراغ وانشغال الوالدين عن الأبناء سببا رئيسيا للتعاطي.

ويرى المقدم صلاح أنه نادرا ما يكون  هناك سبب وحيد لتعاطي الشخص للمخدرات، ومن أهم أسباب التعاطي العمالة في اسرائيل، وفقا للسجلات.

ويشير المقدم صلاح الى أن هناك مجموعة من المصادر من خلالها تدخل المخدرات إلى فلسطين:

المنافذ الخارجية: وهي معبر الكرامة عبر الاردن الى فلسطين ويتم تهريب حبوب الكبتاجون المخدرة من خلاله وأيضا عبر البحر الميت حيث يتم تهريب الهروين من الاردن الى فلسطين. وكذلك، صحراء سيناء إذ يتم تهريب الحشيش والمرغوانا وحبوب الترامادول من مصر الى قطاع غزة، والحشيش والمرغوانا من مصر الى اسرائيل ومن ثم الى فلسطين. وأيضا، عبر الحدود الجنوبية مع لبنان ويتم تهريب الحشيش والمرغوانا عبر هذه المنطقة الى اسرائيل وتصل مجزئة الى فلسطين .
المصادر الداخلية: وهي مناطق التماس مع الجانب الاسرائيلي وكذلك مناطق جدار الفصل العنصري وتعد المستوطنات مصدرا هاما لتهريب المخدرات من اسرائيل الى المناطق الفلسطينية وكذلك الحواجز الاسرائيلية بين مناطق 1948 ومناطق السلطة الفلسطينية وكذلك الحواجز بين المناطق الفلسطينية مثل حاجز زعترة وغيره

تكاليف العلاج

تقول الخبيرة انجاص إن الافراد الخاضعين للعلاج وأسرهم يتكفلون بتكاليف العلاج والتي قد تتراوح بين 1500 – 3000 في الشهر الواحد.

وأكدت على ضرورة افتتاح مراكز لعلاج المدمنين والمتعاطين نظرا لتكلفة العلاج المرتفعة واقبال بعضهم على أطباء الأعصاب أو الصيدليات بدلا من المختصين الذين يكتفون بادوية بديلة وليس كالاخصائي الذي يعالج امراض المدمن.

بدوره، أشاد الدكتور الطريفي بدور القطاع الحكومي في علاج المدمنين مؤكدا أن فلسطين هي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تفتتح "مركز علاج البدائل" على حساب الحكومة لمن يتعاطى الهيروين. وأضاف انه سيتم افتتاح مركز آخر في بيت لحم بتكلفة حوالي 8 ملايين دولار لعلاج كافة انواع الادمان. إضافة إلى مؤسسات أخرى مثل "الصديق الطيب" التي تهتم بالتعامل الارشادي.

هل القانون رادع؟

يقول المقدم صلاح أن القرار بقانون رقم 18 لعام 2015م بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية يعتبر قانونا عصريا وحديثا وعقوباته رادعة لكن أشار إلى مشكلة في عملية تنفيذ القانون إذ تبقى مقيدة لأسباب عدم صدور اللوائح التنظيمية غير أنه أكد على صدور قرارات قضائية كانت رادعة في هذا الشأن.

 توصيات

أكد الخبراء على ضرورة تضافر كافة الجهود للحد من هذه الآفة من ناحية رسم السياسات الاستراتيجية والتوعية والوقاية والعلاج، وايجاد تمويل محلي لكافة المؤسسات التي تعنى بعلاج المدمنين والمتعاطين بدلا من اعتمادها على الجهات الخارجية.

كما أكدوا على اهمية توافر مراكز وبرامج متخصصة وشمولية لعلاج وتأهيل كافة المتعاطين والمدمنين بناء على كافة الاختلافات كالفئة العمرية ومكان السكن.. الخ.

 وأيضا، ركزوا على ضرورة القيام بالدراسات والاحصاءات للوقوف على كافة جوانب المشكلة إضافة إلى اهمية مساندة الأجهزة الامنية- التي تلتزم بالسرية التامة- من كافة المواطنين في الابلاغ عن هذه القضايا.

 

 

مواضيع ذات صلة