الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
11 حزيران 2015

حظر المواد الخام على غزة.. يشل اقتصادها

تقدر منظمات أهلية عدد المواد الخام التي تحظر إسرائيل دخولها إلى قطاع غزة بنحو 200 صنفا. غياب هذه المواد قوض الاقتصاد الغزي وأدى بالعديد من الورشات الى اغلاق أبوابها ورفع سعر بعض هذه المواد إلى أكثر من 10 أضعاف.

\

غزة- بوابة اقتصاد فلسطين׀ إسلام راضي، على غير المألوف يغيب الضجيج غالبية ساعات النهار عن ورشة الفني محمد سكيك للحدادة في مدينة غزة بسبب النقص الشديد لـ"أسياخ اللحام" اللازمة لعمله جراء حظر إسرائيل توريدها إلى القطاع المحاصر منذ منتصف عام 2007.

واشتكى سكيك (41 عاما) في مقابلة مع بوابة اقتصاد فلسطين من ركود حاد يصيب ورشته الواقعة في حي "تل الهوي" غربي غزة إثر منع إدخال أسياخ اللحام، التي تعد أساس عمله، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف العام الماضي.

وقال سكيك الذي يزاول مهنته منذ عام 1986 إن الأشهر الأخيرة هي الأصعب عليه في عمله وأدت إلى تراجع نشاطه إلى أكثر من 80% من الحادة المعتادة ما كبده خسائر هائلة.

إذ إنه كان يستخدم سابقا علبة أسياخ لحام تبلغ (5 كيلو) في اليوم الواحد لكنه منذ منع إدخالها إلى غزة وهو يجبر على تقنين استعمالها بحيث يوزع العلبة الواحدة على مدار أيام الأسبوع.

السعر تضاعف 12 مرة

وارتفع سعر علبة أسياخ اللحام في السوق المحلي في غزة من مبلغ 25 شيقل إسرائيلي قبل المنع إلى 300 شيقل حاليا ما قلص أنشطة ورشات الحدادة ورفع تكاليف عملها لعدة أضعاف.

وادعت السلطات الإسرائيلية لتبرير قرارها بمنع إدخال أسياخ اللحام إلى غزة باستخدامها من قبل الفصائل الفلسطينية في تصنيع القذائف المحلية.

لكن سكيك يعتبر أن مبررات السلطات الإسرائيلية "واهية وهي تستهدف في الحقيقة تقويض عملنا وضرب الصناعة المحلية".

وأجبر سكيك تدريجيا على تسريح خمسة عمال من ورشته والإبقاء على اثنين فقط حاليا وهو يخشى الأخطر في حال استمرار الإجراء الإسرائيلي.

وتعتمد قرابة ستة آلاف منشأة صناعات معدنية في قطاع غزة على توريد أسياخ اللحام لأنشطتها تشمل خصوصا ورش الحدادة والألمنيوم.

"استخدام مزدوج"

وفي 30 أبريل الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي عن إحباطه "عملية تهريب" الآلاف من أسياخ اللحام على معبر "كرم أبو سالم" قبل دخولها قطاع غزة بعد أن كانت مخبأة في إطارات خاصة بين ألواح الجرانيت (شايش) البناء والقادمة من الضفة الغربية.

وتعمد إسرائيل إلى حظر إدخال عشرات الأصناف من مواد الخام وبعض المواد الكيميائية التي تستخدم في صناعة الدهانات إلى قطاع غزة بدعوى "الاستخدام المزدوج". وتقدر منظمات أهلية عدد مواد الخام المحظور توردها إلى قطاع غزة من قبل إسرائيل بنحو 200 صنفا.

كما أن إسرائيل لجأت إلى منع تجار من الاستيراد عبر "كرم أبو سالم" التجاري الوحيد مع قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة على القطاع ما سبب تقليص ما تسمح بإدخالها من مواد خام أخرى. ومن هؤلاء رجل الأعمال أنور العشي صاحب "الشركة العربية لاستيراد الأخشاب" التي باتت أنشطتها معطلة تماما بفعل القرار الإسرائيلي.

والخشب ممنوع!

كان العشي يعمل منذ 40 عاما في استيراد الأخشاب من دول مثل الصين والهند قبل أن يفاجئ بمنعه من قبل السلطات الإسرائيلية من تلقي أي شحنات استيراد منذ مطلع هذا العام.

وقال العشي لـبوابة اقتصاد فلسطين إنه لم يتلق أي مبررات لقرار منعه مع 15 تاجرا في قطاع غزة دفعة واحدة باستثناء الحجج الأمنية الواهية. 

وأضاف أنه يسير أعماله بشكل رسمي ودون أي ارتباطات يمكن أن تثير له مشاكل طوال سنوات عمله ما يجعله مقتنع أن قرار منعه وباقي التجار لا يستهدف سوى ضرب أنشطتهم وإحالتهم وموظفيهم لقائمة البطالة.

وكان العشي يستقبل أكثر من 12 شاحنة أخشاب يوميا عبر معبر "كرم أبو سالم" قبل منعه من الاستيراد. وعلى أثر هذا القرار بات 70 موظفا يعملون في شركة العشي مهددون بفقدان وظائفهم.

وبحسب مستوردين محليين كان قطاع غزة يستقبل 200 متر مكعب يوميا من الأخشاب المستخدمة في قطاع البناء وهذه الشحنات تقلصت بشكل كبير بسبب إجراءات إسرائيل بمنع ستة من كبار الموردين من ممارسة عملهم.

وإلى جانب منع أنشطتهم اعتقلت السلطات الإسرائيلية نحو 20 تاجرا من قطاع غزة لدى محاولتهم التنقل عبر معبر "بيت حانون/إيرز" منذ مطلع هذا العام تم تقديم لوائح اتهام لمحاكمة ستة منهم.

حرب اقتصادية

واعتبر مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع أن إسرائيل تشن "حربا اقتصادية" متكاملة الأركان على قطاع غزة باستمرارها في سياسة تشديد الحصار وفرض القيود على الاستيراد والتصدير.

وقال الطباع لـبوابة اقتصاد فلسطين إن إسرائيل تتعمد إلحاق أضرار بالغة في اقتصاد غزة المدمر منذ سنوات خاصة أن التجار يستوردون موادا تتصل بشكل مباشر بالحياة اليومية للسكان والأنشطة الاقتصادية العادية.

وأضاف أن استمرار القيود الإسرائيلية الشديدة على حركة توريد البضائع إلى غزة تمثل عائقا أساسيا أمام أي فرص لإنعاش اقتصاد غزة وإعادة إعمارها على إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة وما ألحقته من دمار هائل في المنازل السكنية والبني التحتية.

كما شدد الطباع على أن إجراءات إسرائيل تتسبب بشلل اقتصادي شبه كلي في قطاع غزة الذي يتكبد خسائر سنوية بأكثر من 150 مليون دولار بفعل توقف عمل نحو 80% من المصانع فيه ما بين كلي وجزئي.

وكان تقرير حديث للبنك الدولي نشر منذ اسابيع قد أظهر أن معدل البطالة في قطاع غزة يبلغ 43% وهى النسبة " الأعلى على مستوى العالم "، مقدرا بأن 60% من الشباب عاطلون عن العمل في القطاع الذي يكتظ بنحو مليون و800 ألف نسمة.

وأفاد التقرير بأنه من دون الصراعات والقيود الصارمة لكان الاقتصاد في قطاع غزة أكبر أربعة أضعاف ما هو عليه الآن، مظهرا أن نصيب الفرد من الدخل يقدر بأنه أقل بنسبة 31% الآن مما كان في عام 1994.

مواضيع ذات صلة