مقال... متعلمات لكن متعثرات
تصل نسبة الافراد خارج القوى العاملة لعام 2015 ما نسبته 54%، منهم 80 % من الإناث وفقا لتقرير القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
كتب: كايد ميعاري
بعد اقل من شهر سيحتفل العالم والفلسطينيون معهم باليوم العالمي للنساء، وسيقام على شرف هذا اليوم الرمزي عدد كبير من الاحتفالات، وسيصرف مئات الدروع التقديرية، لكن في كل مرة يكون وضع النساء أكثر صعوبة من العام الذي قبله، وأصبح من الضروري اليوم اثارة التساؤل قبل ثلاثين يوما من موعد الاحتفال، ماذا اعددنا له؟
يعتبر مستوى مشاركة النساء في سوق العمل والحياة العامة وخاصة السياسية، مؤشر جوهري لعملية التقدم في المجتمعات، ومواجهة التحديات الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية.
فلسطين واحدة من الدول العربية التي تزداد يوما بعد يوم فيها الفجوة الاقتصادية بين الرجال والنساء، ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بفلسطين هو 19% مقارنة ب 71% للذكور، أي قرابة ثلاثة اضعاف النساء.
وتصل نسبة الافراد خارج القوى العاملة لعام 2015 ما نسبته 54%، منهم 80 % من الإناث وفقا لتقرير القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
الفجوة الاقتصادية بين الذكور والنساء في فلسطين أيضا انعكست على متوسط الأجور، ففي الوقت الذي يصل فيه متسوط الأجرة اليومي للنساء 83 شيكل، وصل متوسط الأجور للرجال 114 شيكل.
ووفقا لتقرير القوى العاملة للإحصاء المركزي لعام 2017 تبلغ نسبة النساء العاملات في القطاع الخاص 69% بمتوسط اجر 67 شيقل فقط لا غير، فيما تبلغ نسبة مشاركة النساء في القطاع العام 30% بمتوسط اجر 104 شيقل.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلت على أكثر من مستوى، الا ان هذه الفجوة لم تتناقص، والفرضية التي كانت قائمة سابقا ان زيادة المستوى التعليمي للنساء مرتبط ارتباطا مباشرا في تحسين فرص العمل لديها لم تعد تنطبق على الواقع الفلسطيني، حيث ترتفع نسبة النساء غير العاملات في وسط الحاصلات على دبلوم فأكثر وسجلت ما نسبته 48%.
وفي السياق ذاته، عملت الحركة النسوية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني على تحسين البيئة التشريعية والقانونية حتى تصبح أكثر دعما للنساء وحقوقهن وخاصة الاقتصادية، لكنها فشلت حتى اليوم في بناء نظام تعليمي يسهم في جعل هذه التحسينات القانونية ثقافة مجتمعية، او تغيير المواقف الاجتماعية تجاه المشاركة الاقتصادية للنساء وحصرها في إطار انتاجي تقليدي وهامشي.
يضاف الى ذلك، نمطية المنهج الذي تستخدمه المؤسسات الفاعلة في قطاع حقوق المرأة، ومن خلفه الجهات المانحة، التي جعلت من قطاع المرأة قطاعا خصبا لاستقطاب التمويل باتجاه قضايا اجتماعية وسياسية وحقوقية ضرورية اخذت الأولوية على حساب القطاع الاقتصادي الإنتاجي.
بلا شك بذلت الحركة النسوية الفلسطينية جهودا جمة في إطار تعزيز وتمكين النساء اقتصاديا، لكنها اصطدمت أيضا بغياب سياسات تمويلية للمشاريع النسوية، واقتصارها على مشاريع الزراعة وتربية الماشية، والتطريز وغيرها. ما جعل المرأة الفلسطينية مثل نظيراتها في الوطن العربي، ذات حضور خجول في مجال الريادة الاقتصادية، وبناء المشاريع الخاصة الذاتية، حيث تصل نسبة النساء العربيات اللواتي توجهن نحو بناء مشاريع اقتصادية ريادية خاصة بهم الى 9% فقط مقارنة ب 19% في وسط الرجال وفقا لمعهد بروكينغز الأمريكي.
إن دمج النساء في عملية التنمية الاقتصادية أصبح ضرورة ملحة مجتمعيا واقتصاديا في فلسطين، والبداية تكون من خلال تشجيع القطاع المصرفي الفلسطيني والمؤسسات التمويلية على تبني سياسات داعمة للنساء وتمكينهم اقتصاديا خاصة في وسط خريجات المعاهد العليا والجامعات، وفي مجالات اقتصادية ريادية. إضافة الى ضرورة تبني الجهات المختصة لسياسات وإجراءات تنسجم مع البروتوكولات والاتفاقيات التي وقعت عليها القيادة السياسية الفلسطينية ولاسيما معاهدة "سيداو".