الرئيسية » دولي »
 
28 كانون الثاني 2018

دولار أضعف.. اقتصاد أمريكي أقوى!

صرح مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن "دولارا اضعف" سيكون "أفضل" للبلاد لأنه يحفز "التجارة وفرص العمل".

\

فاجأت تصريحات وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين المؤيدة لدولار ضعيف والمتناقضة بشكل كبير مع المبادئ التقليدية الاميركية، أسواق المال وأدت إلى تراجع سعر الدولار.
ونسف منوتشين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الخطاب الذي تكرره واشنطن منذ عقود ويؤكد كما كان يكرر روبرت روبين وزير الخزانة في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون أن "دولارا قويا يخدم مصلحة الولايات المتحدة".
لكن منوتشين قال العكس، فقد صرح أن "دولارا اضعف" سيكون "أفضل" للبلاد لأنه يحفز "التجارة وفرص العمل".
وسعى منوتشين الى توضيح تصريحاته أمس. وقال "اعتقد ان تصريحاتي بشأن الدولار أول من أمس كانت واضحة (...) لسنا قلقين على وضع الدولار في السوق في الامد القصير، انها سوق متقلبة جدا".
واضاف المصرفي السابق في مجموعة "غولدمان ساكس" انه "يؤمن "بحرية الصرف وان هناك محاسن ومساوئ لموقع الدولار في الامد القصير، لذلك اعتقدت ان الامر كان واضحا".
وتابع منوتشين ان الدولار وعلى مر الوقت "سيعكس قوة اقتصاد الولايات المتحدة على الامد الطويل".
وفكرة ان يسمح دولار ضعيف بتعزيز القدرة التنافسية للصادرات الاميركية ورفع اسعار السلع المستوردة سيؤدي الى خفضها وبالتالي خفض العجز التجاري الأميركي، هي احد اهداف الرئيس دونالد ترامب.
وفي خضم هذه التصريحات، فقد الدولار 1 % من قيمته ودفع بسعر اليورو الى اعلى مستوى منذ اكثر من ثلاثة اعوام.
وباتخاذه هذا الموقف، يشهر منوتشين على ما يبدو سلاحا اضافيا في الحرب التجارية التي تخوضها واشنطن التي تريد الترويج لمبدأ "أميركا اولا".
تشهد أسعار صرف الدولار استقرار نسبيا في الاسواق الاوروبية أمس بعد تراجعها على اثر تعليقات منوتشين.
وقال جوزف غانيون الخبير الاقتصادي في المعهد الدولي للاقتصاد مرحبا بهذه التصريحات انها "جزء من الحرب التجارية الى حد ما".
واضاف هذا الخبير الاقتصادي "سررت بسماع ذلك. الدولار القوي كان مضرا جدا وهذا الوضع مستمر منذ فترة طويلة جدا"، مؤكدا ان اوروبا وخصوصا المانيا استفادت من هذا الفارق في العملات لزيادة فائضها التجاري مع الولايات المتحدة.
وهو يعترف بان العملة الاميركية بمعدلات فائدة اعلى في الاتحاد الاوروبي ودورة اقتصادية اكثر تقدما، تبرر ان يكون الدولار اقوى بقليل من اليورو.
وقال هذا الخبير الاقتصادي السابق في الاحتياطي الفدرالي الاميركي "لكن عندما تراجع سعر اليورو الى 1,09 دولار اصبح ضعيفا جدا. اعتقد انه مع معدل الفائدة ودورة اقتصادية متشابهين يجب ان يكون سعر اليورو 1,50".
ونظرا لحجم رد الفعل في اسواق الصرف - تجاوز سعر صرف اليورو 1,2415 الاربعاء في نيويورك - سعى وزير التجارة الاميركي ويلبور روس الى تهدئة القلق. وقال ان وزير الخزانة "لم يتوقع شيئا. كان يقول بكل بساطة ان الامر ليس اكبر مشكلة تشغلنا حاليا". ولم يعبر البيت الابيض ايضا عن موقف واضح من تصريحات منوتشين. وقالت سارة ساندرز الناطقة باسم ترامب "لدينا دولار مستقر يعكس حالة الاقتصاد"، مشدد على دور الورقة الخضراء كعملة احتياط. وقالت "نؤمن بعملة يتم تداولها بحرية".
هل سبقت كلمات منوتشين افكاره؟ ليس بالتأكيد. ويرى جويل ناروف الخبير الاقتصادي المستقل، ردا على سؤال لفرانس برس ان "منوتشين رجل يقول ما يفكر به بدون تنميق". واشاف "هل كان يتحدث باسم كل الحكومة، لا اعرف لكنني اعتقد انهم سيفرحون اذا انخفض سعر الدولار".
لكن مراقبين آخرين يرون أن خفض سعر الدولار بتعليقات هو استراتيجية تنطوي على خطر للادارة.
وقال غريغ داكو كبير الخبراء الاقتصاديين في مجموعة "اوكسفورد ايكونوميكس" في الولايات المتحدة ان "ذلك يمكن ان يؤدي الى سباق في انخفاض سعر العملات لان الجميع يريدون عملة تتمتع بقدرة تنافسية اكبر من الدولار او من الشريك التجاري".
وأوضح "إذا قالت الإدارة الآن علنا انها تريد دولار اضعف، فهذا سيفتح الباب أمام انخفاض اصطناعي للعملات الاخرى التي تريد أن تبقى اسعارها اقل من الدولار". ويمكن ان تسمح بعض الدول الناشئة والصين مثلا بخفض قيمة عملتها لتبقي على قدرتها التنافسية تجاريا.
وتحدث عن منطقة اليورو التي "يمكن ان تختار الوسيلة الاقل ازعاجا وتأخير زيادة الفوائد" التي ستؤدي بدورها الى ارتفاع سعر اليورو.
ويؤكد آخرون ايضا ان دولارا ضعيفا يمكن ان يخفض العجز التجاري لكنه يمثل ايضا خطر التسبب بتضخم.
فاسعار السلع المستوردة تصبح أكبر ما يسرع التضخم وهذا في المقابل يمكن أن يحبط المستهلكين ويؤدي الى تباطؤ انفاقهم الذي يعد محرك الاقتصاد الأميركي.
وقال داكو متسائلا "يجب ان نبقي ذلك في ذهننا عندما نتحدث عن دولار اضعف. الأمر ليس ايجابيا بالكامل بالضرورة. انه ربما تصريح جرىء لكن هل هو مثمر؟"

تقرير أ ف ب

مواضيع ذات صلة