خبير:تقليص خدمات الأونروا يرفع الغطاء القانوني عن اللاجئين
إنهاء خدمات أكثر من مئة عامل من الوكالة مؤخرا، مؤشر خطير لإنهاء وجود "الأنروا" نفسها والتي تعد الشاهد الوحيد على قضية حق عودة اللاجئين إلى وطنهم
هديل البس- خاص بوابة اقتصاد فلسطين- عمان
لم يكن تلويح الإدارة الأمريكية بوقف المساعدات المالية عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بالأمر السهل على اللاجئين القاطنين في المخيمات بالأردن، لما له من تأثير سلبي بتواصل تقليص الخدمات أو ربما إلغائها نهائيا، ما يؤدي إلى المزيد من تراجع أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.
تقليص خدمات الوكالة تدريجيا خلال السنوات الماضية، انعكس سلبا على أوضاع عائلة جمال النقيب الذي يقطن في مخيم الحسين منذ ولادته، ويقول "أصبحت أشعر أنا وعائلتي بعد توقف الحصول على المعونات التموينية بتآكل الدخل وصعوبة تلبية كافة احتياجات عائلتي الأساسية، وذلك بعد تخصيص جزء من الراتب لشراء ما تم انقطاعه من المعونات.
ومن ضمن الخدمات الاغاثية الشهرية التي كانت تقدمها " الانروا " كمادة السكر والأرز والزيت والعدس بجانب مواد أخرى، إضافة إلى توفير مستلزمات الطلبة المدرسية من أقلام ودفاتر، إلا أن تلك الخدمات توقفت نهائيا بحسب النقيب
وليس الواقع الاقتصادي للحاجة كريمة الناطور التي تعمل في محال لبيع الاكسسوارات داخل المخيم، أقل تضررا من غيرها من سكان المخيم، توضح "أن توقف خدمات الأنروا أدى إلى مضاعفة الأعباء المعيشية، في ظل تآكل الدخول دون زيادة، مشيرة إلى اقتصار تقديم تلك الخدمات لفئات معينة ومحدودة من اللاجئين.
ويرى الخبير الاجتماعي والاقتصادي حسام عايش، أن تنفيذ هذا القرار سيترتب عليه تبعات كثيرة، وسيلحق الضرر بنحو 5 ملايين لاجيء فلسطيني، منهم نحو مليوني لاجيء في الأردن، يعيش بعضهم ضمن 13 مخيما موزعة في أنحاء مختلفة من المملكة.
ويؤكد عايش أن تقليص خدمات " الانروا" بدأ تدريجيا منذ سنوات واقتصر على عدد قليل من عائلات اللاجئين، الأمر الذي ساهم بتدهور أوضاع المعيشية والاقتصادية لدى بعض العائلات، مشيرا إلى أن ما تقدمه من خدمات حاليا لا تتجاوز نسبته الـ10% عما كانت عليه سابقا.
ويقدر مجموع المنح المقدمة من الولايات المتحدة والتي تعد أكبر جهة مانحة للانروا بـ 368 مليون دولار، أي ما نسبته 30% من إجمالي التمويل المقدم من الدول المانحة .
وتكبدت الوكالة عجزا ماليا منذ بداية العام بلغ نحو 174 مليون دولار، وهو مرشح للزيادة في حال حجب الدعم الأمريكي أو تخفيض قيمته، بحسب تصريحات رئيس المفوض العام للوكالة بيير كرينبول.
الأنروا.. الشاهد الوحيد على قضية اللاجئين:
من جانبه يؤكد أمين سر اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة للاجئيين الفلسطينيين طلعت أبو عثمان، أن تقليص خدمات الوكالة يأتي ضمن ما وصفه بالمؤامرة على قضية اللاجئين وحقهم بالعودة الذي تستهدفه الإدارة الأمريكية والصهيونية.
ويشير أبو عثمان إلى إنهاء خدمات أكثر من مئة عامل من الوكالة مؤخرا، مشددا على أن خطورة ذلك قد تصل إلى إنهاء وجود "الأنروا" نفسها والتي تعد الشاهد الوحيد على قضية حق عودة اللاجئين إلى وطنهم، على حد تعبيره.
إلا أن الخبير حسام عايش، يرى أن تهديد الإدارة الامريكية سهل التطبيق، باعتبار عدم وجود ما يمنع ذلك، متوقعا أن يكون إلغاء الوكالة هو المهمة القادمة للولايات المتحدة، للقضاء على حق العودة للاجيء الفلسطيني.
ويعتبر حسام عايش أن تقليص الخدمات يجعل "الأنروا" غير ذات جدوى، بينما يعني إلغاؤها عدم وجود غطاء قانوني للاجئيين الفلسطينيين، وأن الخدمات التي كانت تقدمها ستلقى على كاهل الدول العربية المستضيفة لهم، الأمر الذي سيتأثر به الأردن بشكل مباشر.
ويصف أبو عثمان تلك الأزمة التي تمر بها الأنروا بالخطرة، ويجب التصدي لها، وإلا ستتضر كافة القطاعات سواء الخدمات الصحية والتعليمية والاغاثية.
ويستحوذ قطاع التعليم النصيب الأوفر عدديا من الموظفين العاملين في الوكالة بنحو 5 آلاف ما بين معلم ومدير، من إجمالي 7 آلاف موظف في الأردن، تليه دائرة الخدمات الصحية والإغاثة الاجتماعية الأخرى التي تقدمها "الأونروا".
وتسببت الأزمة المالية للأنروا عام 2015، بالتهديد بتأجيل العام الدراسي الجديد المثقل بالأعباء، ما أسفر عن رفع نصاب الصف المدرسي الواحد إلى 47 طالبا، بدلا من 45، تمهيدا لإغلاق شعب صفية أو دمجها، وإحداث الاكتظاظ الطلابي، وعدم فتح وظائف لشواغر جديدة.
هذا وتقدم الاونروا خدمتها من خلال 174 مدرسة تضم 124 ألف طالب من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، إضافة إلى 48 مركزا صحيا، عدا عن الخدمات الإغاثية المتنوعة.
من جانبه، يستبعد الناطق الاعلامي باسم "الانروا" ضمن مناطق العمليات الخمسة في فلسطين سامي مشعشع اتخاذ هذا القرار الأمريكي، موضحا أن الوكالة لم تبلغ رسميا بأي قرار يتعلق بالمساعدات المالية الأمريكية لميزانيتها، حيث سيتم التعامل معه في حال اتخاذه.
ويشير مشعشع إلى أن القرار إذا ما تم اتخاذه، فسيؤثر ذلك على الخدمات المقدمة لنحو 5 مليون لاجيء فلسطيني في الأردن وسوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة، خاصة وأن الانروا تعاني تاريخيا من العجز المالي بميزانيتها.
وبلغ حجم العجز المالي في الوكالة العام الماضي، بحسب مشعشع، 49 مليون دولار، تم ترحيله للعام الجاري، مرجحا تفاقم هذه الأزمة إذا اتخذت الإدارة الأمريكية قرارها فعليا فيما يتعلق بالمساعدات.
آمال ببدائل عن الحصة الأمريكية:
ويلفت مشعشع إلى أنه في حال تراجع الدعم المالي من أي جهة كانت، فهناك دعم ممول للانروا، حيث تؤيد أغلبية الدول التأكيد على أهمية دور الوكالة باستقرار المنطقة والتنمية البشرية، إضافة إلى دعم الدول العربية والخليجية لها.
"كما أن هنالك تنسيقا متواصلا وعال المستوى ما بين الحكومة الأردنية والانروا، فيما يتعلق بتقديم الخدمات، التي تساهم بها أيضا"، يقول مشعشع.
وتبقى الأنظار متجهة نحو البيت الأبيض، مترقبة قرار الرئاسة الأمريكية بالوقف الجزئي أو الكلي للمساعدات المقدمة للأنروا، الأمر الذي يهدد وجود هذه الوكالة الأممية، وبما ينعكس بشكل مباشر على حياة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات، متخوفين من ضياع الورقة الأخيرة التي تسجل حروف حقهم بالعودة إلى وطنهم.