خبير: قطع المساعدات الأمريكية لا يهدّد الاقتصاد الفلسطيني
رغم أهمية المنح والمساعدات الدولية للميزانية لكن قطع المساعدات الأمريكية عن الفلسطينيين ليس له تأثير كبير على الواقع الاقتصادي خاصة أن هذه المساعدات تذهب غالبيتها في تمويل مشاريع تطويرية وليست تنموية.
رام الله- حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
قال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم إن مجموع ما قدمته الدول مجتمعة من مساعدات للسلطة الفلسطينية منذ قيامها حتى الآن نحو 37 مليار دولار، ما يعادل بالمتوسط حوالي مليار ونصف دولار سنويا، لكن في آخر سنتين تراجعت المساعدات إلى 600-700 مليون دولار.
المساعدات تراجعت تلقائيا في السنوات الأخيرة
يرى الخبير الاقتصادي أن المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني ما زالت مهمة للاقتصاد الفلسطيني ولميزانية السلطة الفلسطينية، ولا يمكن تجاهل هذه الأهمية، فهي تمول جزءا من العجز في موازنة السلطة، وتغطي بعض النفقات التطويرية، وتلعب دورا في تحفيز الاقتصاد.
وبرصد هذه المساعدات يشير عبد الكريم الى تراجع هذه المساعدات في سنوات الثلاث الأخيرة "كافة المساعدات بشكل عام تراجعت وأصبحت لا تمول إلا بحدود 18% من إجمالي موازنة السلطة، في الوقت الذي كانت تمول في السابق نحو 30% منها".
وأضاف عبد الكريم إن نحو ثلث المساعدات تذهب كمصاريف ورواتب للخبراء والسفريات والورش خارج البلاد.
المساعدات الامريكية لا يجب ان تحدث فرقا جوهريا
وأوضح ان المساعدات الأمريكية تحديدا لم تنتظم في آخر 5-6 سنوات تأثرا بالعوامل السياسية "وعند كل محطة سياسية مهمة يمارس على الفلسطينيين هذا الضغط، وتتقطع المساعدات سواء من الكونغرس او الإدارة الأمريكية نفسها".
وأوضح أن المساعدات المقدمة للسلطة دون الأونروا ليست كبيرة الحجم بالإجمال، إذ تقارب 300 مليون دولار.
وقال عبد الكريم إن نحو 50 او 60 مليون دولار من المساعدات الأمريكية تذهب إلى خزينة السلطة وتمويل عجز الموازنة فيما الباقي يتم إنفاقه من خلال مشاريع وتعاقدات مع مؤسسات أمريكية تعمل في الأراضي الفلسطينية لتمويل مشاريع بنية تحتية ودعم قدرات ودعم فني وتطوير الأجهزة الأمنية.
لذلك رأى أن المساعدات الأمريكية مهمة "لكن ليس لدرجة زعزعة الاستقرار الاقتصادي والوضع المالي للسلطة، وليس إلى درجة أن تحدث فرقا جوهريا فالمبلغ يمكن تعويضه".
خسارة موظفين
وعن أثر توقف المساعدات عن الفلسطينيين فيرى عبد الكريم أنه سيتم إيقاف تمويل مشاريع تمويلها امريكا، وتوقف هذه المشاريع سيؤدي لخسارة مئات الموظفين الذين يعملون في هذه المشاريع وظائفهم، وبالتالي سينعكس ذلك على بعض العائلات والموظفين.
ورغم الحرص على أهمية استمرار هذه المساعدات يرى عبد الكريم أن الفلسطينيين ليسوا في مكان الاختيار ما بين المساعدات او القبول بوضع سياسي تفرضه الدول المانحة يمس ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني، وبالتالي يصبح الخيار واضحا برفض المقايضة ورفض الخيار نفسه.
ما يجب فعله
تعويض هذه المساعدات ومحاولة سد النقص خيار متاح في الوقت الحالي أمام السلطة الفلسطينية، وبالتالي يحتاج الأمر حسب عبد الكريم حراكا دبلوماسيا فلسطينيا تجاه الدول العربية والإسلامية، التي تعهدت في السابق مرات عدة بتشكيل شبكة أمان عربية، وهذا لم يتم الالتزام به حتى الان.
واقترح عبد الكريم أن يتم تحريك ملف المساعدات مع دول أخرى أقل عداء للفلسطينيين، وربما يتم الحديث مع الاتحاد الأوروبي لزيادة المساعدات، خاصة أنه لم يوقفوا مساعداتهم ولم يربطوها بمواقف سياسية.
كما أن على السلطة بحث خيارات ذاتية. فمثلا، من خلال تخفيض حجم الإنفاق في الأماكن المسموح فيها وتحسين الجباية الضريبية وزيادة الاقتراض من المصارف وهذا ما تم اللجوء له في السابق، فالخيارات بحاجة للبحث ولمزيد من الجهود.
وأكد على ضرورة مراجعة الخطة لموازنة العام 2018 لمواجهة التغير الذي حدث.
المساعدات واجب دولي وليست منّة
أكد عبد الكريم أن المساعدات ليست منة ويجب أن لا تخضع للظروف السياسية لا سيما انها ترافقت مع إعلان مبادئ أوسلو، وبالتالي هي تمويل لعملية سلام مفترضة، إضافة الى أن هذه المساعدات جاءت لتعوض الفلسطينيين عن تكاليف الاحتلال الباهظة التي يجب أن تستمر إلى حين زواله.