شركات مقاولات بغزة: 2017 عام الخسائر
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
يواجه خليل النفار صاحب شركة للمقاولات في غزة الأوضاع الأكثر تدهورا في عمله منذ امتهانه هذا المجال قبل 17 عاما ويقول إنهم ينظرون إلى تحقق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي على الأرض كطوق نجاة أخير لهم.
ويصف النفار لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، الوضع الاقتصادي في قطاع غزة خلال العام 2017 الذي أوشك على الانتهاء بالأسوأ نظراً لما شهده هذا العام من ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة والفقر وتراجع ملحوظ في مجمل الأنشطة الاقتصادية ما أثر سلبا على عملهم.
ويقول إن أرباحهم في هذا العام لا تكاد تغطي المصاريف التشغيلية للشركة بسبب حالة الركود الشديدة التي يعانيها مجال المقاولات في قطاع غزة بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين من جهة وقيود إدخال مواد البناء إلى القطاع من جهة أخرى.
ويضيف النفار أن ما يزيد من مصاعبهم الاقتصادية استمرار أعباء الانقسام الداخلي بفعل الازدواج الضريبي وعدم صرف مستحقات المقاولين من الإرجاع الضريبي أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية، مطالبا بحلول عاجلة قبل أن تنهار شركات المقاولات كليا في غزة.
أعباء الانقسام
يقول رئيس المقاولين في قطاع غزة علاء الأعرج إن شركات المقاولات في الضفة الغربية يصرف لها الارجاعات الضريبية المترتبة على الفواتير الصفرية خلال فترة 45 يوماً أو تحصل على سندات حكومية تستطيع تسييلها من أي بنك، بينما شركات المقاولات في غزة لا يصرف لها هذا الاستحقاق نتيجة لما ترتب على الانقسام الداخلي.
ويوضح الأعرج "بوابة اقتصاد فلسطين"، أنه منذ منتصف أيلول/سبتمبر عام 2015 عندما تم اعتماد الفواتير المعفاة من الضرائب بدلاً من الصفرية لم يتم صرف أو ترصيد استحقاقات المقاولين في الحاسوب الحكومي، حيث بلغت استحقاقات المقاولين المفترض أعادتها منذ العام 2007 ما لا يقل عن 100 مليون شيقل.
ويشير إلى أنه خلال العامين الأخيرين كانت هناك مبالغ أخرى أدى عدم استرجاعها إلى خروج 50 بالمائة من شركات المقاولات من السوق المحلية في قطاع غزة لعدم قدرتها على تغطية التزاماتها وتكبدها خسائر مالية كبيرة.
كما ينبه الأعرج إلى أن هنالك رسوم تم إلغاؤها بقرار من الرئيس محمود عباس منذ العام 2008 بحيث تم منح إعفاءات ضريبية لكافة العطاءات إلا أنه لم يتم الاستفادة من هذه الإعفاءات جراء الانقسام، بحيث استمر المقاولون في غزة بدفعها ما أثقل كاهلهم في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع.
وكان اتفاق المصالحة الأخير بين حركتي "فتح" و"حماس" في منتصف تشرين أول/أكتوبر الماضي برعاية مصرية لتمكين حكومة الوفاق الوطني من استلام كامل مهامها في قطاع غزة عزز الأمل والتفاؤل في قطاع غزة خاصة شركاته الخاصة لاستئناف نشاطها في ظل رفع الحصار وتذليل العراقيل التي حدت من نشاطها وتطورها على مدار سنوات الانقسام.
لكن استمرار تعثر تنفيذ تفاهمات المصالحة حتى الآن وإزالة مظاهر الانقسام لا يزال يمثل تحديات هائلة في عمل الشركات الخاصة في قطاع غزة بما فيها المرتبطة بمجال المقاولات وتعويض ما تكبده من خسائر على مدار السنوات الماضية.
تعثر الإعمار
بموازاة ذلك يلقي استمرار تعثر إعادة إعمار قطاع غزة عقب العداون الأخير على القطاع صيف عام 2014 بظلاله السلبية على عمل شركات المقاولات خاصة فيما يتعلق بدخول مواد البناء وتوفر الأموال اللازمة لمشاريع إعادة الإعمار.
ويقول محمد حسان صاحب شركة محلية للمقاولات في غزة إن آلية إعادة إعمار قطاع غزة ونظام إدخال مواد البناء التي وضعتها الأمم المتحدة وتعرف باسم (GRM) تسببت ولا تزال بإعاقة أعمال شركات المقاولات.
ويوضح حسان لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن تلك الآلية أدت إلى تأخير العديد من مشاريع إعادة الإعمار وتكبد الشركات مصاريف إدارية مضاعفة لتغطية مستحقات العاملين لديها وتأمينات، إضافة إلى غرامات تأخير فرضت عليهم من قبل المشغلين.
والعامل الأهم كما يؤكد حسان هو أن آلية إعادة الإعمار المعمول بها وبما تتضمنه من قيود إسرائيلية كبيرة دفعت إلى عدم توفر أصناف عدة من مستلزمات البناء في السوق المحلية وارتفاع أسعارها بشكل كبير وهو ما يزيد من مصاعب شركات المقاولات.
وينبه إلى أن محدودية عدد المشاريع المطروحة للإعمار بسبب الحصار والانقسام وعدم التزام الدول المانحة بدفع ما تعهدت به من أموال لإعادة الإعمار بحيث لم يتم الالتزام إلا بنحو 35 بالمائة من هذه التعهدات، ما أدى لمزيد من الخسائر في قطاع المقاولات .
كما يشتكى حسان مما تسببت به مشكلة انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي في العام 2017 بحيث وصل الانخفاض خلال أربعة أشهر لأكثر من 12 بالمائة ما يعني انخفاض العوائد التي كانت تدخل على شركات المقاولات كون أن المقاول يستلم مستحقاته بعملة الدولار بينما جل نفقاته تصرف بعملة الشيقل.
استمرار الحصار
يؤكد الخبير الاقتصادي ومسئول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع أن العام 2017 كان الأسوأ اقتصادياً على قطاع غزة الذي يعاني اقتصاده من سياسة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أعوام وتداعيات استمرار تعثر إعادة الإعمار.
ويقول الطباع لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن استمرار التأخر في عملية إعادة الإعمار أدى إلى تداعيات خطيرة على مجمل الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة بسبب استمرار إسرائيل بتشديد القيود المفروضة على حركة تنقل التجار ورجال الأعمال وإدخال مواد البناء وغيرها من المواد الخام.
ويضيف أن عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة لا تزال تسير ببطء شديد بسبب إدخال مواد البناء بحيث إن إجمالي كميات الإسمنت الواردة للقطاع الخاص لإعادة الإعمار لم تتجاوز مليوني طن حتى الآن وهي كمية لا تمثل سوى 30 بالمائة من احتياج قطاع غزة من الإسمنت.
ويشدد الطباع على أن المطلوب بعد استلام السلطة الفلسطينية إدارة معابر قطاع غزة إلغاء آلية إعادة الإعمار التي يصفها بالفاشلة والعقيمة وإدخال مواد البناء لشركات المقاولات في القطاع دون قيد أو شرط لدفع عمليات الإعمار قدما.
ويشار إلى أن العام 2017 شهد ارتفاعاً غير مسبوق في معدلات البطالة التي بلغت بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني في قطاع غزة 46.6 بالمائة وتجاوز عدد المتعطلين عن العمل ما يزيد على 243 ألف شخص.
وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالمياً، وارتفعت معدلاتها بين فئة الشباب والخريجين في أوساط الفئة العمرية من 20-29 سنة الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة لأكثر من 67 بالمائة.