خطة تقشف حكومي وصافي اقراض متصاعد.. اين تكمن المشكلة؟
بلغ صافي الاقراض نحو 950 مليون شيقل في 2017 كمبلغ تقديري، والمبلغ الحقيقي من المرشح ان يصل مليار شيقل، وهو مبلغ ضخم وفي تصاعد رغم خطط الحكومة التقشفية التي كانت قد أعلنتها لضبط الوضع المالي للحكومة.. أين تكمن المشكلة؟
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
للارتفاع المطرد في صافي الاقراض دلالة سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، حيث قدّر في موازنة 2017 ب950 مليون شيقل، وهو مبلغ ضخم مرشح للصعود دون معرفة الأسباب الحقيقية لذلك، ويأتي ذلك في الوقت الذي يجب فيه أنيتناقص المبلغ في ظل خطة تقشف حكومية.
وقد تم تداول هذا المصطلح منذ حساب الخزينة في عام 2002 للدلالة على المبالغ المخصومة من قبل اسرائيل.
ويعرف صافي الاقراض بأنه المبالغ المخصومة من ايرادات المقاصة من قبل اسرائيل لتسوية ديون مستحقة للشركات الاسرائيلية المزودة للكهرباء والمياه للبلديات ولشركات وجهات التوزيع الفلسطينية وغيرها من البنود الأخرى، بعضها معلوم الملامح والاخر مبهم.
وبشكل مبسط فأن المواطن الفلسطيني يدفع فاتورة الماء والكهرباء مرتين، مرة للهيئات المحلية ومرة حين تقتطع هذه الاموال من اموال المقاصة التي هي للشعب الفلسطيني ومخصصة لنفقاته العامة ولمشاريع البلد التطويرية.
وعند الحديث عن صافي الاقراض على مدار عدة اعوام فاننا نلاحظ انه في عام 2014 كأنالمبلغ المقدر له 600 مليون شيقل، بينما المتحقق كأن1022 (مليار و22 الف شيقل)، وفي عام 2015 كان المقدر 800 مليون شيقل، بينما المتحقق خلال العام ذاته كان مليار و116 الف شيقل، وفي عام 2016 بلغ صافي الاقراض المقدر 850 مليون شيقل، وبالمبلغ المتحقق كأنمليار و29 الف شيقل، اما في موازنة 2017 فالمبلغ المقدر هو 950 مليون شيقل.
كيف يتصاعد الرقم في ظل خطة التقشف الحكومية؟
ينفي مدير عام الشؤون المالية من وزارة الحكم المحلي غسان دراغمة أن يكون للكهرباء او الماء دور في تضخم فاتورة صافي الاقراض، فصافي الاقراض من سنتين يجب أن ينزل بشكل كبير بسبب ضبط فاتورة الكهرباء، فمعظم الهيئات المحلية والشركات تسدد فواتيرها كاملة او شبه كاملة ما عدا القضايا السياسية التي لم نحلها حتى الان، وهي مشكلة المخيمات والاغوار وغزة، وباقي الهيئات المحلية تقريبا تدفع 100% من فواتيرها باستثناء الدين الذي على الحكومة.
ويؤكد دراغمة وجود متابعة حثيثة من رئيس الوزراء للهيئات المحلية وفواتيرها، فأي هيئة لا تدفع اما يتم وضع مراقب مالي عليها أو يتم تغييرها او يستلمها موظفون من الحكم المحلي.
من جهته يؤكد رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، انخفاض فاتورة الكهرباء مؤخرا، وارتفاع صافي الاقراض قد يكون سببه عوامل اخرى تتعلق بالصحة وغيره.
وقال أن الديون ناتجة عن عدم التزام الهيئات المحلية والشركات الموزعة للطاقة الكهربائية بدفع فواتير الكهرباء بالموعد المحدد وبشكل منتظم وشهري.
واشار الى رفض الجانب الاسرائيلي التعاون مع الجانب الفلسطيني بالمشاركة في عملية التقاص التي يجروها، اي يخصم مثلا من ضريبة المقاصة 25 مليون من الكهرباء في شهر معين عن الضفة الغربية رغم تسديد الفواتير، ويتذرعون بأنها قرارات عليا، وهنا تحدث المغالطة.
وقال ملحم أن سلطة الطاقة رفعت قضية على شركة الكهرباء القطرية من اجل موضوع صافي الاقراض.
وعن سبب عدم دفع الفواتير بنسبة 100% فقال أن البلدية او الهئية المحلية لا تدفع فاتورتها بالكامل بسبب الفواتير التي لا تحصلها من المواطنين، ففاتورة الشراء يجب أن تحصل 100% من المواطنين، وما يحصّل اقل من ذلك، وهذا يسبب الارباك للشركات وموزعي الكهرباء بتسديد الفاتورة، بالاضافة لذلك الهيئات المحلية والشركات لديها مصاريف تشغيلية حتى تقوم بأعمالها.
ومن المناطق التي تواجه سلطة الطاقة مشاكل في تسديد الفواتير من قبل المواطنين فيها هي منظقة اتش 2 في الخليل، والمخيمات، والاغوار، والجفتلك..
وعن اجراءات الحكومة للتخلص من هذا الملف العالق بخصوص هذه المناطق قال ملحم أن الحكومة استنفذت طاقتها، منذ عشر سنوات وتقوم باجراءات من اشتراط براءة الذمة وتحفيزات وجدولة وغيره، فالمشكلة خفّت لكنها ما زالت قائمة.
وقال الخبير مؤيد عفانة في بحث له، ان السبب الرئيسي يكمن في استمرار تصاعد الرقم حسب الجهات ذات العلاقة بهذا البند في الجانب الاسرائيلي الذي يفرض سياسة الامر الواقع ولا يلتزم بالاتفاقيات.
فحسب رئيس سلطة الطاقة فان الجانب الاسرائيلي يقتطع 70 مليون شيقل شهريا بدل أثمان الكهرباء رغم التزام الفلسطينيين بالدفع، وهذا سبب رفع سلطة الطاقة قضية ضد الشركة القطرية الاسرائيلية.
وتقوم الشؤون المدنية بشكل مستمر بطلب كشوفات واضحة ودقيقة من الجانب الاسرائيلي لكن الاخير لا يلتزم بذلك.
وكذلك الامر بالنسبة لسلطة المياه، تقوم اسرائيل بخصم فاتورة المياه وغرامات تأخير دون التنسيق مع سلطة المياه.
ولقطاع غزة دور كبير في تراكم صافي الاقراض حسب ما استخلصه الباحث عفانة، وتبلغ النفقات المتعلقة بالخدمات المقدمة لقطاع غزة والمحلة على بند صافي الاقراض نحو 40 مليون شيقل شهريا.
واشار عفانة في بحثه الى انه من الاسباب التي أدت الى تخلف الهيئات المحلية وشركات التوزيع عن دفع بدل اثمان الكهرباء والماء هو وجود اشكاليات ادارية ومالية في تلك الهيئات والشركات مثل التوظيف الزائد عن الحد او استثمار الاموال بدل اثمان الماء والكهرباء في تغطية نفقات تشغيلية او تطويرية.