البوابة بالأسواق: الأسعار تنخفض بغزة والمواطنون لا يشترون
رغم انخفاض أسعار السلع في قطاع غزة عقب انهاء الازدواج الضريبي غير أن المواطنين لم يستفيدوا حتى اللحظة من الاسعار إذ غالبيتهم يكتفون بالنظر دون الشراء؛ بسبب التشوهات الاقتصادية الموجودة هناك خاصة فيما يتعلق بضعف القوة الشرائية
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
يقدر تجار ومختصون اقتصاديون بأن وقف الازدواج الضريبي مؤخرا في قطاع غزة لم يسهم فورا بانخفاض ملموس على كافة البضائع المستوردة، ويعزون ذلك بشكل أساسي لاستمرار ضعف القدرة الشرائية.
وأعلنت حكومة الوفاق الوطني إلغاء كافة الرسوم والجمارك والجبايات غير القانونية التي كانت تجبى ومعمول بها في قطاع غزة، في إشارة إلى حالة الازدواج الضريبي ابتداء من مطلع الشهر الجاري.
وجاءت الخطوة بعد تسلم الحكومة إدارة معابر قطاع غزة بموجب تفاهمات المصالحة الأخيرة التي أعلنت برعاية مصرية في 12 من تشرين الأول الماضي سعيا لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ أكثر من عشرة أعوام.
تأثير محدود
وقال تجار استطلع موقع "بوابة اقتصاد فلسطين" أراءهم، إن إنهاء الازدواج الضريبي أدى إلى انخفاض الأسعار في عدة قطاعات أبرزها تجارة السيارات واستيراد الفواكه والخضار والكثير من الأصناف الغذائية.
لكن التجار اشتكوا من أن تأثير رفع الضرائب المزدوجة لا يزال محدودا ولم يشمل كل القطاعات بسبب ضعف القدرة الشرائية وحالة الركود الاقتصادي التي يعانيها قطاع غزة متأثرا بفعل سنوات من الانقسام والحصار الإسرائيلي.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة سمير أبو مدللة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن توحيد الضرائب على معابر القطاع يؤدي تلقائيا إلى تخفيض تكاليف الاستيراد ما يوفر على المواطنين فواتير بمبالغ عالية كانوا يتحملونها رغم فقرهم.
ويشير أبو مدللة إلى أن النظام الحكومي السابق في غزة كان يعتمد على موارد مالية تقوم على جباية الضرائب خاصة استيراد السيارات والوقود والسجائر إضافة إلى السلع الغذائية الأخرى ما أثقل كاهل سكان قطاع غزة على مدار أعوام طويلة.
ويوضح أبو مدللة أنه في السابق كان يتم فرض نوعين من الضرائب من الجهات الحكومية في غزة هي ضريبتي (تكافل) و(ضريبة التعلية) إضافة إلى الرسوم الجمركية العادية بحيث كان يتم جباية 70 إلى 75 مليون شيقل إسرائيلي شهريا.
ولدى القيام بجولة في عدة أسواق شعبية في قطاع غزة يمكن ملاحظة انخفاض نسبي في أسعار عديد البضائع المستوردة بفعل الانخفاض الذي حصل في جباية الرسوم الضريبية.
وكان المستوردون في قطاع غزة يدفعون مبلغ 100 شيقل إسرائيلي إضافي لكن طن سلع مستوردة إلى وزارة الزراعة في غزة بدلا من مبلغ 20 شيقل فقط يتم تحصيله الآن من حكومة الوفاق، إلى جانب مبلغ 20 شيقل ضريبة تعليه بدلا من مبلغ 12 شيقل يتم فرضها في الضفة الغربية وبالتالي توفير مبلغ 88 شيقل لكل طن مستورد.
ضعف القوة الشرائية تمنع الاستفادة من الانخفاضات
وقال تجار إن تقدير الانخفاض الفعلي لأسعار البضائع لا يزال يرتبط بعوامل أخرى لا تقل أهمية عن إنهاء الازواج الضريبي أهمها تحسن القوة الشرائية بما يسمح بزيادة كميات البضائع المستوردة وبالتالي زيادة العرض والطلب.
ويوضح رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية" الصادرة في غزة محمد أبو جياب لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن إنهاء الازدواج الضريبي انعكس إيجابا على أسعار البضائع المستوردة في قطاع غزة لكنه لا يزال محدودا ليلمسه المواطن.
ويشرح أبو جياب أن توحيد الضرائب في غزة مع الضفة الغربية خطوة أولى هامة على طريق الانتعاش الاقتصادي المنشود سواء على المستهلك أو التاجر والصانع لكن تأثيره لم يكن كبيرا لأن مجمل الوضع الاقتصادي في مجمله مدمر.
ويضيف أن الأمر مرتبط بتحسن القدرة الشرائية وتحقيق انتعاش اقتصادي يحد من المعدلات القياسية للفقر والبطالة في صفوف سكان قطاع غزة بما في ذلك تحسن الرواتب وإيجاد فرص عمل وبالتالي إقبالهم أكثر على شراء احتياجاتهم.
وكمثال على ذلك قال أصحاب معارض بيع سيارات مستوردة في غزة إن أسعار بيع السيارات الحديثة انخفض بنسبة 25 بالمائة هي قيمة ضريبة جمارك كان معمول بها في قطاع غزة وتم وقف تحصيلها تماشيًا مع توحيد الضرائب مع الضفة الغربية.
ويشير هؤلاء إلى أنه رغم الانخفاض الكبير في أسعار بيع السيارات لكن قلة الطلب عليها وضعف الإقبال يقلل من أهمية الانخفاض الحاصل في الأسعار الذي شمل كذلك رسوم ترخيص السيارات.
من جهته يقول المختص الاقتصادي من غزة أسامة نوفل لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن النظام الضريبي الذي كان معمولا به في قطاع غزة لا يختلف كثيراً عن النظام المعمول به في الضفة باستثناء جمارك السيارات والقيمة المضافة.
ويعتبر نوفل أن الفائدة من إلغاء الحكومة الرسوم الضريبية الإضافية على استيراد السلع المختلفة سواء الصناعية أو الزراعية إلى قطاع غزة لمسه التاجر بشكل مباشر لكن ذلك لم يحدث مباشرة للمستهلك في إطار هامش الربح.
وينبه إلى الحاجة إلى توحيد النظام القانوني للضرائب بشكل كامل بين الضفة الغربية وغزة، مبرزا أن انخفاض أسعار سلع ومواد غذائية خاصة في المراكز والمولات التجارية لم يتأثر بشكل فوري بتوحيد الرسوم والضرائب.
كما يشير نوفل إلى أن تكاليف الاستيراد عبر معبر (كرم أبو سالم/كيرم شالوم) الإسرائيلي مرتفعة، كما أن هناك حاجة لانتظار انتهاء ترتيبات تفعيل دور وزارة المالية في قطاع غزة بموجب إجراءات التسلم الحاصلة للوزارات والمؤسسات الحكومية.
وكان مجلس الوزراء دعا خلال اجتماعه الأسبوعي في رام الله، إلى إيجاد حلول جذرية واضحة للقضايا الأمنية والمالية والمدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام، مؤكدا أن تسلم المؤسسات والمعابر في قطاع غزة سيبقى منقوصاً ما لم يتم تمكين الحكومة بشكل فعلي وتسلمها لمهامها كاملة.