مشروع محطة تحلية لإنقاذ قطاع غزة من العطش
مشروع استرتيجي لإقامة محطة مركزية للمياه وملحقاتها في غزة بتكلفة 600 مليون دولار أميركي، وستقام محطة لتوليد الطاقة الكهربائية لتشغيل المحطة على مساحة 100 دونم جنوب قطاع غزة، وتشمل الخطة الاستراتيجية لسلطة المياه إنشاء ثلاث محطات تحلية صغيرة يتم إنجازها على المدى القصير لتنتج 13 مليون متر مكعب في العام، وستستخدم لتغطية جزء من الاحتياجات المنزلية بعد خلطها جزئيا مع مياه الخزان الجوفي..
في العام 2020 تقول الأمم المتحدة: "قطاع غزة سيصبح منطقة غير صالح للعيش والحياة، وعليه فإن ما تبقى (3%) من المياه الصالحة للشرب ستنفد في ذلك الوقت".
في وقت سابق دقت مؤسسات محلية ودولية ناقوس الخطر بأن 97% من مياه الشريط الساحلي غير صالحة للاستهلاك الآدمي، لكن طوق النجاة الوحيد وفق مختصين يكمن بتحلية مياه البحر، وانقاذ الخزان الجوفي.
بعد توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة في الثاني عشر من تشرين الأول الماضي، يرى نائب رئيس سلطة المياه ربحي الشيخ أن حل مشكلة المياه في غزة بات ممكنا لكنه ليس سحريا.
مشروع استراتيجي:
الحل حسب الشيخ يكمن في تنفيذ مشروع محطة تحلية المياه المركزية" الذي وصفه بـ"الاستراتيجي".
وتولي القيادة الفلسطينية المشروع أهمية كبيرة لتخليص الغزيين من مشكلة استمرت لعشرات السنين في ظل استنزاف الخزان الجوفي للمياه.
الشيخ خلال حديثه لـ"وفا" يبدو هذه المرة أكثر تفاؤلا من ناحية تنفيذ المشروع، متوقعا أن يبدأ العمل به في الربع الثاني من العام القادم بعد أن حالت سنوات الانقسام دون ذلك.
"المياه في غزة غير صالحة للاستخدام المنزلي، والزراعي، والصناعي" يختصر الشيخ تشخيص أزمة المياه في الشريط الساحلي المحاصر منذ عقد من الزمن.
بعد انشاء محطة المياه المركزية باستطاعة الغزيين شرب المياه العذبة من صنابير المياه في منازلهم، يضيف نائب رئيس سلطة المياه.
وتبلغ تكلفة إقامة محطة مركزية للمياه وملحقاتها حوالي 600 مليون دولار أميركي، فيما ستقام محطة لتوليد الطاقة الكهربائية لتشغيل المحطة على مساحة 100 دونم جنوب قطاع غزة.
وأشار الشيخ الى أن المحطة ستقوم بتحلية مياه البحر المجاورة، وستقام على مساحة 80 دونما بالقرب من دير البلح وسط القطاع، وتعد من أهم المشاريع في خطة سلطة المياه، من أجل توفير كميات مياه إضافية لقطاع غزة، في ظل أن حوالي 97% من مياه الخزان الجوفي غير صالحة للاستخدام المنزلي والزراعي والصناعي، و3% المتبقية لا يمكن الاستفادة منها، لأنها ملوثة.
بالنسبة للشيخ، فإن مشكلة المياه في غزة "مزمنة"، ولا تلبي ربع احتياجات السكان (مليونا نسمة)؛ لأن مصادرها محدودة.
55 مليون متر مكعب من المياه في المرحلة الأولى:
في مرحلتها الأولى ستنتج محطة 55 مليون متر مكعب في العام من المياه المحلاة للاستخدام المنزلي مباشرة، وستساعد في تخفيض كميات المياه المستخرجة من الخزان الجوفي، حتى يستطيع هذا الخزان استعادة نوعية المياه الجيدة بشكل طبيعي.
مصادر المياه في غزة تتراجع عاما بعد عام، بسبب الارتفاع الحاد في نسب الأملاح وتلوثها بالنيترات، علاوة على تلوثها بيولوجيا.
تستهلك غزة من المياه أكثر بأربعة أضعاف من قدرة الخزان الجوفي، ما يؤدي الى هبوط مستمر في مستويات المياه الجوفية، يوضح الشيخ.
ومن ملوثات مياه غزة يقول، تداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي، وكذلك تسرب مياه الصرف الصحي ومخلفات المبيدات والأسمدة المستخدمة في الزراعة.
كما تشمل الخطة الاستراتيجية لسلطة المياه الى جانب المحطة المركزية كما يقول الشيخ: "إنشاء ثلاث محطات تحلية صغيرة يتم إنجازها على المدى القصير لتنتج 13 مليون متر مكعب في العام، وستستخدم لتغطية جزء من الاحتياجات المنزلية بعد خلطها جزئيا مع مياه الخزان الجوفي، إضافة الى العمل على تحسين كفاءة أنظمة توزيع المياه وتخفيض الكميات غير المحاسب عليها.
ومن ضمن خطة سلطة المياه، سيتم انشاء ثلاث محطات صرف صحي مركزية تسهم الى جانب الحفاظ على الصحة العامة والبيئة، تستطيع توفير كميات من المياه للاستخدامات الزراعية بعد معالجة مياه الصرف الصحي.
وعن المرحلة الثانية من مشروع محطة مياه التحلية المركزية، كشف الشيخ أنها ستنطلق في العام 2025 حيث سيتم مضاعفة كميات المياه المنتجة الى 110 مليون متر مكعب في العام.
وأضاف، ستساهم المحطة في مرحلتها الأولى بسد الاحتياج المنزلي من المياه العذبة بعد خلطها بكميات مشابهة من خزان المياه الجوفي ذات مواصفات مقبولة.
التمويل:
وبخصوص تكاليف المشروع البالغة 600 مليون دولار، أعلن الشيخ أن السلطة الوطنية حصلت على وعودات مؤكدة من صناديق التمويل العربية بالاستعداد لتغطية نصف المبلغ، والاتحاد الأوروبي وعد بتوفير 70 مليون يورو، بينما تعهدت فرنسا بمبلغ 10 ملايين يورو.
كما التزمت حكومة الكويت الشقيقة من خلال برنامج إعادة اعمار القطاع بمبلغ 60 مليون دولار مخصصة لتنفيذ جزء من الخط الناقل كمشروع مكمل لمحطة المياه المركزية.
محطة توليد الطاقة:
وهناك مكملات للمشروع الى جانب محطة التحلية المركزية تشتمل حسب نائب رئيس سلطة المياه على الخط الناقل الوطني الرئيسي مع الخزانات اللازمة لعملية خلط المياه من المحطة مع المياه الجوفية.
كما تشتمل هذه المكملات على انشاء محطة لتوليد الطاقة على مساحة 80 دونما جنوب القطاع ستكون مخصصة لمحطة المياه وتعمل بشكل أولي على وقود الديزل.
ولفت الشيخ الى أنه سيتم تشغيل المحطة على الغاز الطبيعي حال توفره، إضافة الى توفير جزء من الطاقة من المصادر المتجددة، بيد أنه سيتم انشاء محطة للطاقة الشمسية تستطيع انتاج ما بين 13 و14 ميغاواط من الكهرباء كحد أقصى.
وسيتم استخدام أسطح محطة التحلية من أجل تركيب خلايا شمسية لتوليد جزء آخر من الطاقة، علاوة على تركيب "طوربينين هوائيين" على شاطئ البحر لتوليد الطاقة من الرياح بقدرة 4 ميغاواط كحد أقصى.
وأوضح الشيخ، أن تصاميم محطة التحلية تتضمن على ربطها بشبكة توزيع الكهرباء من خلال خطوط ناقلة خاصة، مشيرا الى أنه تم الانتهاء من التصميمات المبدئية ووثائق العطاءات اللازمة للبدء بتنفيذ المشروع من قبل شركات أوروبية مختصة ذات كفاءة عالية.
وبيّن الشيخ أننا الآن في المراحل الأخيرة من اعداد التصميمات اللازمة للمشاريع المكملة لمحطة التحلية والمتوقع الانتهاء منها نهاية الشهر الجاري.
المستوطن يستهلك عشرة أضعاف الفلسطيني من المياه:
ويبلغ استهلاك الفرد من المياه في قطاع غزة يوميا حوالي 85 لترا، بينما يبلغ استهلاك لإسرائيلي 250 لترا يوميا، في حين المستوطن يستهلك 600 لتر في اليوم.
وتقول تقارير: "إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بعمليات قرصنه مائية من خلال حفر ما يقرب من 37 بئرا على الحدود الشمالية والشرقية للقطاع كمصائد مائية يتم حفرها بمنسوب أقل من مستوى الخزان الجوفي، والتي وفق طبيعتها الانسيابية تتجه من الشرق والشمال باتجاه غزة.
كما عمدت الى بناء الخزانات والحواجز المائية لمنع المياه القادمة من جبال جنوب الضفة الغربية وخاصة جبال الخليل، والتي كانت ترفد وادي غزة بمقدار مليوني لتر مكعب مياه.
الاتحاد من أجل المتوسط (??هو مؤسسة دولية تضم 43 بلدا) اعتبر مشروع محطة تحلية المياه في قطاع غزة عملية بارزة تتكون من ثلاثة مشاريع متكاملة في قطاع غزة وهي: بناء محطة لتحلية مياه البحر عبر التناضح العكسي بطاقة استيعابية تبلغ 55 مليون متر مكعب؛ نظام نقل بين الشمال والجنوب؛ ومشروع تخفيض فاقد المياه.
وأشار الاتحاد على صفحته على "الانترنت"، إلى أن المشروع سيساعد في مواجهة النقص الكبير في المياه بالنسبة لسكان قطاع غزة، حيث تزداد أعدادهم كثافة مع مرور الوقت.
وتُعتبر محطة تحلية المياه حسب الاتحاد جزءا لا يتجزأ من برنامج المياه الفلسطينية في غزة الذي يمتد على نطاق أوسع، إذ يهدف إلى معالجة أزمة المياه في قطاع غزة.
الحد من تلوث مياه البحر:
وقال: "سيسهم المشروع أيضا في الحد من التلوث في البحر الأبيض المتوسط?? بالحيلولة دون انهيار الخزان الجوفي الساحلي، كما سيساعد على استتباب الاستقرار السياسي في المنطقة من خلال مواجهة التحدي المتمثل في ندرة المياه".
وأضاف الاتحاد، "ستشجع العملية في مجملها على خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية والمستدامة في المستقبل بهذه المنطقة المكتظة بالسكان".
نائب رئيس سلطة المياه، أكد أن مشروع التمكين المركزي لقطاع غزة هو اول مشروع اعتمده "الاتحاد من أجل المتوسط" في العالم في عام 2012 كمشروع انساني تطويري، مشيرا الى أنه يجري التنسيق مع الاتحاد من أجل التوفير اللازم للمشروع.
آلاف الآبار العشوائية:
وانتقل نائب رئيس سلطة المياه للحديث عن آبار المياه العشوائية المنتشرة في قطاع غزة، التي تضاعفت خلال سنوات الانقسام، بسبب عدم المقدرة على مراقبة القضية وتنظيمها والتي ساهمت في تفاقم مشكلة المياه.
وقدّر الشيخ عدد تلك الآبار بأكثر من 6000 بئر منتشرة في جميع محافظات غزة.
140 محطة مياه تحلية خاصة:
لجأ الغزيون إلى إنشاء محطات خاصة لتحلية مياه الشرب الملوثة التي تصل الى منازلهم، ويصل عددها حسب الشيخ الى 140 محطة خاصة، أو تابعة لمؤسسات غير حكومية، تنتج في العام حوالي 3 ملايين متر مكعب، مشيرا الى غياب الرقابة المطلوبة، وتنظيم هذا العمل من حيث الكمية، والنوعية، والأسعار.
وكشف أنه جرى تنفيذ دراسة العام الماضي حول تلك المحطات أظهرت أن 25% منها تعاني من تلوث بيولوجي، بينما ترتفع نسبة التلوث لتصل الى 50% خلال عملية النقل والتوزيع، وترتفع الى 70% عند حفظها في خزانات بلاستيكية لفترات طويلة.