الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
08 تشرين الثاني 2017

وقف كريم.. ما له وما عليه؟

خسر الاقتصاد الوطني كثيرا بخروج كريم من السوق، ليس فقط على صعيد خلق آلاف فرص العمل انما أيضا على صعيد تحريك الكثير من القطاعات الاقتصادية وتحقيق النمو

\

عماد الرجبي - بوابة اقتصاد فلسطين

لم تنتهِ تداعيات إيقاف شركة كريم في فلسطين عند القرار القضائي. فهذه الحادثة، الأولى من نوعها، منذ بدء عمل الشّركة في الشرق الأوسط 2012 كشفت عن وجود خلّل في سرعة تجاوب الأنظمة والقوانين الفلسطينية مع التّطورات الحاصلة في العالم خاصة على الصّعيد التكنولوجيّ. بل أكثر من ذلك، وبينما تنادي الحكومة المستثمرين بالقدوم إلى هنا، فان القرار الأخير يسلط الضّوء على تلك الدّعوات وضرورة قيام الحكومة بإعادة قياس مدى اقتناع رجال الأعمال على القدوم إلى فلسطين للاستثمار بعد هذه الحادثة.

ووفقا إلى بيان صادر عن وزارة النقل والمواصلات، فان قرار المنع جاء لمخالفة تطبيق كريم قانون المرور رقم (5) لعام 2000 ولائحته التّنفيذية. وجاء القرار رسميا في الوقت الذي أعلنت فيه "كريم" أنها حصلت على ترخيص من وزارة الاقتصاد الوطني فيما لم تحصل على موافقة من وزارة النقل والمواصلات لكنها أكدت أنها ستستمر في الحوار مع الحكومة للوصول إلى حلول مناسبة.

*فجوة الاقتصاد التّشاركي

تمتاز كريم، التي بدأت العمل في رام الله يوم 15 حزيران 2017 كتجربة للانتقال إلى باقي محافظات الضفة الغربية، أنها موفرة ماديا مقارنة بالتّاكسي إضافة إلى أن كافة السّيارات العاملة مع الشّركة تعتبر جديدة. ناهيك، عن زيادة التعرف على أناس جدد. وهذه، بعضُ خواص ما يعرف بـ"الاقتصاد التّشاركي" الذي تعمل به "كريم" ولم يتم استيعابه حتى اللّحظة في فلسطين رغم انتشاره في باقي دول العالم.

ويعرف "الاقتصاد التّشاركي" بأنه نظام اجتماعي اقتصادي يقوم على مشاركة الموارد والأصول البشرية والمادّية بين الأفراد والمؤسّسات الخاصّة والعامّة، بحيث يقدم أصحاب هذه الأصول المتاحة دائما أو أحيانا خدماتٍ مقابل أجر. ومن أمثلته: شركة "أوبر" لخدمات النقل والتّكاسي و"كريم" التي تشبه عمل الشّركة السابقة وتعمل في الشّرق الأوسط. وأيضا، و" AIRBNB" لتأجير وتبادل وتشارك الغرف والشّقق.

ووفقا لخبراء فإن هذا النّظام يلقى رواجاً كبيراً في العالم نظرا لتحقيقه نوعا من العدالة الاجتماعية في الوقت الذي تتهمش فيه الطّبقة الوسطى ويتعمق الفقر فيما يزداد الأغنياء ثراءً (النظام الرّأسمالي) لذلك، فإن مثل هذه الأنظمة تساهم في توفير المال وتقديم جودة عالية ومنافسة للمستهلكين.

*فوائد خسرها الاقتصاد

ايجابيات النظام التّشاركي كثيرة جدا، وعند الحديث عن "كريم" هذه أبرز الفوائد التي خسرها الاقتصاد الفلسطينيّ:

أولا: تخفيف معدلات البطالة المرتفعة؛ نظرا لاعتماد "كريم" على الشّباب ممن يملكون سيارات خاصة. وهنا، قالت الشركة إن السّوق الفلسطينية تعاني من نسبة بطالة مرتفعة تصل 27 في المئة مشيرة إلى أنها تهدف للمساهمة في تخفيض تلك النسبة عبر توفير أكثر من 2000 فرصة عمل في السّوق المحلية خلال العامين القادمين.

ثانيا: تنشيط قطاع السّيارات من خلال استبدال القديمة بالحديثة إذ إن كريم تشترط العمل بمركبات حديثة لا تقل سنة إنتاجها عن 2012.

ثالثا: نمو أرباح قطاع التّأمين بسبب زيادة حركة بيع السيارات والمواكبة على شراء الجديدة.

رابعا: مساهمة "كريم" في حل مشكلة السّيارات "المشطوبة" خاصة مع تشجع الكثير من الشّبان على التخلص من مركباتهم واستبدالها بقانونية أو العمل على ترخيصها وتأمينها لإيجاد فرص عمل مع "كريم".

خامسا: تخفيض الفجوة في العمل بين النّساء والرّجال حيث لا تمانع "كريم" من عمل الاناث لديها.

سادسا: توفير المال في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية وزيادة المنافسة بين التاكسي ما ينعكس إيجابا على المواطن.

سادسا: نمو نسب الاستهلاك والإنفاق بفعل خلق فرص عمل جديدة أو زيادة دخل بعض الشباب إضافة إلى نشاط قطاعات عدة تتعلق بصلة مباشرة في المركبات كمحال قطع الغيار وزيادة مبيعات محطات الوقود ومصحلّي السّيارات "الميكانيكية".

*هذا، والحكومة تنادي بالاستثمار؟!

في كل مناسبة تحث الحكومة رجال الأعمال على القدوم إلى فلسطين للاستثمار؛ بهدف النمو بالاقتصاد الوطني. لكن، ألا يعتبر منع "كريم" من العمل مناقضا لتلك الدعوات؟! والسؤال الهام الآخر، ماذا ستفعل الحكومة في حال "لو" خاطرت شركة جديدة تعمل بـ"النظام التشاركي" من العمل في فلسطين مثل "أوبر"؟!

رحلت "كريم" وخلفت وراءها آلاف فرص العمل التي كانت من الممكن أن تتاح للشباب في حال أكملت مشوارها في الوطن إضافة إلى مساهمتها في تحريك العجلة الاقتصادية. لذلك، من واجب الحكومة بدء التحرك للتعامل مع الأنظمة الجديدة عبر تعديل القوانين وإلا ستحرم من فرص استثمارية هامة. وعلى وقع ظروف احتلالية محفوفة بالمخاطر وقوانين تحتاج إلى تعديل، فانه صار على الحكومة عبئ كبير جدّا إذ عليها الآن: وضع خطّط جديدة، بعد إصلاح الأنظمة والقوانين، تهدف إلى إعادة الثقة للمستثمرين خاصة لأصحاب المشاريع الإبداعية الكبرى العاملين بـ "النظام التّشاركي" فهؤلاء كل المستقبل لهم.

يذكر، أن "كريم" لم تفقد الأمل بالعودة إلى السوق الفلسطيني. وقال إبراهيم منّاع المدير العام للأسواق الناشئة في الشركة "نحن لا زلنا مهتمين بفلسطين، ونتطلع إليها كسوق واعد منفتح على الاستثمارات العربية والإقليمية والدولية، ونأمل أن تُعيد الجهات الرسمية الفلسطينية النظر في التعامل مع تطبيق وخدمات كريم عبر حوار شامل مع جميع الإطراف لحل كافة الإشكاليات.. مع الحفاظ على حقوق ومصالح أصحاب سائقي التكسي العمومي".

مواضيع ذات صلة