23 ألف طن حصاد موسم قطف الزيتون في قطاع غزة
شهدت أسواق قطاع غزة وفرة في كميات الزيتون المطروح للبيع بحيث انتشرت بسطات ومحال بيعه في كافة أرجاء الأسواق وشهدت رواجاً ملحوظاً من الزبائن
من أجواء موسم قطف الزيتون في قطاع غزة
غزة – إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
ما أن تهطل الأمطار على أشجار الزيتون في قطاع غزة لتغسل عنها الأتربة حتى تعلن عن حلول "تصليبة أيلول" كما يسميها المزارعون إيذانا ببدء الموسم الأكثر شهرة لمزارعي القطاع.
وعلى مدار شهر تشرين الأول/أكتوبر يتم العمل في قطف الزيتون في قطاع غزة في موسم يعتبر الأهم بالنسبة للمزارعين والعمال كونه يحمل لكثير من العائلات قوت يومها سواء بما يوفره من فرص للعمل أو ربح مالي بالنسبة لأصحاب الأراضي.
ويروي الحاج أبو محمد جندية في (74 عاما)، بأنه تربى منذ صغره على أن أول هطول للأمطار قبل بدء شهر تشرين الأول من كل عام يعني بدء موسم قطف الزيتون بحيث كان أجداده يرددون "صلبت لجد الزيتون" في إشارة إلى جني الثمار.
ويملك جندية قطعة أرض تمتد على مساحة دونم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يزرعها كلها بأشجار الزيتون، وكما اعتاد كل عام أنهى للتو موسم قطف ثمار الزيتون بالمشاركة مع كل أفراد عائلته صغيرهم قبل كبيرهم.
وتستمر أعمال القطف بأدوار موزعة بين جميع أفراد العائلة فيما يكون أول خطوات الموسم تجهيز السلالم التي تستخدم في عملية القطف من أعلى الشجرة والشوادر التي يتم نشرها أسفل الأشجار.
ومع بدء عمليات القطف يتولى أبو محمد كما يشرح لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، بمشاركة نساء عائلته فرز ثمار الزيتون بحيث يتم تجميع الحبة الكبيرة على حدا والصغيرة على حدا مع الحرص على تنظيف الثمار من ورق الزيتون.
وعلى مدار أيام يمتد عمل عائلة جندية كحال المزارعين في موسم قطف الزيتون، لطوال ساعات النهار باستثناء بعد أوقات الاستراحة القصيرة التي يتم فيها شرب الشاي والقهوة المعدة على نار الحطب ووجبات الطعام التي تقتصر في أغلب المرات على (قلاية البندورة) المجهزة على نار الحطب بجانب سلطة الخضار أو الباذنجان المشوي.
وبعد إنجاز كل نهار عمل يتم جمع ثمار الزيتون كبيرة الحجم في أكياس خاصة للبيع مع كميات يتم تخزينها لاستخدام العائلة على مدار شهور ما قبل موسم قطف الزيتون القادم.
ويصف جندية عنايته بأشجار الزيتون حتى موسم قطف ثمارها بتربيته وحرصه على أبنائه، مشيرا إلى أن قطافها يتم بعد رحلة عناية وتعب كلفتهم الكثير في سبيل الحفاظ عليها.
ويقول جندية إنه ما أن ينتهي موسم جني الزيتون حتى تتم علمية تقليم الاشجار من الأغصان الجافة التي مر عليها الزمن وأصابها السوس وكذلك الاغصان التي تتداخل على أشجار مجاورة تمنع دخول الهواء الشمس.
ويضيف أنه يتم فرز الأغصان لعدة أقسام منها الكبير والأصغر من ثم الأغصان الصغيرة جدا التي بها أوراق وكل له استخدام مثل التدفئة والطهي وغيرها.
ويشير جندية إلى أنه يتم حرث الأرض بشكل جيد باستخدام حصان كونه يترك حفريات في الأرض بين الخطوط لتتجمع مياه الأمطار وبالتالي لا تتكون السيول فتخرج خارج الأرض ويتم بعمل حواف في الأرض حتى تتجمع المياه تحت الشجرة سواء مياه الامطار أو الري.
وإلى جانب تخزين وبيع ثمار الزيتون فإن جزء منه يتم نقله إلى المعصرة لاستخراج الزيت ذو القيمة العالية والذي يوضح جندية أنه إلى جانب بيع أغلب كمياته يتم تبادله كهدايا بين الأقارب والمعارف نظرا لأهمية موسمه.
وينهي جندية حديثه عن موسم الزيتون بالإعراب عن سعادته الكبيرة بكل ما يحمله من خير رغم شكوته من أن انخفاض الإنتاج هذا العام أثر سلبا على الربح العائد من إنتاج العام، خاصة بعد رفع أسعار المبيدات الحشرية الخاصة بالشجر والأسمدة.
وخلال عملية قطف الثمار تجد العمال يشتد ساعدهم على أغصان شجرة الزيتون بالحب والخير بعد أن وفرت فرص عمل مؤقتة فيها ولو بأجر قليل بعد أشهر من البطالة التي تنتشر بمعدلات قياسية في قطاع غزة.
ويقول محمود جابر في منتصف الثلاثينيات من عمره إنه يستغل سنويا موسم قطف الزيتون للعمل وكسب قوت عائلته في ظل ندرة فرص العمل المتوفرة بشكل ثابت في عمله الأساسي المرتبط بالبناء.
ويوضح جابر أنه ونظيره من العمال في موسم قطف الزيتون يحصلون على نحو 50 شيقلا إسرائيليا يوميا وتختلف هذه الأجرة حسب المساحة وساعات العمل وعدد الأكياس التي يجمعها العمال خلال اليوم الواحد.
ويقدّر عدد الأيدي العاملة في قطاع الزيتون في قطاع غزة هذا الموسم بثمانية آلاف عائلة بمتوسط 5 أفراد، ليستفيد بالتالي أكثر من 40 ألف شخص من هذا الموسم.
كما حظيت 27 معصرة زيت زيتون متوزعة على مناطق قطاع غزة بفرص عمل ممتازة خلال الأيام الأخيرة.
ويقول مدير الإدارة العامة للتربة والري في وزارة الزراعة في قطاع غزة المهندس نزار الوحيدي لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن إنتاج موسم الزيتون لهذا العام جاء أفضل من التوقعات.
ويوضح الوحيدي أن إنتاج الزيتون لهذا العام بلغ 23 ألف طن زيتون من إجمالي المساحات المثمرة التي تقدر بنحو 28 ألف و500 دونم مزروعة بأشجار الزيتون في قطاع غزة.
ويشير الوحيدي إلى أنه تم توجيه نحو 15% من إنتاج الزيتون إلى المعاصر لاستخراج الزيت، لافتا إلى أن إجمالي إنتاج الزيتون والزيت هذا العام لا يسد احتياجات قطاع غزة لكن يتم الاستفادة من مخزون العام الماضي الذي كان عام وفرة.
ويعد محصول الزيتون مصدرا غذائيا واقتصاديا رئيسيا بالنسبة لسكان قطاع غزة ويتم زراعة ثلاثة أصناف رئيسية منه هي (السري)، و(الشملالي)، و(بارنيع).
وشهدت أسواق قطاع غزة وفرة في كميات الزيتون المطروح للبيع بحيث انتشرت بسطات ومحال بيعه في كافة أرجاء الأسواق وشهدت رواجاً ملحوظاً من الزبائن.
وتراوحت أثمان بيع الزيتون ما بين (15 إلى 20 شيقلاً) للرطل بحسب نوعيته وجودته، فما يتراوح ثمن سعر جالون زيت الزيتون سعة (20 لترا) ما بين (80 إلى 100 دينار أردني).