كيف تتم الرقابة المالية على مؤسسات الحكومة بغياب التشريعي؟
يعتبر الحساب الختامي أداة رقابية بيد السلطة التشريعية على اعمال السلطة التنفيذية فيما يتعلق بتنفيذ الموازنة حيث تشمل الرقابة على كافة مراكز المسؤولية في الحكومة التي تدرج موازنتها ضمن الموازنة العامة للدولة البالغة 52 مركزا.
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
تنشر وزارة المالية والتخطيط شهريا التقارير المالية للمؤسسات والوزارات الحكومية، وذلك في اطار الشفافية إذ يظهر فيها آليات توزيع النفقات وجباية الايرادات.
ويتم تداول هذه الأرقام من خلال المختصين لتحليلها والبناء عليها. وهنا يأتي السؤال الأبرز: من يراقب على هذه المعطيات للتأكد ان لا شبهات أو فساد في البيانات المالية لكافة الوزارات والمؤسسات الحكومية.
لذلك، جاءت الضرورة لإعداد الحسابات الختامية كأداة رقابية بيد السلطة التشريعية على اعمال السلطة التنفيذية فيما يتعلق بتنفيذ الموازنة حيث تشمل الرقابة على كافة مراكز المسؤولية في الحكومة التي تدرج موازنتها ضمن الموازنة العامة للدولة البالغة 52 مركزا.
ووفقا للقوانين والانظمة المعمول بها في فلسطين والتي تنظم الامور والشؤون المالية وخاصة القانون الاساسي الفلسطيني وقانون تنظيم الموازنة والنظام المالي الفلسطيني وقانون ديوان الرقابة المالية والادارية فإن وزارة المالية ملزمة وجوبا بإعداد الحساب الختامي وتسليمه لديوان الرقابة لتدقيقه وابداء الرأي حوله خلال فترة لا تزيد عن عام من نهاية العام المالي، فيما يصدر التقرير المدقق للحساب الختامي عن ديوان الرقابة خلال عام من استلامه من وزارة المالية .
أهمية الحساب الختامي
تكمن أهمية "الحسابات" في خلق بيئية من النزاهة والشافية إضافة الى كسب ثقة المانحين.
يقول مدير عام الادارة العامة للرقابة على الاقتصاد في ديوان الرقابة المالية، عصمت أبو ربيع، في الوضع الطبيعي إن تقرير المدقق حول الحسابات الختامية يعتبر اداة رقابية واداة من ادوات المساءلة بيد السلطة التشريعية حيث يمكن للمجلس التشريعي أو البرلمان استدعاء الوزير او الشخص المسؤول عن الحوكمة للمساءلة حول الاخفاقات المتعلقة بادارة المال العام حال وجودها.
ويضيف في حديث مع بوابة اقتصاد فلسطين إن تقرير الديوان حول الحسابات الختامية في فلسطين يؤخذ على محمل الجد من قبل دولة رئيس الوزراء حيث يعمل على أخذ الملاحظات التي يبرزها الديوان في تقريره ويطالب كافة مراكز المسؤولية المعنية بشكل فوري بتقديم اجراءاتها للتصويب وتبرير الملاحظات، وتصويب الخطأ.
تأخر واضح في "الحساب"
في مؤتمر عقدته شبكة "أمان" لتسليط الضوء على أهمية الحساب الختامي أكدت ان آخر تقرير مدقق لحساب ختامي في 2011. وأضافت، أن الحسابات الختامية لم تصدر للاعوام من 2012- 2015. وحسب القوانين فإنه يجب على ديوان الرقابة ان يكون قد دقق هذه التقارير وأصدرها للعام 2012-2014، وان يكون في اطار العمل على التقرير المدقق للعام 2015.
وعن سبب التأخر في اعداد الحساب الختامي للأعوام ما قبل عام 2008 والذي يعتبر اول حساب ختامي تم اعداده، أوضح أبو ربيع، أنه عند استلام السلطة الحكم في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم تكن لدى موظفيها الخبرة الكافية لإصدار حساب ختامي.
وأضاف، في 2010 أصبحت الأمور أكثر وضوحا وتم اعداد الحساب الختامي عن العام 2008 لكنه لم ينشر لاعتباره سنة أساس وكان تدريبا لكافة المؤسسات والديوان. وحاليا، يتم تدقيق الحساب الختامي للعام 2013، إضافة الى ان هناك جهودا تبذل من قبل الديوان ووزارة بإشراف مجلس الوزراء وبالتعاون مع البنك الدولي لتقليص هذه الفجوة.
من يتحمل مسؤولية التأخر
نفى أبو ربيع تحميل وزارة المالية وحدها المسؤولية في تأخبر اعداد الحساب الختامي "مراكز المسؤولية الأخرى لديها مسؤولية في عملية الانفاق وتحصيل الايرادات وتسجيلها في برنامج بيسان المحاسبي الذي يعد البرنامج الموحد لكافة المراكز".
واوضح أن من الاشكاليات التي أعاقت وزارة المالية في عدم إصدار الحسابات الختامية هو عدم التزام بعض مراكز المسؤولية في ترحيل الحسابات على برنامج بيسان، مضيفا أن وزارة المالية تعمل على سحب الحسابات عن برنامج بيسان.
وأضاف، أن مجلس الوزراء أصدر مؤخرا قرارا بذكر مراكز المسؤولية بالاسم والزامها بمهماتها في اقفال حساباتها على نظام بيسان.
ووفقا لورشة "أمان" لتوقف عمل المجلس التشريعي يحول الحساب إلى مجلس الوزراء ومكتب الرئيس. لكنه أشار إلى أن الملاحظات على الحساب الختامي تبقى غير ملزم تنفيذها من قبل وزير المالية نظرا للفجوة الزمنية الكبيرة ما بين اختتام العام المالي واعداد الحساب الختامي.
وأضافت خلال الورشة أنه يمكن لأي عضو في المجلس التشريعي مساءلة وزارة المالية عن اية قضية ذات شأن ومن ضمنها عدم إصدار أو تقديم الحسابات الختامية في موعدها أو عن ملاحظات تدقيق ديوان الرقابة، مع بقاء الاجراءات الرسمية (التنفيذية) الشاملة معطلة لتعطل اعمال المجلس التشريعي.
بدوره، قال أبو ربيع أن ديوان الرقابة لا يملك الأدوات القانونية منفردا التي تمكنه من الزام الجهات الخاضعة للتدقيق بالتوصيات التي يصدرها، بالتالي يستعيض الديوان عن ذلك بادوات اكثر جدوى لمتابعة توصياته من خلال الرئيس ونشر التقرير وتسليمه لمجلس الوزراء في ظل تعطل التشريعي.
لماذا يتحفظ الديوان على الحسابات؟
كان موقف ديوان الرقابة متحفظا على الحساب الختامي الصادر 2011. وأوضح ابو ربيع أن التحفظات تعلقت لذات الحساب بالجانب المالي، واخرى متعلقة بالامتثال للأنظمة والقوانين المعمول بها ، والثالثة مدى الامتثال بالمعايير المحاسبة الدولية في القطاع العام.
واكد مدير عام الادارة العامة للرقابة على الاقتصاد في ديوان الراقابة المالية، أن ابداء رأي التحفظ على الحسابات الختامية لا يعني بالضرورة أن هناك جانب شبهة او فساد فيها، فعندما يتحفظ على الحسابات الختامية فهذا يعبر عن الشفافية والنزاهة في ادارة المال العام.
وأضاف، يعتر ديوان الرقابة ان التحفظ جانب سلبي لكن لا يعني اختلاس وسرقة، مشيرا الى أن معظم تقارير التدقيق عادة يكون فيها تحفظات. وعادة ما تكون باخطاء تتعلق بالافصاح والتدقيق واخطاء فنية، وتحفظات حول مدى الالتزام بالمعايير، ومع ذلك من الافضل ان يكون رأي واضح.
وأوضح، أنه في حالة الراي السلبي يكون اختلاس او ما شابه "يكون هناك جريمة ويتم تحويله مباشرة لدائرة مكافحة الفساد" بينما دور ديوان الرقابة هو التأكد من صحة الانفاق.
وتابع، أما لو ثبت سرقة أو اختلاس أو شبهة واضحة يكون الرأي سلبي بالتأكيد، وبالتالي يتم إحالة القضية الى هيئة مكافحة الفساد.
وبشأن التدقيق على الحساب الختامي لعام 2012، أفصح أبو ربيع عن أهم ملاحظاته:
* تحميل الجانب الاسرائيلي فاتورة المياه البالغة 8 ملايين و600 الف شيقل خلال عام 2012 بدل رواتب موظفي الادارة المدنية في قطاع المياه في الضفة الغربية، وخصم هذه المبالغ من ايرادات المقاصة. والتساؤل هنا حول طبيعة هؤلاء الموظفين وعددهم ورواتبهم، وبعد المتابعة تبين ان هذه الرواتب غير ثابتة، وعدد الموظفين غير ثابت، وبالتالي هنا يجب الوقوف على هذه الأمور.
* تحميل الجانب الاسرائيلي فاتورة المياه الشهرية وعليها فوائد تأخير، في حين ان المقاصة يخصم منها قيمة الفواتير المستحقة على الشعب الفلسطيني، أي أنه لا يوجد تأخير" اذن لا يوجد فوائد وبالتالي يستوجب الامر المتابعة".
* بعض من يحصلون على المياه قرب المستوطنات الاسرائيلية من شركة مكروت الاسرائيلية مباشرة من مصانع وشركات وغيره، وهذه الفواتير بدل الاستهلاك تسجل على السلطة وتحصل من المقاصة وتصبح مبالغ متراكمة نتحملها عن هؤلاء المشتركين.
* يتم الخصم من قبل المستشفيات الاسرائيلية من فاتورة المقاصة دون توفر طبيعة الخصومات، فهل هذه الفواتير حقيقية؟ وما طبيعتها؟.
* عدم وجود اساس واضح للخصومات مقابل معالجة مياه الصرف الصحي من الفلسطينيين والمستوطنات من قبل اسرائيل، وهذه المياه تستفيد منها اسرائيل في الري وغيره وتخصم من المقاصة دون توضيح حجم المياه وغيره مع التفاصيل.