شركة لإنتاج العجوة بجهدٍ نسائي في غزة (صور)
أسست مجموعة من النساء شركة لإنتاج العجوة بطابع التمكين الاقتصادي المتميز. فكيف نجحن هؤلاء السيدات بتأسيس الشركة رغم المعيقات الموجودة في القطاع؟
صورة: نساء يصنعن العجوة في شركة بلح فلسطين
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
اجتمعت 41 سيدة على مبادرة خلاقة لتوفير فرصة عمل ثابتة لهن من خلال تأسيس شركة لإنتاج العجوة تشكل دفعا للمنتج المحلي وتسد العجز الذي يعانيه قطاع غزة في هذا المجال منذ سنوات عديدة.
"شركة بلح فلسطين" أبصرت النور حديثا في قطاع غزة بفضل مبادرة السيدات اللواتي يشغلن مناصب أعضاء مجلس إدارة الشركة وفي والوقت ذاته العاملات على إنتاجها.
وانضمت 30 سيدة لاحقا إلى الشركة التي تتخذ من مدينة دير البلح مقرا لها نظرا إلى أن المدينة تشتهر تاريخيا بزراعة أشجار النخيل ومنه حملت اسمها، إذ أنها تضم ثلثي أشجار النخيل في قطاع غزة.
الهدف.. تحقيق التنمية الاقتصادية
وتقول المسئولة الإدارية في شركة "بلح فلسطين" ياسمين بشير لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن الشركة تتخصص في الصناعات الغذائية القائمة على شجرة النخيل بما يشمل العجوة والرطب والمربي والحلويات مثل الكعك والمعمول.
وتوضح ياسمين أن هدف الشركة تحقيق التنمية الاقتصادية عبر تشغيل أكبر عدد من السيدات ذوات الدخل المحدود لتحسين ظروفهن المعيشية وسد حاجة السوق المحلي من أصناف منتجات شجرة النخيل المختلفة كالعجوة والدبس والمربى والحلويات.
وتشير إلى أن فكرة الشركة تعتمد على استغلال فائض الإنتاج من البلح لسد العجز في إنتاج العجوة "في ظل القدرة لدى سيدات قطاع غزة على التصنيع محليا بمواصفات تنافس المنتج المستورد".
وتتميز شركة بلح فلسطين بجهد نسائي بحت إذ أنهن يشرفن بأنفسهن على كامل مراحل التصنيع بداية من ضمان النخل في الأراضي الزراعية واختيار كميات رطب مناسبة للتخزين والتصنيع.
ثم تشرف السيدات العاملات في الشركة على مرحلة تقشير الرطب ثم وضعه في فروش خشب وتعريضه للشمس مرورا بوضعه داخل "حمامات زراعية" وصولا إلى تحويله إلى عجوة.
وتشدد ياسمين على أن شركتهن تميزت بطابع "التمكين الاقتصادي المميز" بالقدرة على الإنتاج والتسويق ومساعدات السيدات ماليا، مشيرة إلى أنهن يطمحن إلى تصدير إنتاجهن إلى أسواق الضفة الغربية وتطوير المنتج بمواصفات أكثر جودة.
وساهمت منظمة "أوكسفام" البريطانية في تمويل مشروع الشركة التي أنتجت هذا العام نحو 40 طنًا من العجوة ولاقت رواجًا في السوق المحلية.
وتم تغطية تكلفة إنشاء الشركة ومصنع خاص بها إلى جانب منحة "أوكسفام" من خلال مساهمات مالية من السيدات، وقرض بدون فوائد من صندوق التنمية الفلسطيني بلغ نحو 27 ألف دولار، إضافة إلى منحة من الإغاثة الإسلامية بلغت نحو 21 ألف دولار.
وحسب وزارة الزراعة في غزة، فإن القطاع يستورد نحو ألف طن من العجوة سنويا.
وفيما يعد العمل في الشركة موسمي بحيث يستمر من شهرين إلى ثلاثة تقريبا وهي فترة جني محصول التمر فقط، فإن ثماني سيدات يستمروا في العمل طوال العام في طهي الكعك وطحن العجوة لتلبية احتياجات المخابز.
وتقول انتصار أبو منديل إحدى المشرفات على عمل الشركة، إن عملهن يواجه عدة مصاعب منها عدم امتلاك بنية تحتية لازمة لتطوير العملية الإنتاجية مثل ثلاجات حفظ الثمار.
وتوضح انتصار أن عملية تجفيف الرطب تمهيدا لتصنيع العجوة بدائية وتعتمد على أشعة الشمس بسبب ما ينقصنا من مجففات متخصصة ذات درجة تعقيم عالية تساعد على زيادة الحصة السوقية.
لكن انتصار تعرب عن سعادتها بإنجازهن ومستوى تقدمهن وتغلبهن على العديد من العقبات خاصة بالنظر إلى أهمية المشروع في توفير فرص عمل ثابتة لهن تساعدهن على تجاوز مصاعب ظروفهن الاقتصادية.
أهمية قطاع النخيل
ويشيد اقتصاديون محليون بفكرة الشركة وعملها لما تحمله من تعظيم للقيمة الاقتصادية لشجرة النخيل عبر استغلال فائض الإنتاج وتحويله تجاه الصناعات الأخرى مثل العجوة والمربى.
وتعد زراعة النخيل أحد أهم مكونات الاقتصاد الزراعي في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام ما أدى إلى معدلات قياسية من الفقر والبطالة في صفوف سكانه.
ويخاطر المزارع جميل مرشود في نهاية الثلاثينات من عمره، بحياته بتسلقه أشجار النخيل العالية من دون أدنى معايير السلامة الشخصية سعيا لكسب الرزق.
ويعمل مرشود بمعدات بسيطة في مهنته الموسمية في جني ثمار النخيل الذي يوفر له وللكثير من العاطلين عن العمل فرصة عمل ولو مؤقتة لتحقيق دخلا ماليا جيدا.
ويقول مرشود لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إنه عمل في جني ثمار النخيل منذ 20 عاما وقد تعلمها خلال عمله في أرض عائلته قبل أن يعمل بها كذلك أجيرا لكسب المال.
ويشير إلى أن موسم جني ثمار النخيل عادة ما يستمر في قطاع غزة لمدة شهر واحد كل عام لكنه يوفر مكسبا ماليا جيدا مقارنة بما هو متاح من فرص عمل نادرة خاصة للمزارعين على مدار العام.
ويقدر رئيس غرفة تجارية وصناعة غزة وليد الحصري لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن مجال زراعة النخيل في القطاع يعمل على تشغيل خمسة آلاف عامل في كل موسم ما يجعله أحد القطاعات الانتاجية المهمة.
ويشير الحصري إلى ما توفره زراعة النخيل من ارتباط بصناعات عديدة مثل تصنيع العجوة أو المربيات هو ما يساعد على تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية ويقلل ولو مؤقتا من نسب البطالة العالية في قطاع غزة.
وفي قطاع غزة نحو 200 ألف شجرة نخيل، منها نحو 150 ألف شجرة مثمرة بأنواع مختلفة أبرزها الحيان الأحمر والبلح الأصفر.
وتوقعت وزارة الزراعة في غزة أن يصل إنتاج البلح هذا العام من 13 إلى 14 ألف طن، فيما يعاني الموسم من تدني أسعار البلح ومشتقاته لعدم فتح الباب لتصديره.