الرئيسية » محلي »
 
25 تشرين الأول 2017

الفريق الأهلي يعقد المؤتمر نصف السنوي للموازنة العامة 2017

ناقش المؤتمر نصف السنوي للموازنة العامة 2017 الذي عقده الفريق الاهلي للموازنة العامة ملف فجوة الرواتب في الوظيفة العمومية وآليات الحكومة في سداد ديون هيئة التقاعد.

\

استعرضت عضو الفريق الأهلي لميس فراج التقرير النصف سنوي للموازنة العامة لعام 2017، والمستندة على مراجعة وتحليل واقع تنفيذها، مع تسليط الضوء على بعض النفقات المطلوب تقليصها. كما ناقش التقرير مدى التزام وزارة المالية بالمرجعيات القانونية الناظمة. وفي هذا الاطار يبين التقرير أنه ما زال هناك إشكالية في الاحتكام والتقيد بالمواعيد المنصوص عليها ضمن قانون تنظيم الموازنة العامة، فضلا على عدم الإلتزام بمعايير الشفافية الدولية، والتي تقتضي بضرورة نشر موازنة المواطن والتي لم تنشر حتى الآن.

وأكدت فراج أنه "على الرغم من عرض مقترح الموازنة على القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية ومن ضمنها الفريق الأهلي، إلا أن التشاركية بمفهومها الشمولي ما زال منقوصا، حيث توجد ضرورة لمشاركة الحكومة مؤسسات المجتمع المدني في كافة مراحل إعداد الموازنة وفي توفير البيانات الخاصة بالموازنة العامة ووثائقها".

وظهر من خلال البيانات المعروضة، ان الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، تعاني من خلل هيكلي مزمن؛ يتمثل في وجود عجز كبير ناتج عن وجود فجوة كبيرة فيما بين جانبي الموازنة العامة (النفقات والإيرادات) بسبب تراكم تصاعدي لقيمة النفقات سنة بعد أخرى، بالاضافة الى تراجع الدعم المالي للموازنة العامة من المنح والمساعدات الخارجية، وعدم فعالية خطة التقشف والترشيد الحكومية. كما ظهر ان هناك إشكالية في توزيع النفقات، حيث ما زالت الرواتب تشكل أكثر من 50% من قيمتها، وان قطاع الأمن ما زال يستحوذ على النصيب الأكبر، في حين أن القطاعات الخدماتية التنموية (الصحة، التنمية) أقل من حصة موازنة الأمن والتي ما زال هناك غموض في مبنى نفقاتها.

وفي الختام أكدت فراج على أن هيكل الموازنة العامة، ما زال ضمن إطار موازنة البنود، خاصة التقارير المالية الصادرة عن وزارة "المالية والتخطيط"، وهي بنود مجملة مقسمة إلى (رواتب وأجور، مساهمات اجتماعية، استخدام السلع والخدمات، النفقات التحويلية، النفقات الرأسمالية، النفقات التطويرية) وهي بنود تحمل أرقاما صمّاء دون تفصيلات أو دون الربط بالبرامج أو مدى تحقيق الأهداف، وهذا الأمر يؤدي إلى تغييب مبدأ المساءلة، وكذلك مبدأ شفافية الموازنة العامة.

 

الوظيفة العمومية تعاني من فجوة في رواتبها

استعرض الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم التقرير الذي اعد لنقاشه في هذه المناسبة موضحا أن "إشكالية موضوع الرواتب مزدوجة، فهي من جهة كبيرة الحجم وتهيمن على النفقات الجارية، ومن جهة ثانية هي موزعة بشكل غير عادل بين الموظفين، فقد يكون هناك فجوة رواتب عمودية، أي بين رواتب الموظفين في الفئات الإدارية المختلفة في القطاع الواحد (مدني وأمني/عسكري)، وفجوة أفقية في متوسط رواتب موظفي القطاع المدني مقارنة بالقطاع الأمني/العسكري ومقارنة بموظفي السلك الديبلوماسي والجهاز القضائي".

وأكد أن هناك تباينا واضحا بين الرواتب والأجور والامتيازات للعاملين في القطاع المدني والقطاع الأمني، وأن هذه الإشكالية لا تقتصر على اختلاف الرواتب فقط، وإنما على قيمة المكافئات والامتيازات المرافقة لهذه الرواتب، والتي تحدث الأثر الكبير في فجوة الرواتب الفعلية، والتي في بعض الأحيان قد تشكل حالة من إهدار للمال العام، حيث أن هناك تضخيما لا مبرر له في العديد من الوظائف.

وأشار عبد الكريم إلى أن هناك "غيابا لسياسة ومعايير تحديد الدرجات الوظيفية لشاغلي رؤساء المؤسسات العامة غير الوزارية ودون تحديد سقف أعلى للرواتب، مما أدى إلى إرهاق خزينة الدولة وأدى إلى تقاضي بعض رؤساء هذه المؤسسات رواتب ومكافآت قد تصل بمجموعها الى أعلى مما يتقاضاه رئيس السلطة الفلسطينية أي أكثر من 10000 دولار، عدا عن ذلك من غياب سياسة واضحة لدى الحكومة أو معايير محددة ومعتمدة يتم بناء عليها تحديد رواتب ومكافآت رؤساء المؤسسات العامة."

وأوصى التقرير الذي أعد لصالح الفريق الاهلي بضرورة مراجعة وتعديل سلم الرواتب في القوانين المحددة لسلم الرواتب في الخدمة المدنية والعسكرية وموظفي السلك الدبلوماسي والقضاء، وذلك لتقليل الفجوة في الرواتب الأساسية. ومراجعة جدول علاوة طبيعة العمل وذلك بسبب اختلاف طبيعة العمل ما بين المؤسسات لنفس المسمى الوظيفي والدرجة الوظيفية. كما اوصى بمراعاة رفع رواتب موظفي الفئات الدنيا في الشقين المدني والعسكري عند تعديل القوانين واللوائح التنفيذية الخاصة بسلم الرواتب وذلك لتقليل الفجوة ما بين الدرجات/الرتب.

من جانبه عقّب لطفي سمحان، مدير عام الإدارة العامة للشؤون القانونية في ديوان الموظفين العام بالقول ان مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد الذي قدم لمجلس الوزراء لدراسته وبحثه قبل اقراره يحتوي على بنود تهدف لجسر الهوة في رواتب الوظيفة العمومية وإعادة هيكلة رواتب الفئات المختلفة، داعيا الى اقراره بالسرعة القصوى لكونه يعمل على تحقيق العدالة بين العاملين في قطاع الخدمة المدنية. وأوضح سمحان ان قانون الخدمة المدنية الجديد يأخذ بعين الاعتبار معيار الكفاءة في الوظيفة العامة علما بأن القانون الحالي يعتمد على المؤهل العلمي ما يساعد على خلق الفجوة بين الرواتب وأضاف تبعا لذلك "نحن بصدد حصر الوظائف وفئاتها واعبائها ما يساعد على تقليص الفجوة وردمها في المستقبل".

بدوره قدم موسى أبو زيد رئيس ديوان الموظفين العام مداخلة أشاد فيها بجهود ائتلاف أمان وبالقضايا التي يطرحها لا سيما ما يتعلق بالمال العام، ولفت الى انه وخلال الأربع سنوات الأخيرة طرأ تطور ملحوظ على رواتب الوظيفة العامة وذلك من خلال فتح الدرجات ورفع علاوة طبيعة العمل خصوصا للمعلمين، وامام ذلك توقع أبو زيد ان يشهد سلك التعليم خلال السنوات القادمة اقبالا كبيرا على هذا القطاع الهام والحيوي. وشدد أبو زيد على انه لا يمكن الحديث عن الفجوة في رواتب الموظفين العموميين دون مقارنة هذه الرواتب برواتب موظفي القطاعين الخاص والأهلي.

هيئة التقاعد الفلسطينية: ديون تهدد استدامتها

في الجلسة الثالثة استعرض الباحث جهاد حرب تقرير سياسة الحكومة في تسديد ديون هيئة التقاعد ومواجهة تحديات الاستدامة الذي اعده لصالح الفريق الاهلي، مشيرا إلى أن هناك خطرا واضحا على استدامة صندوق التقاعد، حيث لم تلتزم الحكومات الفلسطينية المتعاقبة بتحويل مساهمتها واشتراكات العاملين بشكل كلي إلى صندوق هيئة التقاعد، مما أدى إلى تراكم الديون على الخزينة العامة منذ عام 1994 حتى نهاية العام 2016، بقيمة 5.6 مليار شيقل. إضافة إلى أن هذه الديون تشمل أغلب أموال وموجودات صندوق التقاعد (حوالي 88%) ما يحول دون استثمارها لصالح الهيئة، ويشكل تهديدا لاستمرار قدرة صناديق التقاعد على دفع الرواتب التقاعدية مستقبلا للمشتركين عند وصولهم لسن التقاعد؛ تحديدا مع زيادة أعدادهم خلال الأعوام القادمة. كما أضاف إلى أنه وبالرغم من التزام وزارة المالية بدفع 240 مليون شيقل عام 2016، إلا أن قيمة ما يجب دفعه في ذلك العام حوالي 1.3 مليار شيقل، مما يعني تراكم الديون، وتهديد استدامة الصندوق.

وأظهر حرب أن وزارة المالية تقوم بدفع المستحقات التقاعدية للمتقاعدين بالشكل المباشر، حيث بلغت خلال العام 2016 حوالي 843 مليون شيقل (حوالي 70 مليون شيقل شهريا)، في حين تعتبر هيئة التقاعد الفلسطينية ذلك جزءا من تسديد الديون على الخزينة العامة بسبب عدم قيام وزارة المالية بتحويل كافة الاستحقاقات التقاعدية لصندوق التقاعد.

كما أشار حرب الى أن "قيمة استثمارات الهيئة تقدر بحوالي 255 مليون دولار وهي قيمة متواضعة مقارنة بإجمالي ديون الهيئة المتراكمة على الخزينة العامة والمقدرة بحوالي 1.829 مليار دولار. ما يمثل فقط حوالي 12% فقط من إجمالي أموال هيئة التقاعد العام. وهي نسبة ضئيلة لا تساهم بديمومة نظام التقاعد أو المحافظة على أموال المشتركين في أنظمة التقاعد العام".

وأوصى حرب بضرورة وضع خطة حكومية لمعالجة مسألة الديون المتراكمة على الخزينة العامة لصالح هيئة التقاعد، وبهدف ضمان ديمومة عمل هيئة التقاعد واستمرار صناديق التقاعد وقدرتها على دفع الرواتب التقاعدية مستقبلا للمشتركين عند وصولهم لسن التقاعد، بما يضمن انتظام الدفع الكامل لقيمة الاشتراكات، وجدول الديون المتراكمة على الخزينة العامة ودفعها على عدد من السنوات.

ومن جانبه عقب الأستاذ عدنان أبو الحمص المستشار المالي في هيئة التقاعد الفلسطينية منوها الى أهمية حضور وزارة المالية (التي تغيبت مع الأسف) لهذا المؤتمر كونها الطرف المسؤول عن إدارة المال العام، اهم مصدرين هما الاشتراكات واسهامات الحكومة غير متوفرين فكيف نضمن استمرارية الهيئة، متطرقا الى وجود لجنة للتحاسب بين وزارة المالية وهيئة التقاعد والاشكالية تكمن في فوائد فترة التأخير على سداد الديون البالغة مليار و800 مليون دولار امريكي، كما يوجد شركة تدقيق حسابات على عمل الهيئة وأنهت تقرير الحسابات المالية للعام 2015 حديثا.

بدر عمارنة المستشار القانوني في هيئة التقاعد عقّب على التقرير في جوانبه القانونية، قائلا ان لديه ملاحظات قانونية على التقرير اذ انه اغفل العديد من التشريعات المهمة في عمل هيئة التقاعد، كما انه اعتبر ان ما ورد فيه حول عدم نشر تقارير مجلس الإدارة غير دقيق وان الهيئة لا تمنع نشر تقاريرها.

من ناحيتهم تطرق الحضور في مداخلاتهم الى ملاحظات تتعلق بحوكمة الصندوق وادارته، مشيرين الى ان هناك تضاربا في المصالح لدى أعضاء مجلس إدارة الصندوق، اذ ان غالبيتهم موظفون حكوميون، كما عبروا عن تخوفهم من انهيار الصندوق مطالبين بوضع حلول جذرية للتحاسب وجدولة الديون وإعادة هيكلة الصندوق ومجلس ادارته.

يذكر ان الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة تم تشكيله عام 2010 ويضم في عضويته مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويمثل الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة أمان السكرتاريا التنفيذية له. ويؤمن الفريق الأهلي بضرورة اطلاع المواطن على الموازنة العامة واشراك المجتمع المدني في مراحل اعدادها وتوفير البيانات الكاملة لتمكين المواطنين من متابعة تنفيذها ، الامر الذي من شانه تعزيز مشاركة المواطنين والمجتمع في عمليات الحكم وتعزيز الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد في إدارة الشأن والمال العام .

 

 

 

مواضيع ذات صلة