في يوم السياحة العالمي.. الحصار والانقسام يقوّضا سياحة غزة
سنوات حصار غزة وإغلاق معابرها معظم أيام السنة طوال الأعوام الماضية عكست نفسها بشدة على مكاتب العدد القليل من شركات السياحة والسفر التي ما تزال ناشطة في القطاع، في يوم السياحة العالمي الذي يصادف اليوم 27 أيلول/سبتمبر يجد هؤلاء فرصة للحديث عن خسائرهم ومعاناتهم بعد ان كانت غزة وجهة سياحية يومية للسياح.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
في السابق كان مقر شركة "مشتهى للسياحة والسفر" في غزة يكتظ بزبائن يطلبون يوميا حجز تذاكر طيران إلى مختلف دول العالم، لكن الوضع مغاير جدا الآن بعد سنوات من الحصار والعزلة.
ويظهر مدير الشركة وسيم مشتهى تهكمه الشديد على حلول مناسبة يوم السياحة العالمي الذي يصادف 27 أيلول/سبتمبر من كل عام، وهو يتحدث عن تقييم أنشطتهم السياحية.
وتبدو صور لمعالم سياحية عالمية ولطائرات وأخرى لخريطة العالم معلقة على جدران الشركة في غير موضعها بالنسبة إلى قطاع غزة الذي يعد الدخول إليه والخروج منه أمرا بالغ التعقيد.
ويقول مشتهى لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن سنوات حصار غزة وإغلاق معابرها معظم أيام السنة طوال الأعوام الماضية عكست نفسها بشدة على مكاتب العدد القليل من شركات السياحة والسفر التي ما تزال ناشطة في القطاع.
ويتذكر مشتهى أن شركته التي تأسست في العام 1965 ظلت لسنوات طويلة تكتظ بزبائن يطلبون حجز تذاكر طيران إلى دول موزعة على قارات العالم، لكنها منذ سنوات بالكاد تستقبل أعدادا محدودة منهم.
وتسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ منتصف عام 2007 بركود اقتصادي حاد طال كافة المجالات ويقول اقتصاديون إن القطاع السياحي من أشد المتضررين.
ويقول مشتهى معلقا "من دون معابر مفتوحة وحركة خروج ودخول كيف يمكن أن نتحدث عن حركة سياحية؟، في الواقع المجال السياحي لدينا دخل في موت سريري بفعل الحصار".
ويظهر واقع قطاع غزة أن معبر رفح مع مصر ظل مغلقا تقريبا كليا منذ أعوام فيما معبر بيت حانون/إيرز الخاضع للسيطرة الإسرائيلية يقتصر عبوره على حالات تنسيق خاصة لمرضى وتجار فقط.
وتقدر منظمات حقوقية بأن 95% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوني نسمة لا يمكنهم الخروج منه، ليس فقط بل بسبب قيود المعابر إنما كذلك بسبب معدلات الفقر والبطالة التي سببها الحصار الإسرائيلي.
كما أن أعداد الوافدين إلى قطاع غزة تعد محدودة جدا وأغلبهم عاملون في منظمات دولية يؤدون عملهم مؤقتا فقط.
وإزاء ذلك لجأت شركة مشتهى إلى اقتصار أنشطتها على تنظيم رحلات الحجاج من قطاع غزة إلى الديار الحجازية وتنسيق مغادرة بعض الطلبة للدراسة في الخارج والعمل بخدمات البريد.
ويقول عن ذلك "في الماضي كنا ننسق يوميا لأفواج سياح تغادر غزة وأخرى تأتي فيما حجز تذاكر الطيران يشمل مئات مطارات العالم أما اليوم فإننا نشغل معظم العام بتجديد جوازات وخدمات بريد".
ويضيف "غزة محطة سياحية كان لها ثقل كبير والسياح إليها كانوا يتوافدون يوميا من باقي فلسطين ودول عربية وأوروبية حبا في بحرها ومعالمها وأجوائها وأهلها الطيبين لكن الحصار قوض كل ذلك".
وحظي قطاع غزة في العام 1998 بافتتاح مطار دولي لكنه ظل يعمل حتى عام 2001 فقط ودمرت إسرائيل مدرجة بالكامل في العام 2002 إثر اندلاع انتفاضة فلسطينية ومن ثم جرى تدمير منشآته تدريجيا.
وشكل تدمير المطار ومن ثم إغلاق المعابر مع قطاع غزة ضربة قاصمة لكل ما له علاقة بالأنشطة السياحية بحسب نبيل الشرفا مدير عام شركة الشرفا للسياحة والسفر في غزة.
ويقدر الشرفا عدد تذاكر الطيران التي باعتها شركته في الفترة بين 1994 و2000 بأكثر من سبعة آلاف تذكرة.
لكن بعد الحصار على غزة يوضح الشرفا أن العدد طوال عشرة أعوام ربما لم يزد عن ألف تذكرة طيران، مشيرا إلى أن إيراد الشركة بالكاد يغطي الحد الأدنى من المصاريف.
ويضيف أنه اضطر إلى تسريح ثمانية عاملين سابقين في الشركة التي يعود تأسيسها إلى العام 1952 وهو يعتمد الآن على أفراد العائلة لتسير مهام العمل تقليصا للنفقات.
وبحسب الشرفا فإن نشاط شركته يركز على جلب تأشيرات السفر إلى تركيا والصين ودول أخرى، مشيرا إلى أن أغلب زبائنهم هم من شريحة التجار ورجال الأعمال فقط.
وما زالت شركة الشرفا عضوا في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا)، ويأمل القائمون عليها أن تنتهي محنة عملهم وتتحسن أوضاع قطاع غزة في المرحلة المقبلة.
ويؤكد الشرفا أن إنهاء الانقسام الداخلي ورفع حصار غزة سيكون طوق نجاة للمجال السياحي كما كل مجالات الحياة الأخرى في القطاع الذي كان سابقا مثل السوق الحرة تتوافد عليه كل الجنسيات.
وإلى جانب مصاعب عمل شركات السياحة فإنه بالإمكان معاينة حجم العزلة والركود السياحي في غزة خلال جولة قصيرة في شارع (الرشيد) المطل مباشرة على البحر ويتوزع على جانبيه العدد الأكبر من فنادق ومنتجعات غزة السياحية.
ويبلغ عدد فنادق قطاع غزة 22 فندقا لكن غرفها تبقي شبه شاغرة كليا على مدار العام بحسب رئيس هيئة المطاعم والفنادق والخدمات السياحية في غزة صلاح أبو حصيرة.
ويعتبر أبو حصيرة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن هذا الوضع طبيعي جدا لفنادق غزة في ظل اقتصار الوافدون عليها على بعض وفود التضامن وصحافيين وموظفين أجانب.
وبحسب أبو حصيرة فإن فنادق ومنشآت غزة السياحية تتكبد خسائر تتجاوز خمسة ملايين دولار أمريكي بسبب الركود الحاد في عملها واعتمادها فقط على بعض أنماط السياحة الداخلية.