رستو كافيه.. نمط جديد من المقاهي يجذب الشباب بغزة
أدخل الشاب عمر صبح فكرة "رستو كافيه" إلى قطاع غزة التي حازت على اعجاب الكثيرين وهو ما دفع بالعديد من الشباب ممن يفكرون بفتح مشاريع خاصة إلى تقليد الفكرة. فما هي هذه المقاهي وبماذا تتميز؟
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
جسد الشاب عمر صبح، قاعدة أن "الأفكار الخلاقة هي الأقدر على إحداث فارق في مشاريع الاستثمار" عندما بادر إلى تأسيس أول مقهى على نظام "رستو كافيه" في قطاع غزة ليحقق مشروعه نجاحا باهرا ما دفع آخرون لتقليد الفكرة.
والنظام المذكور من المقاهي منتشر كثيرا عربيا وعالميا لكنه يعد جديدا على قطاع غزة الذي احتفظ بنظام تقليدي من المقاهي والكافيتريات لسنوات طويلة.
إلا أن قلة الأماكن الترفيهية العامة ومحدودية الأراضي العامة والمساحات الخاصة بالتنزه جعلت من مقاهي رستو كافيه قبلة جديدة وغير نمطية للشبان في غزة.
وكان صبح وهو في مطلع الثلاثينات من عمره درس السياحة والفندقة في مصر وعمل في عدد من فنادقها لسنوات، قبل أن يقرر أن ينقل تجربة مقاهي رستو كافيه إلى غزة سعيا لتأسيس مشروعه الخاص قبل نحو عام ونصف.
ولا تتجاوز مساحة مقهى صبح الذي أطلق عليه اسم (Honey bee) عن 30 مترا خاصة أنه يقع في منطقة تجارية مزدحمة وسط مدينة غزة، لكنه عوض صغر المساحة بكثير من التفاصيل والديكورات الحديثة.
ويقول صبح لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن مشروعه يحظى بإقبال يومي جيد من الشبان بمختلف أعمارهم، مضيفا أن "الشباب من الوضع الصعب في بلدنا يفكرون كثيرا في السفر إلى أوروبا وأنا حاولت تقليد المقاهي الأوروبية والنظام الحديث لإشعارهم بنمط غير تقليدي".
وعلّقت على جدران المقهى رسومات مثل: "لوحة العشاء الأخير" للفنان الإيطالي ليوناردو دا فينشي بتصاميم وأفكار مختلفة.
وعلى جدار آخر تم الصاق أوراق صحف تركية حصل عليها صبح من تجار استوردوا بضائع من تركيا إلى قطاع غزة.
أما سقف المقهى الصغير فيضم رسومات لأزهار بألوان مختلفة بما يثير الانتعاش النفسي لرواد المكان.
ويعمد صبح إلى تغيير مستمر في ديكور المقهى "حتى يشعر الزبائن بالتجديد باستمرار ولا يصيبهم الملل".
كما أنه يحرص على نظام ثقافي خاص بالمقهى من خلال توفير مجموعة من الكتب والقصص تتاح لزبائنه فرصة الاطلاع عليهم وهو ما يجذب فئات مثل خريجي الجامعات والمثقفين لاقتياد المكان دوريا.
ويعتمد صبح في خدمة زبائنه على تقديم المشروبات الباردة والساخنة إضافة إلى حلويات غربية غير منتشرة في غزة مثل الكوكيز والكلير إلى جانب فطيرة السنابون الأميركية.
ويطمح إلى زيادة أصناف قائمة المقهى فيه مع إضافة أفكار أكثر حداثة وعصرية على الديكور.
فكرة مشابهة تجذب الشباب
و(بون جوج) مقهى آخر لصاحبه علاء شحادة وهو في منتصف الثلاثينات من عمره كذلك ويحمل بكالوريوس علوم سياسة، ودفعه عجزه عن الحصول على وظيفة ثابتة منذ تخرجه عام 2006 لإنشاء مشروعه الخاص.
ويقول شحادة لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إنه اعتمد على مشاهدة تصاميم المقاهي العالمية عبر الإنترنت لتنفيذ تصاميم مشابهة في مشروعه مستخدما في ذلك أدوات من الخشب والحديد أعاد تدويرها بأفكار بسيطة تضمنت الكراسي والطاولات والبار وحتى مدخل المقهى.
كما يبرز في مقهى شحادة تصميم لسقف خشبي مع زجاجات عصير العنب الإسباني.
ويقول شحادة إنه سعى في مشروعه لتقديم مقهى وكأنه حانة على الطريقة الغربية لكن من بدون مشروبات كحولية المحظور بيعها في قطاع غزة.
ويضيف أن الفكرة نفسية أكثر من كونها واقع عملي وهو ما يجد طريقه إلى زبائنه لمساعدتهم على محاولة الابتعاد عن الهموم والمآسي وأزمات البطالة والحصار.
ويشير إلى أن زبائنه يعجبون بالتصاميم العصرية واللوحات الفنية التي يعتمده وما يوفره من أجواء قد لا تكون غريبة عن العالم خاصة الغربي لكنها حديثة وقد تكون غريبة على غزة وأهلها المحاصرين.
ويعلق أحد الزبائن واسمه أنس بأن يرتاد هذا النوع من المقاهي بشكل شبه يومي لاعتمادها على مشروبات سريعة بتكاليف رخيصة كما أن ظروف غزة "جعلت مدة الفراغ أطول عند الشباب ونحتاج لتفريغ الطاقة وقضاء الوقت المسلي".
أما رفيقه واسمه رشيد (38 عاما) فيؤكد أن ارتيادهم للمقاهي يوميا "ليس لوسيلة لقتل الوقت والهروب من الواقع فقط بقدر ما هو فرصة للاندماج الاجتماعي والترابط وتبادل خبرات وأفكار جديدة ".
نمط جديد للاستثمار
ويقول اقتصاديون إن انتشار عدة مقاهي بنظام "رستو كافيه" حديثا في غزة تعد وسيلة لكسر الحصار وإدخال مشاريع استثمار بتكلفة مالية محدودة لكن بنمط جديد مختلف عن النمط التقليدي للمقاهي بما يجذب الشبان لها ويحقق مشاريع مجدية للقائمين عليها من الشباب العاطلين.
ويقول رئيس هيئة الفنادق والمطاعم السياحية في قطاع غزة صلاح أبو حصيرة إن مقاهي "رستو كافيه" نجحت في جذب الزبائن من الشبان تحديدًا بسبب حداثة فكرتها وتصاميمها.
ويرى أبو حصيرة في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن هذا النظام من المقاهي شكل نوعا ما خروجا للشبان من عزلتهم بفعل الحصار الإسرائيلي وعدم تمكنهم من السفر كونها تحمل فكرة غير تقليدية.
ويشير أبو حصيرة إلى أن هذه المقاهي تميزت كذلك بجذب فئات معينة تهتم بالرسومات والقصائد ومواكبة الجديد في الديكور خاصة أنها عادة ما تتضمن عروضا موسيقية وأخرى ثقافية تعد نادرة في قطاع غزة.