60 بالمئة من المنظمات الأهلية تعاني أزمة مالية بقطاع غزة
60 بالمئة من المنظمات الأهلية في غزة باتت غير قادرة على تغطية نفقاتها ومصاريفها، وما لا يقل عن 80% من تلك المنظمات يؤثر عجز التمويل على جودة خدماتها
غزة- اسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
أجبر التراجع المستمر للدعم المالي الخارجي الذي تتلقاه جمعية "أطفالنا للصم" الرئيسية في قطاع غزة القائمون عليها مؤخرا على إطلاق حملة دعم شعبية لمنع إغلاق صف طلاب صم في مدرستها.
وهدفت الحملة إلى جمع مبلغ 5 ألاف دولار أمريكي بشكل عاجل لتأمين مقاعد الدراسة لطلبة الصف الابتدائي الأول في المدرسة التابعة للجمعية وتزويدهم بالبطاريات اللازمة لتشغيل المعينات السمعية لتمكنهم من التواصل مع المحيطين بهم وبد العام الدراسي الجديد.
ويقول مسئولون في الجمعية إن الخطوة جاءت على أثر التدهور غير المسبوق في الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة على مدرسة الصم، في ظل عجز العائلات على تغطية تكاليف تعليم أبنائها من جهة وتراجع التمويل لمؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى.
ويضيف لم تعد المدرسة قادرة على الاستمرار في توفير احتياجات الطلبة الصم التعليمية وواجهت بعض الصفوف الدراسية خطر الإغلاق وحرمان المئات من الأطفال الصم من التعليم إضافة إلى تحديات كبيرة في توفير سماعات طبية جديدة التي تعتبر الخطوة الأولى والأهم في عملية تأهيل الأشخاص الصم.
ويقول رئيس عيادات السمعيات وعلاج وتقويم النطق واللغة في الجمعية رمضان حسين لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن الجمعية تواجه تحديات جمة في توفير سماعات طبية جديدة أو قطع غيار في ظل تكلفتها العالية وصعوبة إدخالها لغزة.
وبحسب حسين فإن مئات الصم من سكان قطاع غزة لا يزالون على القوائم ينتظرون تلقي سماعات طبية منذ عدة أشهر، وذلك نتيجة المعيقات الأمنية والتكلفة العالية للسماعات في ضوء شح التمويل الخارجي.
تقليص للخدمات
ويتهدد خطر التقليص خدمات جمعية أطفالنا للصم التي تأسست 1992 وترعى أكثر من 30 ألف شخص من ذوي الإعاقة في غزة سنويا بفعل تراجع الدعم المالي الخارجي للمؤسسات الأهلية في القطاع.
وتقول مسؤولة العلاقات العامة في الجمعية داليا أبو عمرو لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن مجمل خدمات الجمعية بما تتضمنه من خدمات تعليمية وتأهيلية وصحية وبرامج توعية مجتمعية للأشخاص ذوي الإعاقة باتت مهددة بفعل تراجع الدعم المالي.
وتشير أبو عمرو إلى أن الجمعية كحال بقية المنظمات الأهلية في غزة تعاني من تراجع كبير في مكانتها لدى أجندات المانحين وهو ما أجبرها على تقليص الكثير من خدماتها والتي باتت مهددة بالتوقف حال استمرار الوضع القائم فيما يتعلق بالدعم الخارجي.
وتقدم جمعية أطفالنا للصم خدماتها بالمجان وهي تعتمد كليا على التبرعات الخارجية ما يهدد بأن تضطر إلى فرض رسوم مالية قريبا على المستفيدين من بعض خدماتها وتقليص البعض الأخر بحسب أبو عمرو.
وسبق أن اشتكى المسئولون في الجمعية من أنهم أجبروا على تقليص دفع رواتب موظفيها وموازناتها التشغيلية وباتوا مهددون بتقليص مشاريع خدمات الجمعية بسبب وضع التمويل والمنح الذي بات "شحيحا جدا" في وقت تزداد فيه الحاجة في قطاع غزة لمزيد من الدعم.
ولا يقتصر الضرر الناجم عن إحجام مؤسسات أهلية عن مواصلة عملها الإغاثي والإنساني في غزة مؤخرا على شريحة الصم، بل طال مئات الآلاف من المعدومين والمعوزين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ممن وقعوا ضحية تراجع التمويل.
ويقول ناشطون في منظمات أهلية في غزة إن جوهر عملية تمويل أنشطتهم يقوم على التواصل مع المؤسسات الإنسانية الدولية، وهي حلقة تكاد تكون مفقودة في ظل التضييق الإسرائيلي على العاملين في تلك المؤسسات وإعاقة تنقل العاملين فيها.
نتائج دراسة مسح
أجرى الباحث في الشؤون التنموية والمنظمات الأهلية في غزة تيسير محيسن حديثا دراسة مسح أظهرت أن 60% من المنظمات الأهلية في غزة باتت غير قادرة على تغطية نفقاتها ومصاريفها، وما لا يقل عن 80% من تلك المنظمات يؤثر عجز التمويل على جودة خدماتها.
ويقول محيسن لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن المنظمات الأهلية في غزة تشهد قلقا متزايدا بشأن قضية التمويل الخارجي، وهي قضية لا تنفصل عن تراجع الدعم الخارجي للأراضي الفلسطينية المحتلة عموما.
وبحسب محيسن فإن تمويل المنظمات الأهلية العاملة في قطاع غزة تراجع بنحو 50% مقارنة مع الأعوام الأخيرة، علما أن نحو 70% من التمويل المقدم يخصص للمجالات الاجتماعية مثل كفالة أيتام وخدمات إغاثة وطوارئ، فيما نسبة تمويل المنظمات الأهلية تبلغ حوالي 10% من حجم التمويل الخارجي لفلسطين.
وأبرزت نتائج الدراسة المذكورة أن أهم ما تأثرت به المنظمات الأهلية في غزة نتيجة عجز التمويل: توقف بعض المشاريع، وعجز في تشغيل الأجهزة، وتقليص المساعدات المقدمة للمرضى الفقراء (مثل الأدوية ومستلزمات طبية أخرى)، وانعدام القدرة على الاستجابة لحاجات جديدة لدى الفئات.
ووفق الدراسة نفسها ولمواجهة مشكلة عجز التمويل من المنظمات الأهلية ذكرت النتائج أن 30% من المنظمات قلصت نفقاتها التشغيلية، و58% استغنت عن خدمات بعض عامليها، و22% قلصت من رواتب العاملين.
ويحذر مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، في تصريح لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، من مخاطر تزايد تراجع عمل المنظمات الأهلية في وقت يعتمد فيه ما يزيد عن 70% من سكان القطاع على المساعدات الإنسانية ويعاني 50% منهم تقريبا من انعدام الأمن الغذائي.
وينبه الشوا إلى أن الانقسام الداخلي الفلسطيني وما يحدث في الإقليم سببا لما يحدث في تقليص المانحين للدعم المالي بشكل واضح لقطاع غزة سواء على الصعيد الإنمائي أو الإنساني في ظل ازدياد الحاجة مقابل ما يتوفر من تمويل.