العيدية.. تقليد اجتماعي محبب وثقيل في آن واحد
تختلف فئات المجتمع في تقييمها لتقليد منح هدية على شكل نقود لنساء العائلة وللأطفال تحت ما يسمى "عيدية"، فمنهم من يرى أنها عادة محببة وتمثل نوعا من صلة الرحم، ومنهم من يرى أنها تقليد يثقل كاهل الرجال وخاصة ذوي الدخل المحدود، فما هو موقف الشرع والاخصائيين الاجتماعيين من ذلك.
رام الله- حسناء الرنتيسي
العيد فرحة .. هكذا أُريد له أن يكون. لم يأت العيد ليكون عبئا على أحد، بل هو فرصة لصلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء والأحبة، لكنه ليس كذلك بالنسبة للشاب ايمن (37 عاما)، والذي يكثف عمله الإضافي ليحصل على المزيد من المال لتقديم العيديات.
يقول "لدي 6 أخوات و4 عمات و4 خالات إضافة لأمي وجدتي وبنات أخواتي.. وأجد نفسي محرجا حين لا أقدم عيدية لبنات اخوالي وخالاتي وعماتي بسبب عدم استطاعتي المادية، فلدي أطفال وزوجة ولديهم متطلبات أيضا".
في حين تستشعر ايمان معاناة الرجال في توفير العيديات، وتقول أن أكثر ما يضايقها أن يضع أخوها النقود في يدها في العيد وهي تعلم أن وضعه المادي لا يسمح بذلك، وأنه أب لأطفال هم أكثر حاجة منها لتلك النقود، وتقول أن زيارة أخيها لبيتها وقضائه وقتا معها ومع أطفالها بالنسبة لها أفضل عيدية.
يشار الى أن قيمة العيدية في محافظات الضفة تتراوح ما بين 20- 200 شيقل، أو ما يقاربها بالدينار الأردني. حيث يقوم الرجل بزيارة أقاربه وتقديم مبلغ مالي بحسب عرف بلده أو استطاعته لبناته واخواته والمقربات له من النساء.
وكذلك يحصل الأطفال على العيديات من أجدادهم وأقاربهم بمبالغ بسيطة تسعدهم.
اقرأ أيضا: العيدية.. عادة محببة أم عبء ثقيل
اجتماعيا.. للمرأة الكلمة الفصل
للأخصائية الاجتماعية عروب أبو زعرور نظرة مختلفة للعيدية، فهي محببة لدى الأطفال وتضفي البهجة على قلوبهم، فكل الأطفال يحبون تلقي الهدايا في العيد وخاصة النقود، وينتظرون من أقاربهم العيدية بحب وسعادة.
وترى الأخصائية أن العيدية للنساء تعتبر شيئا جميلا سواء كانت على شكل نقود أم هدايا، على ألا يضع الرجل العيدية في يد المرأة على باب منزلها ويرحل، فتكون بذلك نوع من الواجب والعبء الذي يسعى الرجل للتخلص منه. معتبرة أن الأولوية هي للتواصل وزيارة الأقارب.
ومن ناحية أخرى ترى أن هذه العيدية قد تشكل عبئا ماديا على الرجل، وخاصة اذا كان وضعه المادي ليس جيدا، وبالتالي ترى أنه من واجب الأخوات والنساء عامة أن يكون لديهن موقف في ذلك، وأن يبادرن بعدم قبول هذه العادة الاجتماعية، وبالتالي تصبح لمن يرغب في ذلك وليست عادة ملزمة للجميع.
كلمة الشرع
بينما يرى مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين أنه لا يجب أن نتذمر من كل شيء، فالعيدية نوع من صلة الرحم، سواء كانت بتقديم مبلغ مالي او بزيارة أو باتصال هاتفي.
ويؤكد أن العيدية عرف سائد وليس واجبا دينيا، انما هو أمر محبب لمن استطاع ذلك، فهو بذلك يرغب بإسعاد أخته أو قريبته، أي رحمه.
وأضاف أنه لا يجوز تحديد مبلغ العيدية أو إلزام أحد بتقديمها وليس هكذا تقاس الأمور، فـ"لا يكلف الله نفسا الا وسعها"، فعلى قدر استطاعة الشخص يستطيع ان يقدم الهدية، وإذا لم يستطع فعلى الناس أن تعذر بعضها وتشعر مع بعضها