في كهرباء القدس.. جنود مجهولون يسهرون على راحة المواطنين
قد يصلون بالموعد أو يتأخرون قليلاً لتلبية نداء مواطن في حي أو قرية، أو مخيم، أو مدينة، لا يعرفون برداً أو حراً، ولا ليلاً ولا نهاراً، يعملون في ظروف استثنائية وتحت أي ظرف، يتعاملون مع كل خطر أو مشكلة بصمت، تجدهم على قارعة الشارع يمدون خطوط الكهرباء، أو يقفون على عمود كهربائي على ارتفاع شاهق لإصلاح عطل أصاب محول كهربائي أنهم الفرق الفنية والطوارئ في شركة كهرباء محافظة القدس الجنود المجهولون الذين يسهرون على خدمة المواطنين لتوفير احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية.
منذ حلول شهر رمضان المبارك قامت الفرق الفنية والهندسية ككل عام بتزيين وإنارة حارات المدينة المقدسة في البلدة القديمة، وشارعي صلاح الدين والزهراء بحبال الزينة، وكذلك الشوارع الرئيسة الواقعة ضمن مناطق امتياز الشركة والتي شملت مدن رام الله والبيرة، وبيت لحم، وأريحا، احتفاء بالشهر الفضيل.
ولم تنفك تلك الطواقم الفنية والهندسية كعادتها في الخروج باكراً من مقر شركة كهرباء القدس وفروعها المنتشرة ضمن مناطق امتيازها في إصلاح الأعطال، ومراقبة الأحمال، ومد الخطوط الكهربائية، وتركيب المحولات وغيرها من الخدمات الأخرى التي تقدمها الشركة لخدمة المواطنين والسهر على راحتهم، وخصوصاً في ساعة الإفطار خلال الشهر الفضيل.
ومع رفع آذان المغرب يتجمع موظفوا الطوارئ في مقر كهرباء القدس في مدينة بيت لحم حول مائدة الإفطار بعيداً عن عائلاتهم لا لسبب ما، وإنما لمتابعة الأحمال الكهربائية على الشبكات تحسباً من حدوث أي طارئ على التيار الكهربائي وضمان استمرار التيار الكهربائي للمواطنين.
وحول شعور أسرة خالد جادو حيال عدم أفطاره في المنزل تقول زوجته نسرين "أنا والأولاد في معظم الأحيان نفتقده كثيراً ونشعر بالأسف لعدم وجوده معنا على مائدة الإفطار خلال الشهر الفضيل الذي يلملم شمل العائلة معاً، فهذا شيء محزن، ولاينفك الاولاد عن عدم إفطار والدهم معنا كباقي العائلات؟؟؟، فأجيب أنه يحرص على ضمان التيار الكهربائي للمواطنين، ولكن ما يواسينا هو أنه يقوم بمساعدة المواطنين من خلال إصلاح الأعطال الكهربائية وإعادة التيار الكهربائي لهم في حال حدوث خلل ما".
ويعتبر جادو كغيره من العاملين في الفرق الفنية بالشركة الذين يعملون رغم كل الظروف والتحديات للسهر على راحة المواطن من خلال توفير التيار الكهربائي حتى لا يشعر المواطنون بوجود أي فرصة لانقطاع الكهرباء، حفاظاً على الأجواء الرمضانية التي تكثر فيها المناسبات الاجتماعية وصلة الأرحام.
ويشير م. جادو أنه على الرغم من افتقاده لعائلته على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان المبارك، وبالرغم من الجوع والعطش بسبب الصيام، إلا أن هذا الإرهاق يذهب أدراج الرياح حال قيامه بواجبه تجاه المواطنين من خلال إصلاح الأعطال الكهربائية حال حدوثها وتوفير خدمة أيصال الكهرباء لهم.
من جهته يقول موظف الطوارئ عمر فنون أنه من الصعوبة بمكان الافطار خارج المنزل بعيداً عن العائلة والأولاد خلال الشهر الفضيل ترك العائلة وحيدة على مائدة الافطار، فولدي مثلاً ابن الخمس سنوات لا يتوقف عن سؤالي لماذا تريد الخروج من المنزل وخصوصاً ساعة الافطار، فأجيبه أن لدي عمل ويجب علي الذهاب.
ويشير جادو "في أحيان كثيرة نصل إلى مقر الشركة قبل موعد الإفطار بقليل، ويصلنا بلاغ بحدوث انقطاع للتيار الكهربائي في منطقة معينة أو عن منزل أحد المواطنين، فنسارع بتجهيز أنفسنا والخروج بسرعة نحو المكان الذي ستقصده لإصلاح العطل وإعادة التيار الكهربائي للمواطنين، مضيفاً أننا في كثير من الأوقات لا نفطر إلا على الماء وحبات التمر التي تكون موجودة معنا خلال توجهنا لمكان العطل الكهربائي".
ويضيف جادو "أن الفريق يباشر الفريق عمله منذ ساعة وصوله إلى مكان العطل الكهربائي للبحث عن مكامن الخلل الذي أصاب الشبكة، فهمنا الوحيد يكون في تلك اللحظات هو إصلاح الأعطال الكهربائية وإعادة التيار الكهربائي للمواطنين في الحي خوفا من غرقه في الظلام نتيجة العطل أو الخلل في الشبكة أو في خطوط الكهرباء".
ويقول جادو للأسف هناك بعض المواطنين الذين لا يراعون حرمة شهر رمضان المبارك، من خلال التعدي على الشبكات الكهربائية وسرقة التيار الكهربائي، وهذا الشيء يكون في أغلب الاحيان سبباً رئيسياً لانقطاع التيار الكهربائي عن حي كامل أو منطقة نتيجة لسرقة التيار الكهربائي والربط العشوائي.
وناشد فنون المواطنين بضرورة ترشيد استهلاك التيار الكهربائي خلال شهر رمضان، بسبب ارتفاع الأحمال الكهربائية على الشبكات نظراً لكثرة المناسبات الاجتماعية، وخصوصاً خلال ساعات الذروة، داعياً المواطنين إلى عدم تشغيل الأجهزة الكهربائية الموجودة في المنزل في آن واحد خوفا من تلف الأسلاك الكهربائية وبالتالي حدوث عطل كهربائي.
ويختتم جادو أنه من باب الحرص على ضمان استمرار التيار الكهربائي لا بد لسارقي التيار الكهربائي أن يعودا إلى رشدهم والعمل على تصويب أوضاعهم ويعدلوا عن سرقة التيار خلال الشهر الفضيل كونها تشكل خطراً على حياتهم والحد من الاخطار التي قد تلحق بهم.