خبراء: أزمة رواتب موظفي غزة تهدد بتفاقم نقصان السيولة
تتواصل احتجاجات موظفي السلطة الفلسطينية في غزة منذ صرف رواتبهم عن شهر مارس الماضي بخصم أغلب العلاوات عنها في إجراء بررته حكومة الوفاق الوطني بما تواجه من تراجع كبير في المساعدات الدولية والآثار "الكارثية" لاستمرار الانقسام الداخلي.
وقفة امام مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء في رام الله احتجاجا على الخصم من رواتب موظفي غزة
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
ويبرز رئيس اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال في قطاع غزة علي الحايك من أن فرض خصومات وصلت إلى 30% من قيمة رواتب موظفي السلطة في غزة يحمل تداعيات كارثية على النشاط والدورة الاقتصادية في القطاع.
ويقول الحايك لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن الخصم على الرواتب يهدد بإعادة هيكلية أولويات الموظفين وعائلاتهم من حيث المصروفات بما يؤثر على الدورة الاقتصادية والحركة التجارية العامة خاصة في ظل ما يمثلونه من مساهمة فعالة في توفير السيولة النقدية شهريا.
ويضيف أن المبالغ التي يتم تداولها في السوق المحلي في قطاع غزة خارج البنوك هي المبالغ التي تم خصمها من رواتب الموظفين والتي يتم الاعتماد عليها بشكل رئيسي في تحريك العجلة التجارية وإنعاش القطاع الخاص في ظل ما يعانيه من أزمات متشعبة.
ويوضح الحايك أن هذا التطور يهدد بشكل مباشر رجال الأعمال ومستوردي البضائع إلى قطاع غزة بزيادة خسائرهم وتراجع ما مبيعاتهم ما سيؤدي بالتالي إلى تقويض أنشتطهم وعدم وفائهم بالتزاماتهم المالية ما ينذر بكارثة اجتماعية واسعة النطاق.
من جهته يبرز مدير مركز (بال ثينك) للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية في غزة عمر شعبان من أن خصم رواتب موظفي السلطة "يمس بعشرات آلاف العائلات التي تعتمد على المرتب كمصدر دخل لمواجهة متطلبات المعيشة في ظل الأوضاع الاقتصادية القاسية جدا التي يعانيها القطاع من بطالة و حصار و بطء عملية إعادة الإعمار".
ويشدد شعبان في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، على أن اقتصاد قطاع غزة المنهك يعتمد بشكل رئيسي على الحركة التجارية الناتجة شهريا عن رواتب موظفي السلطة وما تم فرضه من خصومات يهدد بتراجع حاد في هذه الحركة التجارية ومستوياتها.
ويضيف أن التطور الحاصل يهدد بتعميق الفجوة في مستويات المعيشة بين قطاع غزة الفقير أصلا مقارنة بمستوى المعيشة بشكل عام ومن شأنه الدفع بزيادة معدلات الفقر والبطالة القياسية ومزيد من التراجع بالأنشطة التجارية باقتصارها على الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
ويؤكد شعبان أنه "من الواجب والضرورة الوطنية العودة عن هذه الخصومات وعدم الخضوع لتوجهات بعض الدول المانحة والعمل بشكل جدي على إعادة ترتيب أولويات الصرف والإنفاق الحكومي بما يمكن موظفي السلطة في غزة وعائلاتهم من العيش بكرامة".
ويتفق الخبير الاقتصادي من غزة نهاد نشوان من أن الضرر الناتج عن خصومات الرواتب لا تؤثر على موظفي السلطة في غزة فقط بل ستؤثر على كافة مناحي الحياة الاقتصادية في القطاع كون أن ما تم خصمه من الراتب هو عمليا الرصيد المتبقي للموظف للإنفاق بعد خصم القروض والخدمات.
ويشير نشوان في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى أن الاستمرار في خصومات رواتب موظفي السلطة في غزة سيؤثر لاحقا على صرف رواتب الموظفين التابعين لحركة حماس (يزيد عددهم عن 40 ألف موظف) بسبب تدني القوة الشرائية وبالتالي انخفاض الجباية الضريبية والرسوم لدى الدوائر الحكومية.
كما ينبه نشوان إلى أنه "على الصعيد الاجتماعي والإنساني ستزداد الأزمات المتعلقة بالسيولة النقدية ويتوقع أن تزداد خلال الفترة القادمة البلاغات لدى الشرطة بهذا الخصوص نتيجة إخلال التجار ورجال الأعمال في غزة بالوفاء بالتزاماتهم فيما يتعلق بالشيكات الصادرة منهم".
وكانت سلطة النقد أصدرت تعميماً إلى البنوك ومؤسسات الإقراض العاملة في قطاع غزة تطالبهم فيه بالالتزام بخصم ما نسبته 70% من القسط الشهري المستحق على المقترضين لهذا الشهر مراعاة لظروف موظفي القطاع.
ويقدر رئيس تحرير صحيفة (الاقتصادية) في غزة محمد أبو جياب بأن عدد موظفي السلطة الفلسطينية في القطاع يصل إلى 50 ألف موظف يعتقد أن ما لا يقل عن 85% منهم حاصلون على قروض بنكية ويتم الخصم شهريا من رواتبهم كبدل أقساط.
ويشير أبو جياب في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى أن الأقساط الشهرية للبنوك تحرم السوق المحلي في غزة من نحو 50% من السيولة النقدية المحولة من السلطة وبالتالي تبقي حبيسة خزائن البنوك على شكل أقساط محصلة لصالحها.
ويوضح أبو جياب أن خصم السلطة لرواتب موظفيها يعني عمليا حرمان السوق المحلي في غزة من أغلب ما تبقي من سيولة نقدية لدى الموظفين وهو ما سيتسبب بانعكاسات خطيرة على القطاع التجاري وعلى مكونات المنظومة الاجتماعية والاقتصادية في غزة بفعل تراجع القوة الشرائية المنهكة أصلا.
كما ينبه إلى اضطرار الموظفين إلى التخلف عن سداد ديونهم المنظمة وفقا لإيراداتهم قبل الخصم، وما سيدفعه ذلك من زيادة في الأعباء الملقاة على القطاع التجاري ورجال الأعمال وتقويض النشاطات التجارية القائمة على الاستيراد بفعل تقنين البضائع الاستهلاكية.
وفي السياق ذاته حذرت غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة من أن خصم رواتب موظفي السلطة في غزة سيدفع بتداعيات خطيرة وكارثية على كافة مناحي الحياة في القطاع باعتبار أن الجزء الأكبر من الموظفين مديون للبنوك ومجمل ما يتقاضوه شهريا لا يتجاوز 40% من إجمالي الراتب وبعد خصم قيمة 30% من الراتب لن يتبقى لهم مجالا للوفاء بالتزاماتهم المعيشية وتسديد التزامات ديونهم والخدمات العامة.
ويقول مسئول الإعلام في عرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع إن هذا التطور سيتسبب في خلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من أسواق غزة ويدفع بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمزيد من الركود التجاري وتراجع في القوة الشرائية المعدومة أصلا.
ويضيف الطباع أنه يهدد كذلك بارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلا والأعلى عالميا في قطاع غزة والتي تجاوزت أكثر من 43% وأكثر من 200 الف شخص عاطل عن العمل, وارتفاع معدلات والفقر التي تجاوزت 65%, كما سوف يتسبب في زيادة كبيرة في الشيكات الراجعة وعدم التزام الموظفين بتسديد الأقساط المترتبة عليهم.