النقل العام بغزة: سلسلة الأزمات تعيد ذكرى الماضي بحسرة
سلسلة أزمات يستفيق عليها يوميا العاملين في وسائل النقل العام في قطاع غزة، وأمام هذا الواقع المرير الذي على ما يبدو فقدوا الأمل من اصلاحه بسبب كثرة المشاكل بداخله، عاد أحدهم بتذكر الماضي، الذي أصبحت عودته حلما سيأتي وان طالت مدته، حين كانت الطرق مفتوحة بين محافظات الوطن قبل أن تتقطع فلسطين وتنقسم.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
يشتكى سائقو النقل العام في قطاع غزة المنهك اقتصاديا من سلسلة أزمات تواجه عملهم أبرزها تعرضهم لضرائب حكومية قياسية وتدنى الأسعار المحلية للمواصلات ما يحد من أرباحهم وقوت عيشهم.
ويكابد هؤلاء الأمرين بالنظر إلى حظر الاحتلال الإسرائيلي إدخال سيارات أجرة جديدة إلى قطاع غزة منذ فرضه الحصار منتصف عام 2007 إلى جانب سوء البنية التحتية للشوارع خاصة في الأحياء السكنية ما يؤثر على حالة سيارتهم وعملهم.
وبحسب رئيس نقابة سائقي الأجرة في غزة جمال جراد فإن عدد سائقي الأجرة الرسميين في قطاع غزة كان يصل إلى 2500 سائق قبل فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع قبل عشرة أعوام فيما أن هذا العدد انخفض إلى النصف تقريبا حاليا.
ويعزو جراد ذلك في مقابلة مع موقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى تدهور حالة الكثير من سيارات الأجرة ومنع إدخال سيارات أجرة جديدة، في وقت يتم فيه السماح لدخول سيارات الملاكي وعملها بمجال النقل العام من دون رقابة حكومية.
ويقول عن ذلك "للأسف في غزة الخطوط مفتوحة للسيارات الملاكي سواء عمومي داخل المدن أو عمومي خارجها وهذا مع كثرة عرض السيارات الحديثة وبيعها بالتقسيط انعكس سلبا على وضع سائقي الأجرة الرسميين ودفع الكثير منهم لترك عملهم".
ويتحسر جراد على وضع كان سائقو الأجرة من قطاع غزة يتنقلون إلى الضفة الغربية والداخل الفلسطيني وهو ما كان يشكل لهم مصدر دخيل قياسي قبل أن يمنعهم الحصار ويحصر عملهم داخل القطاع على صغر مساحته الجغرافية.
وينقسم عمل سائقو النقل العام في قطاع غزة إلى قسمين رئيسين، الأول داخل المدن والأحياء السكنية، والثاني متخصص في النقل بين المحافظات خصوصا من محافظتي خان يونس ورفح إلى غزة.
وفيما كان القسم الثاني يقتصر في أغلبه على سيارات السبعة راكب وباصات النقل فإن سيارات الملاكي الحديثة دخلت في منافسة شديدة معها في العامين الأخيرين وباتت مفضلة للركاب نظرا لما توفره من سرعة في التوصيل بأربعة ركاب فقط.
ويتسم مجال النقل العام بكثير من الفوضى في قطاع غزة بسبب جذبه لعمل غير رسمي لكثير من الشبان وأغلبهم من الخريجين ممن لا يجد فرصة عمل فيضطر للعمل على سيارة ملاكي في نقل الركاب أملا في تحصيل أي دخل مالي.
وعن ذلك يقول جراد إن انتشار قياسي تشهده مكاتب التكسيات في قطاع غزة بسبب إقبال مئات الخريجين على العمل لديها بسيارة ملاكي وبالتالي تدفع تلك السيارات مبالغ ترخيص أقل بكثير مقارنة مع ما تدفعه سيارة الأجرة الرسمية".
ويضيف أن هذا الواقع يلقي بتأثيرات بالغة على سائقي الأجرة بسبب ضعف الرقابة الحكومية وعدم اتخاذ إجراءات فاعلة لمنع ظاهرة عمل أصحاب السيارات الملاكي في النقل العام، رغم أن نقل السيارات الخاصة للركاب مقابل أجر تعتبر مخالفة لقانون المرور العام ويعاقب عليها وفق المادتين 108 و109 من القانون.
كما يتحدث جراد عن تدنى أسعار المواصلات العامة في غزة إن أن المواصلة الداخلية تبدأ من شيقل إسرائيلي إلى 2 شيقل فقط، فيما بين المدن تبدأ من 3 شيقل (إلى محافظة وسط وشمال قطاع غزة) حتى 7 شيقل فقط (إلى رفح أقصى جنوب قطاع غزة).
ويشدد جراد على الحاجة إلى إدخال سيارات أجرة جديدة إلى قطاع غزة خاصة من موديلات 2005 إلى 2008 حتى تكون بسعر مناسب للراغبين بتحديث سياراتهم من السائقين العاملين في النقل العام.
كما يطالب بإعفاء سائقين الأجرة من رسوم الترخيص المتراكمة كمراعاة لسوء أوضاعهم الاقتصادية، علما أن رسوم الترخيص الحكومية تعد من أكبر الأعباء الملقاة على سائقي في غزة بسبب ارتفاعها وارتفاع أسعار قطع غيار السيارات والديزيل والسولار في مقابل تدنى أسعار المواصلات.
وتبلغ رسوم ترخيص سيارة الديزيل في قطاع غزة مبلغ 2100 شيكل، مقابل رسوم ترخيص لنفس السيارة في الضفة الغربية بمبلغ 670 شيكل (أي ما يعادل 3 أضعاف ونصف أكثر).
وسبق أن أطلقت غرفة وتجارة صناعة غزة حملة للمطالبة بتوحيد سعر الترخيص بين قطاع غزة والضفة الغربية من دون أن تجد استجابة.
ويقول مدير الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن رسوم ترخيص المركبات الديزيل في قطاع غزة تشكل عبئا كبيرا على سائقي النقل العام وهو مبلغ غير منطقي أبداً بالنسبة لترخيص سيارة.
ويشير الطباع إلى أنه قبل 6 سنوات كان سعر لتر الديزيل الواحد يبلغ نصف سعر لتر البنزين، لهذا السبب كانت رسوم ترخيص مركبات الديزيل مرتفعة، لكن منذ حوالي 4 سنوات ارتفع سعر لتر الديزيل ليتساوى مع لتر البنزين ولكن لم يطرأ أي تغييرات على رسوم ترخيص سيارات الديزيل في قطاع غزة.
ويستغرب الطباع عدم المساواة الحاصل في رسوم الترخيص بين الضفة الغربية وقطاع غزة رغم ما يعانيه القطاع من تداعيات قياسية جراء حصار وحروب إسرائيل على مدار السنوات الأخيرة وارتفاع قياسي في معدلات الفقر والبطالة.
من جهته يقول المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات في غزة محمود ياسين لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، إن عدم توحيد رسوم الترخيص بين الضفة وغزة سببه عدم التواصل الرسمي بين الوزارتين.
ويضيف ياسين أن الوزارة في غزة "غير مخولة بإصدار قرارا بتخفيض رسوم الترخيص" لكنها تتيح نظام تقسيط تلك الرسوم من أجل التخفيف على السائقين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها القطاع.