الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
22 آذار 2017

التكييش يسيطر على معاملات غزة التجارية ويهدد اقتصادها

"التكييش" باللهجة الغزاوية تعني شراء سلعة معينة، غالبا ما تكون جهاز إلكتروني، بنظام التقسيط ومن ثم بيعها بسعر أقل للمحال التجارية بقصد الحصول على سعرها نقدا.

\

غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين

تستقبل متاجر رئيسية لبيع الأجهزة الكهربائية والأجهزة الخلوية في منطقة الرمال المعروفة وسط غزة بشكل شبه يومي طلبات لبيع سلع بدلا من الشراء وذلك في ظل تصاعد غير مسبوق لظاهرة "التكييش" في المعاملات التجارية.

ويقول أحمد سرحان صاحب أحد المتاجر إن الكثير من المواطنين وأغلبهم موظفين حكوميين يعرضون عليهم يوميا شراء أجهزة وهواتف خليوية يكونون اشتروها للتو من مكان أخر ويريدون بيعها دون استعمالها بتاتا.

و"التكييش" باللهجة الغزاوية تعني شراء سلعة معينة، غالبا ما تكون جهاز إلكتروني، بنظام التقسيط ومن ثم بيعها بسعر أقل للمحال التجارية بقصد الحصول على سعرها نقدا.

تهديد للاقتصاد المحلي

ويقول اقتصاديون إن الظاهرة منتشرة ومتصاعدة بشكل كبير في المعاملات التجارية في قطاع غزة خصوصا في العامين الأخيرين.    

ويقول مسئول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع إن ظاهرة "التكييش" تقوم على لجوء المواطنين إلى شراء سلعة معينة بالتقسيط عن طريق الشيكات أو الكمبيالات أو بضمان بنكي ومن ثم بيعها للحصول على سيولة نقدية.

ويوضح الطباع لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن أغلب السلع التي تتم التجارة بهذا الأسلوب تتركز في الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والجوالات إلى جانب السيارات ودائما ما يكون سعر البيع النقدي أقل من السعر الحقيقي بمبلغ ليس بسيطا.

ويعتبر أن من الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة "التكييش" تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة وارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى 43% وارتفاع معدلات الفقر التي تتجاوز 65% وزيادة الأعباء والالتزامات على المواطنين.

ويؤكد الطباع أن ظاهرة "التكييش" تحمل مخاطر كبيرة على الاقتصاد المنهك أصلا في قطاع غزة وتؤدي إلى تعثر المواطنين وإفلاس التجار، كما أنها تتسبب في زيادة أعداد الشيكات المرجعة نظراً لعدم قدرة أصحابها على التسديد والخسائر عند البيع.

6 ألاف دعوى قضائية في 2016

كثيرا ما تؤدي ظاهرة التكييش بأصحابها إلى المحاكم. إذ أن كثيرا منهم يقبض ثمن ما باعه من سلع نقدا ثم يتعثر لاحقا في تسديد أقساط ثمن تلك السلع.

ويكشف مصدر من القضاء الأعلى في غزة، أن أكثر من ستة ألاف قضية تم النظر بها أمام محاكم قطاع غزة خلال العام 2016 تعود إلى شيكات مرجعة وكمبيلات غير مسددة لسلع وبضائع متنوعة.

ويؤكد المصدر الذي رفض التصريح باسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن ظاهرة التكييش في تصاعد مخيف ما جعل من أولويات القضاء الأعلى تشديد العقوبات بحق المتورطين بها للحد منها.

وتعد تجارة السيارات الحديثة أحد مجالات الشراء والبيع بنظام التكييش رغم القيود، إذ ينتشر نحو 300 معرض لبيع السيارات في قطاع غزة وتتسابق في تقديم عروض للزبائن للبيع بالتقسيط نظرا لضعف البيع النقدي.

وإن كانت آلية البيع بالتقسيط مشروعة، وتتعامل بها أغلب قطاعات السوق في غزة فإنها تعد أكثر خطورة في معارض السيارات نظرا لارتفاع نسبة المخاطر المترتبة عليها وما يرافق ذلك من عمليات سمسرة وقضايا حجز.

وتبدأ المعاملات المرتبطة بتجارة السيارات باتفاق مع الزبون على دفع قسط مالي نقدا عادة ما يكون 30% من سعرها الإجمالي، مع الإشارة إلى أن انخفاض قيمة الدفعة الأولى من ثمن السيارة يقابله ارتفاع في نسبة الفائدة.

ومما يقيد "التكييش" في السيارات، إلزام معظم المعارض في غزة المستهلك بالتوقيع على "اتفاق بيع" يصرح للفريق الأول (التاجر)، بأنه يملك السيارة، فيما يأذن للفريق الثاني (المستهلك) بوضع اليد والتصرف فيها دون التصرفات الناقلة للملكية.

ويعنى ذلك أن التاجر يبقى مالكا للسيارة حتى تسديد الثمن كاملا، وفي حالة تعسر المستهلك في تسديد أي من الأقساط الشهرية أو مخالفة شروط الاتفاق، فإن جميع الآجال تعتبر لاغية ويحق للتاجر سحب السيارة سواء بالاتفاق أو عبر المحاكم.

تلاعب تجار

إلى جانب كل ما ذكر فإن مختصون يكشفون عن استغلال تجار لحاجة مواطنين إلى سيولة نقدية وتعاملهم بظاهرة التكييش للتلاعب في تصريف سلع وبضائع قديمة بحوزتهم.

ويشرح المحامي رامي اشتيوي من غزة بأن هذه الحالات من التكييش تتضمن ثلاثة أطراف، الأول تاجر لديه بضاعة قديمة غير قادر على تصريفها، والطرف الثاني مواطن يحتاج لسيولة نقدية، أما الطرف الثالث فهو تاجر يقبل على شراء تلك البضائع بنصف سعرها أو أكثر قليلا.

ويوضح اشتيوي لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن العملية تتم بأن التاجر الأول يتفق مع المواطن على بيعه البضائع بشيكات مؤجلة، ثم يقوم المواطن ببيعها للطرف الثالث بسعر أقل نقدا، وهكذا يحقق التاجرين أرباحا فيما يخسر المواطن في الحالتين.

ويشير اشتيوي إلى أن القضاء يتعامل مع مثل هذه القضايا بما لديه من مستندات وهي بالواقع تعتبر عملية نصب لكن قانونا لا يوجد مخالفة، وهو ما يجعل الضحية فقط هو المواطن الذي في حال تعثره في سداد ما عليه من التزامات يتم حبسه وإلزامه بدفع أقساط شهرية حتى يتم تغطية كامل المبلغ المستحق عليه.

مواضيع ذات صلة