استثمارات جديدة في غزة بمولدات تغطي أحياء كاملة
استثمارات محلية في غزة ظهرت بفعل الانقطاع المتكرر للكهرباء، حيث يقوم مستثمرون بشراء مولدات كهرباء لأحياء كاملة، يبيعون فيها الكيلو واط الواحد بـ4 شواقل، بينما يصل سعر الكيلو واط من شركة الكهرباء بنحو نصف شيقل، ورغم ذلك هناك اقبال كبير على هذه المولدات.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
وجه مستثمرون محليون في قطاع غزة مؤخراً مشاريعهم باتجاه شراء مولدات كبيرة عالية الإنتاج لإنشاء شبكات توزيع كهرباء في الأحياء السكنية بمقابل مادي كبديل عن أزمة انقطاع الكهرباء المستمرة في القطاع منذ عام 2006.
وانتشرت الظاهرة بشكل خاص في أحياء مدينة غزة المكتظة مثل الشيخ رضوان والزيتون والكرامة ووجدت إقبالا من المواطنين، باعتبارها توفر لهم وصل للكهرباء لمنازلهم طوال ساعات الانقطاع من شركة التوزيع.
ويقول مفيد شاهر وهو أحد القائمين على مشروع مولد كهربائي كبير الحجم في غرب مدينة غزة، إنهم بادروا للفكرة منذ خمسة أشهر وسرعان ما تلقوا عشرات طلبات الاشتراك من منازل سكنية ومحلات تجارية خلال وقت قياسي.
ويوضح شاهر لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن المشروع هو استثمار لثلاثة تجار اشتروا مولد كهربائي بطاقة إنتاج عالية بقيمة مائة ألف دولار أمريكي، ويضاف تكاليف ذلك توفير إمدادات آمنة لخطوط الكهرباء إلى المنازل والمحلات.
ويشير شاهر إلى أنهم أسسوا نظاما يقوم على تركيب عداد مع كل خط اشتراك ليكون الفيصل بين القائمين على المشروع والمواطن المستقبل لخدمة الكهرباء على أن يكون الحد الأدنى للاستهلاك مبلغ 50 شيقل شهريا.
ويتم احتساب الطاقة الكهربائية المقدمة من مشاريع المولدات عالية الإنتاج لكل كيلو وات بمبلغ 4 شواكل، ويقول شاهر إنه لا يعد مبلغا كبيرا بالنظر إلى تكاليف شراء المولد وإمدادات الخدمة وكميات السولار اللازمة لتشغيل المولد على مدار الساعة إلى جانب مصاريف الصيانة الدورية.
ويرى الكثير من المواطنين خاصة المشتركين في هذه المولدات أنها تعتبر حلا جزئياً لمشكلة الكهرباء وتوفر لهم طاقة أفضل وأوفر من بدائل أخرى مثل المولدات الصغيرة أو بطاريات اللدات.
وقال المواطن هيثم حسان وهو تاجر محلي إنه اشترك مع أربعة من أشقائه باشتراك لمولد تم الاستثمار فيه في حي "الدرج" الذي يقطنون فيه في مدينة غزة، وذلك منذ بداية العام الجاري، وشعروا بارتياح كبير لهذه الخطوة.
ويوضح حسان أنهم اشتركوا بخط 4 أمبير لعمارتهم السكنية ويتم تشغيل المولد فترة ما لا يقل على 8 ساعات يومياً لتعويضهم عن طول الوقت الذي يتم فيه انقطاع الكهرباء من شركة التوزيع، وهو ما يمكنهم من استخدام الإنارة وتشغيل التلفاز وبعض الأجهزة البسيطة.
ويشير إلى أنهم يتجبنون تشغيل الأجهزة الكهربائية ذات السحب العالي خاصة الثلاجات وسخانات المياه فترة تشغيل المولد، لتجنب زيادة فاتورة المولد الشهرية عليهم والتي ذكر أنه تصل إلى نحو 100 شيقل شهريا على كل واحد منهم.
وتتفق سماح العيسة وهو مدرسة حكومية بالحديث بإيجابية عن الاشتراك بطاقة كهربائية من المولدات ذات الإنتاج العالي "خاصة أنها تغنينا عن طول انتظار وصل الكهرباء في ظل فترات انقطاعها التي تتراوح لأكثر من ثمانية ساعات على الأقل".
كما تبرز العيسة أن الاشتراك بمولد خارجي يعد خياراً أكثر أمنا لها ولعائلتها نتيجة تجاربهم المريرة مع مخاطر المولدات الصغيرة، وحتى وسائل الإنارة أكثر بدائية مثل الشمع والتي سبب عشرات الكوارث لكثر من العائلات في قطاع غزة على مدار سنوات أزمة الكهرباء.
وتمنت العيسة أن تنتشر فكرة المولدات وتتطور أكثر مثل أن يجلب مستثمرون مولدات أضخم تعطي قدرة كهربائية عالية بثمن أقل، ويتم توزيعها بالتنسيق مع شركة التوزيع لضمان الأمن والسلامة، وحتى تصل للمواطنين بأسعار مقبولة.
ودفعت سنوات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ نحو عشرة أعوام إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة خاصة انقطاع التيار الكهربائي.
ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 500 ميغاواط، فيما ما يتوفر حاليا 210 ميغاواط فقط يتم توريد 120 منها من إسرائيل، و30 ميغاواط من مصر، والبقية تنتجها محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة.
ونتيجة لهذا العجز تعتمد شركة توزيع كهرباء غزة على جدول طوارئ مستمر يقوم على قطاع ثمانية ساعات وصل للكهرباء ومثلها قطع.
ويستخدم هذا الجدول في الوضع الطبيعي من العام، بينما يتحول إلى ست ساعات وصل مقابل 12 ساعة قطع عند أزمات توقف محطة توليد كهرباء غزة عن العمل بسبب نقص الوقود وهو ما يتكرر سنوياً.
ويقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إن مواطني قطاع غزة دفعوا ما يزيد عن مليار ونصف دولار خلال 10 سنوات من أزمة انقطاع الكهرباء لتوفير الطاقة البديلة للكهرباء، وهو مبلغ كان كفيل ببناء خمس محطات لتوليد للكهرباء.
ويتفق الطباع في تصريحات لموقع "بوابة اقتصاد فلسطين"، على أن المولدات ذات الإنتاج العالي في الأحياء تقدم بديلاً جيداً للمواطنين لكنه ينتقد بشدة ارتفاع تكاليف الاشتراك فيها ما يجعلها "نموذج لاستغلال حاجة المواطنين المتعطشين للكهرباء".
ويشير الطباع إلى أن كهرباء المولدات تباع للمواطنين بمبلغ 4 شيقل لكل كيلو وات في حين أن ثمن الكيلو من شركة الكهرباء لا يزيد على نصف شيقل للاشتراك المنزلي العادي، وبالتالي فإن هذه المشاريع تصبح في إطار استغلال الأزمة لجمع المال فقط.
كما ينبه إلى أن تمديدات المولدات تسير وسط أحياء سكنية مكتظة وبجانب منازل، وهي على الأغلب تتم دون اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة، وتعرض المواطنين للخطر فمن الممكن أن يصاب الأطفال بتماس كهربائي، أو في حال حدوث تماس، ممكن أن تتسبب في إشعال حرائق.
وعليه يقترح الطباع ضرورة أن تتولى شركة الكهرباء مهمة جلب مولدات ذات إنتاج عالي ووضعها قرب الأحياء، وضخ الكهرباء التي تولدها في الشبكة مباشرة ليستفيد منها المواطنين وتخفف من معاناتهم مع ضمان اتخاذ تدابير السلامة اللازمة وتحديد أسعار مناسبة للمستهلكين.